Index

Search by: Hadeeth   Bab

الكتاب الباب الرواة المعصومين متن الحديث
كتاب الروضة علي بن محمد ، عمن ذكره ، عن محمد بن الحسين ؛ وحميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي جميعا ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن رجل من أصحابه ، قال : قرأت جوابا من أبي عبد الله عليه‌ السلام إلى رجل من أصحابه : «أما بعد ، فإني أوصيك بتقوى الله ؛ فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب ، ويرزقه من حيث لايحتسب ، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ، ويأمن العقوبة من ذنبه ؛ فإن الله ـ عزوجل ـ لايخدع عن جنته ، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله ». Details      
كتاب الروضة علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن عيسى رفعه ، قال : «إن موسى عليه‌ السلام ناجاه الله ـ تبارك وتