الرواة | المعصومين | متن الحديث | |
---|---|---|---|
" إن الله تعالى إذا كان عشية عرفة وضحوة يوم منى، باهى كرام ملائكته بالواقفين بعرفات ومنى وقال لهم: هؤلاء عبادي وإمائي حضروني ههنا من البلاد السحيقة، شعثا غبرا، قد فارقوا شهواتهم، وبلادهم وأوطانهم، وأخوانهم ابتغاء مرضاتي، ألا فانظروا إلى قلوبهم وما فيها، فقد قويت أبصاركم يا ملائكتي على الاطلاع عليها. قال: فتطلع الملائكة على قلوبهم، فيقولون: يا ربنا اطلعنا عليها، وبعضها سود مدلهمة يرتفع عنها دخان كدخان جهنم. فيقول الله: اولئك الاشقياء الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟ تلك قلوب خاوية من الخيرات، خاليا من الطاعات، مصرة على المرديات المحرمات، تعتقد تعظيم من أهناه، وتصغير من فخمناه وبجلناه، لئن وافوني كذلك لاشددن عذابهم، ولاطيلن حسابهم. تلك قلوب اعتقدت أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله كذب على الله أو غلط عن الله في تقليده أخاه ووصيه إقامة أود عباد الله، والقيام بسياساتهم، حتى يروا الامن في إقامة الدين في انقاذ؟؟ الهالكين، وتعليم الجاهلين، وتنبيه الغافلين الذين بئس المطايا إلى جهنم مطاياهم. ثم يقول الله عزوجل: يا ملائكتي انظروا. فينظرون فيقولون: يا ربنا قد اطلعنا على قلوب هؤلاء الآخرين، وهي بيض مضيئة ترفع عنها الانوار إلى السماوات والحجب، وتخرقها إلى أن تستقر عند ساق عرشك يا رحمن. يقول الله عزوجل: اولئك السعداء الذين تقبل الله أعمالهم وشكر سعيهم في الحياة الدنيا، فانهم قد أحسنوا فيها صنعا تلك قلوب حاوية للخيرات، مشتملة على الطاعات، مدمنة على المنجيات المشرفات، تفتقد تعظيم من عظمناه، وإهانة من أرذلناه، لئن وافوني كذلك لاثقلن من جهة الحسنات موازينهم، ولا خففن من جهة السيئات موازينهم، ولا عظمن أنوارهم، ولاجعلن في دار كرامتي ومستقر رحمتي محلهم وقرارهم. تلك قلوب اعتقدت أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله هو الصادق في كل أقواله، المحق في كل أفعاله، الشريف في كل خلاله، المبرز بالفضل في جميع خصاله وأنه قد أصاب في نصبه أمير المؤمنين عليا إماما، وعلما على دين الله واضحا، واتخذوا أمير المؤمنين عليه السلام إمام هدى، واقيا من الردى، الحق ما دعا إليه، والصواب والحكمة ما دل عليه، والسعيد من وصل حبله بحبله، والشقي الهالك من خرج من جملة المؤمنين به والمطيعين له. نعم المطايا إلى الجنان مطاياهم، سوف ننزلهم منها أشرف غرف الجنان، ونسقيهم من الرحيق المختوم من أيدي الوصائف والولدان، وسوف نجعلهم في دار السلام من رفقاء محمد نبيهم زين أهل الاسلام، وسوف يضمهم الله تعالى إلى جملة شيعة علي القرم الهمام، فنجعلهم بذلك من ملوك جنات النعيم، الخالدين في العيش السليم، والنعيم المقيم. هنيئا لهم هنيئا جزاءا بما اعتقدوه وقالوا، بفضل الله الكريم الرحيم نالوا ما نالوه. قوله عزوجل: "" واذكروا الله في أيام معدودات. فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم اليه تحشرون""203. " | Details | ||
" قال على بن الحسين عليهما السلام وهو واقف بعرفات للزهري: كم تقدر ههنا من الناس؟. قال: اقدر أربعة آلاف ألف وخمسمائة ألف كلهم حجاج قصدوا الله بأمالهم ويدعونه بضجيج أصواتهم. فقال له: يا زهري ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج ! فقال الزهري: كلهم حجاج، أفهم قليل؟. فقال له: يا زهري أدن لي وجهك. فأدناه إليه، فمسح بيده وجهه، ثم قال: انظر. فنظر إلى الناس، قال الزهري: فرأيت أولئك الخلق كلهم قردة، لا أرى فيهم إنسانا إلا في كل عشرة آلاف واحدا من الناس. ثم قال لي: ادن مني يا زهري. فدنوت منه، فمسح بيده وجهي ثم قال: أنظر. فنظرت إلى الناس، قال الزهري: فرأيت اولئك الخلق كلهم خنازير، ثم قال لي: ادن لي وجهك. فأدنيت منه، فمسح بيده وجهي، فاذا هم كلهم ذئبة إلا تلك الخصائص من الناس نفرا يسيرا. فقلت: بأبي وامي يابن رسول الله قد أدهشتني آياتك، وحيرتني عجائبك ! قال: يا زهري ماالحجيج من هؤلاء إلا النفر اليسير الذين رأيتهم بين هذا الخلق الجم الغفير. ثم قال لي: امسح يدك على وجهك. ففعلت، فعاد اولئك الخلق في عيني ناسا كما كانوا أولا. ثم قال لي: من حج ووالى موالينا، وهجر معادينا، ووطن نفسه على طاعتنا، ثم حضر هذا الموقف مسلما إلى الحجر الاسود ما قلده الله من أماناتنا، ووفيا بما ألزمه من عهودنا، فذلك هو الحاج، والباقون هم من قد رأيتهم. يا زهري حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ليس الحاج المنافقين المعادين لمحمد وعلي ومحبيهما الموالين لشانئهما. وإنما الحاج المؤمنون المخلصون الموالون لمحمد وعلي ومحبيهما، المعادون لشانئهما، إن هؤلاء المؤمنين الموالين لنا، المعادين لاعدائنا لتسطع أنوارهم في عرصات القيامة على قدر موالاتهم لنا.فمنهم من يسطع نوره مسيرة ألف سنة.ومنهم من يسطع نوره مسيرة ثلاثمائة ألف سنة وهو جميع مسافة تلك العرصات. ومنهم من يسطع نوره إلى مسافات بين ذلك يزيد بعضها على بعض على قدر مراتبهم في موالاتنا ومعاداة أعدائنا، يعرفهم أهل العرصات من المسلمين والكافرين بأنهم الموالون المتولون والمتبرؤون. يقال لكل واحد منهم: يا ولي الله انظر في هذه العرصات إلى كل من أسدى إليك في الدنيا معروفا، أو نفس عنك كربا، أو أغاثك إذ كنت ملهوفا، أو كف عنك عدوا، أو أحسن إليك في معاملته، فأنت شفيعه. فان كان من المؤمنين المحقين زيد بشفاعته في نعم الله عليه، وإن كان من المقصرين كفى تقصيره بشفاعته، وإن كان من الكافرين خفف من عذابه بقدر إحسانه إليه. وكأني بشيعتنا هولاء يطيرون في تلك العرصات كالبزاة والصقور، فينقضون على من أحسن في الدنيا إليهم انقضاض البزاة والصقور على اللحوم تتلقفها وتحفظها فكذلك يلتقطون من شدائد العرصات من كان أحسن إليهم في الدنيا فيرفعونهم إلى جنات النعيم. و قال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله إنا إذا وقفنا بعرفات وبمنى، ذكرنا الله ومجدناه، وصلينا على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وذكرنا آباءنا أيضا بمآثرهم ومناقبهم وشريف أعمالهم نريد بذلك قضاء حقوقهم فقال على بن الحسين عليهما السلام: أولا أنبئكم بما هو أبلغ في قضاء الحقوق من ذلك؟ قالوا: بلى يابن رسول الله. قال: أفضل من ذلك أن تجددوا على أنفسكم ذكر توحيد الله والشهادة به، وذكر محمد صلى الله عليه وآله رسول الله، والشهادة له بأنه سيد النبيين، وذكر علي عليه السلام ولي الله، والشهادة له بأنه سيد الوصيين، وذكر الائمة الطاهرين من آل محمد الطيبين بأنهم عباد الله المخلصين. " | Details | ||
" قال الامام عليه السلام: قال الله عزوجل للحاج: (فاذا أفضتم من عرفات) ومضيتم إلى المزدلفة (فاذكروا الله عند المشعر الحرام) بآلائه ونعمائه، والصلاة على محمد سيد أنبيائه، وعلى علي سيد أصفيائه، واذكروا الله (كما هديكم) لدينه والايمان برسوله (وإن كنتم من قبله لمن الضالين) عن دينه من قبل أن يهديكم إلى دينه. (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) ارجعوا من المشعر الحرام من حيث رجع الناس من "" جمع "" والناس ههنا في هذا الموضع الحاج غير الحمس فان الحمس كانوا لا يفيضون من جمع. (واستغفروا الله) لذنوبكم (إن الله غفور رحيم) للتائبين. (فاذا قضيتم مناسككم) التي سنت لكم في حجكم (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) اذكروا الله بآلائه لديكم وإحسانه إليكم فيما وفقكم له من الايمان بنبوة محمد صلى الله عليه وآله سيد الانام واعتقاد وصيه أخيه علي زين أهل الاسلام كذكركم آباءكم بأفعالهم ومآثرهم التي تذكرونها (أو أشد ذكرا) خيرهم بين ذلك ولم يلزمهم أن يكونوا له أشد ذكرا منهم لآبائهم وإن كانت نعم الله عليهم أكثر وأعظم من نعم أبائهم. ثم قال الله عزوجل (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا) أموالها وخيراتها (وماله في الاخرة من خلاق) نصيب لانه لا يعمل لها عملا ولا يطلب فيها خيرا. (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة) خيراتها (وفي الاخرة حسنة) من نعم جناتها (وقنا عذاب النار) نجنا من عذاب النار وهم بالله مؤمنون وبطاعته عاملون ولمعاصيه مجانبون (أولئك) الداعون بهذا الدعاء على هذا الوصف (لهم نصيب مما كسبوا) من ثواب ما كسبوا في الدنيا وفي الآخرة. (والله سريع الحساب) لانه لا يشغله شأن عن شأن، ولا محاسبة أحد من محاسبة آخر، فاذا حاسب واحدا فهو في تلك الحال محاسب للكل، يتم حساب الكل بتمام حساب واحد، وهو كقوله (ماخلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) لا يشغله خلق واحد عن خلق آخر ولا بعث واحد عن بعث آخر. " | Details | ||
" قال صلى الله عليه وآله: فكيف تجد قلبك لا خوانك المؤمنين الموافقين لك في محبتهما وعداوة أعدائهما؟ قال: أراهم كنفسي، يؤلمني ما يؤلمهم، ويسرني ما يسرهم، ويهمني ما يهمهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فأنت إذا ولي الله لا تبال، فانك قد توفر عليك ما ذكرت ما أعلم أحدا من خلق الله له ربح كربحك إلا من كان على مثل حالك، فليكن لك ما أنت عليه بدلا من الاموال فافرح به، وبدلا من الولد والعيال فأبشر به، فانك من أغنى الاغنياء، وأحي أوقاتك بالصلاة على محمد وعلى وآلهما الطيبين. ففرح الرجل وجعل يقولها. فقال ابن أبي هقاقم - وقد رآه -: يا فلان قد زودك محمد الجوع والعطش. وقال له أبوالشرور: قد زودك محمد الاماني الباطلة، ما أكثر ما تقولها ولا يجئ بطائل.وقد حضر الرجل السوق في غدو، وقد حضرا، فقال أحدهما للاخر: هلم نطنز بهذا المغرور بمحمد. فقال له أبوالشرور: يا عبدالله قد اتجر الناس اليوم وربحوا، فماذا كانت تجارتك؟ قال الرجل: كنت من النظارة، ولم يكن لي ما أشتري ولا ما أبيع، لكني كنت أصلي على محمد وعلي وآلهما الطيبين. فقال له أبوالشرور: قد ربحت الخيبة، واكتسبت الخرقة والحرمان، وسبقك إلى منزلك مائدة الجوع عليها طعام من التمني وإدام وألوان من أطعمة الخيبة التي تتخذها لك الملائكة الذين ينزلون على أصحاب محمد بالخيبة والجوع والعطش والعري والذلة. فقال الرجل: كلا والله إن محمدا رسول الله، وإن من آمن به فمن المحقين السعيدين، سيوفر الله من آمن به بما يشاء من سعة يكون بها متفضلا، ومن ضيق يكون به عادلا ومحسنا للنظر له، وأفضلهم عنده أحسنهم تسليما لحكمه. فلم يلبث الرجل أن مر بهم رجل بيده سمكة قد أراحت، فقال، أبوالشرور وهو يطنز: بع هذه السمكة من صاحبنا هذا.يعني صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الرجل: اشترها مني فقد بارت علي. فقال: لا شئ معي. فقال أبوالشرور: اشترها ليؤدي ثمنها رسول الله - وهو يطنز - ألست تثق برسول الله؟ أفلا تبسط إليه في هذا القدر؟ فقال: نعم بعنيها. فقال الرجل: قد بعتكها بدانق.فاشتراها بدانقين على أن يحيله على رسول الله صلى الله عليه وآله. فبعث به إلى رسول الله، فأمر رسول الله اسامة بن حارث أن يعطيه درهما. فجاء الرجل فرحا مسرورا بالدرهم وقال: إنه أضعاف قيمه سمكتي. فشقها الرجل بين أيديهم، فوجد فيها جوهرتين نفيستين قومتا مائتي ألف درهم فعظم ذلك على أبي الشرور وابن أبي هقاقم، فسعيا إلى الرجل صاحب السمكة وقالا له: ألم تر الجوهرتين؟ إنما بعته السمكة لا ما في جوفها فخذهما منه، فتناولهما الرجل من المشتري، فأخذ إحديهما بيمينه، والآخرى بشماله، فحولهما الله عقربين لدغتاه، فأوه وصاح ورمى بهما من يده، فقال: ما أعجب سحر محمد. ثم أعاد الرجل نظره إلى بطن السمكة، فاذا جوهرتان أخريان، فأخذهما، فقالا لصاحب السمكة: خذهما فهما لك أيضا. فذهب يأخذهما فتحولتا حيتين، ووثبتا عليه ولسعتاه، فصاح وتأوه وصرخ، وفال للرجل: خذهما عني. فقال الرجل: هما لك على ما زعمت، وأنت أولى بهما. فقال الرجل: خذ والله جعلتهما لك. فتناولهما الرجل عنه، وخلصه منهما، فاذا هما قد عادتا جوهرتين وتناول العقربين فعادتا جوهرتين. فقال أبوالشرور لابي الدواهي: أما ترى سحر محمد ومهارته فيه وحذقه به؟ فقال الرجل المسلم: ياعدو الله أو سحرا ترى هذا؟ لئن كان هذا سحرا فالجنة والنار أيضا تكونان بالسحر؟ ! فالويل لكما في مقامكما على تكذيب من يسحر بمثل الجنة والنار. فانصرف الرجل صاحب السمكة وترك الجواهر الاربعة على الرجل. فقال الرجل لابي الشرور ولابي الدواهي: يا ويلكما آمنا بمن آثر نعم الله عليه صلى الله عليه وآله وعلى من يؤمن به، أما رأيتما العجب العجيب؟ ثم جاء بالجواهر الاربعة إلى رسول الله، وجاء تجار غرباء، يتجرون فاشتروها منه بأربعمائة ألف درهم. فقال الرجل: ما كان أعظم بركة سوقي اليوم يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا بتوقيرك محمدا رسول الله، وتعظميك عليا عليه السلام، أخا رسول الله ووصيه، وهو عاجل ثواب الله لك، وربح عملك الذي عملته، أفتحب أن أدلك على تجارة تشغل هذه الاموال بها؟ قال: بلى يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اجعلها بذور أشجار الجنان. قال: كيف أجعلها؟ قال: واس منها إخوانك المؤمنين المساوين لك في موالاتنا وموالاة أوليائنا ومعاداة أعدائنا، وآثر بها إخوانك المؤمنين المقصرين عنك في رتب محبتنا، وساو فيها إخوانك المؤمنين الفاضلين عليك في المعرفة بحقنا، والتوقير لشأننا، والتعظيم لامرنا، ومعاداة أعدئنا، ليكون ذلك بذور شجر الجنان. أما إن كل حبة تنفقها على إخوانك المؤمنين الذين ذكرتهم لتربى لك حتى تجعل كألف ضعف أبي قبيس، وألف ضعف أحد وثور وثبير فتبنى لك بها قصور في الجنة شرفها الياقوت، وقصور الجنة شرفها الزبرجد. فقام رجل وقال: يا رسول الله فأنا فقير، ولم أجد مثل ما وجد هذا، فما لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لك منا الحب الخالص، والشفاعة النافعة المبلغة أرفع درجات العلى بموالاتك لنا أهل البيت، ومعاداتك أعداءنا. قوله عزوجل: "" فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هديكم وان كنتم من قبله لمن الضالين . ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم . فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الاخرة من خلاق . ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الاخرة حسنة وقنا عذاب النار . اولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب "" 202 . " | Details | ||
" ولقد جاء رجل يوما إلى علي بن الحسين عليهما السلام برجل يزعم أنه قاتل أبيه فاعترف، فأوجب عليه القصاص، وسأله أن يعفو عنه ليعظم الله ثوابه، فكأن نفسه لم تطب بذلك. فقال علي بن الحسين عليه السلام للمدعي ولي الدم المستحق للقصاص: إن كنت تذكر لهذا الرجل عليك حقا فهب له هذه الجناية، واغفر له هذا الذنب. قال: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله له علي حق ولكن لم يبلغ به أن أعفو له عن قتل والدي. قال: فتريد ماذا؟ قال: أريد القود فان أراد لحقه علي أن أصالحه على الدية صالحته وعفوت عنه. قال علي بن الحسين عليهما السلام: فماذا حقه عليك؟ قال: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله لقنني توحيد الله ونبوة رسول الله، وإمامة علي بن أبي طالب والائمة عليهمالسلام. فقال علي بن الحسين عليهما السلام: فهذا لا يفى بدم أبيك؟ ! بلى والله، هذا يفي بدماء أهل الارض كلهم من الاولين والآخرين سوى الانبياء و الائمة عليهمالسلام إن قتلوا فانه لا يفي بدمائهم شئ، أو تقنع منه بالدية؟ قال: بلى. قال علي بن الحسين عليه السلام للقاتل: أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتى أبذل لك الدية فتنجو بها من القتل؟ قال يابن رسول الله صلى الله عليه وآله أنا محتاج إليها، وأنت مستغن عنها فان ذنوبي عظيمة، وذنبي إلى هذا المقتول أيضا بيني وبينه، ولا بيني وبين وليه هذا. قال على بن الحسين عليهما السلام: فتستسلم للقتل أحب إليك من نزولك عن ثواب هذا التلقين؟ قال: بلى يابن رسول الله. فقال على بن الحسين عليه السلام لولي المقتول: يا عبدالله قابل بين ذنبه هذا إليك، وبين تطوله عليك، قتل أباك فحرمه لذة الدنيا، وحرمك التمتع به فيها، على أنك إن صبرت وسلمت فرفيق أبيك في الجنان، ولقنك إلايمان فأوجب لك به جنة الله الدائمة، وأنقذك من عذابه الدائم، فاحسانه إليك أضعاف أضعاف جنايته عليك فاما أن تعفو عنه جزاءا على إحسانه إليك؟ ! لاحدثكما بحديث من فضل رسول الله صلى الله عليه وآله خير لكما من الدنيا بما فيها، وإما أن تأبى أن تعفو عنه حتى أبذل لك الدية لتصالحه عليها، ثم أحدثه بالحديث دونك، ولما يفوتك من ذلك الحديث خير من الدنيا بما فيها لو اعتبرت به. فقال الفتى: يابن رسول الله: قد عفوت عنه بلا دية، ولا شئ إلا ابتغاء وجه الله ولمسألتك في أمره، فحدثنا يابن رسول الله بالحديث. قال على بن الحسين عليهما السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث إلى الناس كافة بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا، جعلت الوفود ترد عليه، والمنازعون يكثرون لديه، فمن مريد قاصد للحق منصف متبين مايورده عليه رسول الله صلى الله عليه وآله من آياته ويظهر له من معجزاته، فلا يلبث أن يصير أحب خلق الله تعالى إليه وأكرمهم عليه، ومن معاند يجحد ما يعلم ويكابره فيما يفهم، فيبوء باللعنة على اللعنة قد صوره عناده وهو من العالمين في صورة الجاهلين. فكان ممن قصد رسول الله لمحاجته ومنازعته طوائف فيهم معاندون مكابرون وفيهم منصفون متبينون متفهمون، فكان منهم سبعة نفر يهود وخمسة نصارى وأربعة صابئون وعشرة مجوس وعشرة ثنوية وعشرة براهمة وعشرة دهرية معطلة وعشرون من مشركي العرب جمعهم منزل قبل ورودهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وفي المنزل من خيار المسلمين نفر منهم: عمار بن ياسر، وخباب بن الارت، والمقداد بن الاسود، وبلال. فاجتمع أصناف الكافرين يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وما يدعيه من الآيات، ويذكر في نفسه من المعجزات، فقال بعضهم: إن معنا في هذا المنزل نفرا من أصحابه، وهلموا بنا إليهم نسألهم عنه قبل مشاهدته، فلعلنا أن نقف من جهتهم على بعض أحواله في صدقه وكذبه، فجاءوا إليهم، فرحبوا بهم وقالوا: أنتم من أصحاب محمد؟ قالوا: بلى، نحن من أصحاب محمد سيد الاولين والآخرين، والمخصوص بأفضل الشفاعات في يوم الدين، ومن لو نشر الله تعالى جميع أنبيائه، فحضروه لم يلقوه إلا مستفيدين من علومه، آخذين من حكمته، ختم الله تعالى به النبيين، وتمم به المكارم، وكمل به المحاسن، فقالوا: فبما ذا أمركم محمد؟ فقالوا: أمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصل الارحام، وننصف للانام، ولا نأتي إلى عباد الله بما لا نحب أن يأتوا به إلينا، وأن نعتقد ونعترف أن محمدا سيد الاولين والآخرين، وأن عليا عليه السلام أخاه سيد الوصيين، وأن الطيبين من ذريته المخصوصين بالامامة هم الائمة على جميع المكلفين الذين أوجب الله تعالى طاعتهم وألزم متابعتهم وموالاتهم. فقالوا: يا هؤلاء هذه أمور لا تعرف إلا بحجج ظاهرة، ودلائل باهرة، وأمور بينة ليس لاحد أن يلزمها أحدا بلا أمارة تدل عليها، ولا علامة صحيحة تهدي إليها، أفرأيتم له آيات بهرتكم، وعلامات ألزمتكم؟ قالوا: بلى والله، لقد رأينا ما لامحيص عنه، ولا معدل ولا ملجأ، ولا منجا لجاحده من عذاب الله، ولا موئل فعلمنا أنه المخصوص برسالات الله المؤيد بآيات الله، المشرف بما اختصه الله به من علم الله، قالوا: فما الذي رأيتموه؟ قال عمار بن ياسر: أما الذي رأيته أنا، فاني قصدته وأنا فيه شاك، فقلت: يا محمد لا سبيل إلى التصديق بك مع استيلاء الشك فيك على قلبي، فهل من دلالة؟ قال: بلى. قلت: ما هي؟ قال: إذا رجعت إلى منزلك فاسأل عني ما لقيت من الاحجار والاشجار تصدقني برسالتي، وتشهد عندك بنبوتي. فرجعت فما من حجر لقيته، ولا شجر رأيته إلا ناديته: يا أيها الحجر، يا أيها الشجر، إن محمدا يدعي شهادتك بنبوته، وتصديقك له برسالته، فبماذا تشهد له؟ فنطق الحجر والشجر: أشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله رسول ربنا. هذا آخر ما وجد من هذا التفسير في هذا الموضع، ونرجو من الله أن يرزقنا تمام هذا التفسير، وجملة ذلك الكتاب الكبير سيما هذا الحديث الشريف المشتمل على المعجزات الظاهرة والآيات الباهرة الشاهدة على حقية نبوة البشير النذير والسراج المنير، عليه وعلى آله صلوات الله الملك الكبير. بسم الله الرحمن الرحيم شئ آخر مما وقع إلينا من هذا التفسير من موضع آخر من هذه السورة أيضا وهو آخر تفسير قوله تعالى: "" ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم "" الاية: 198. " | Details |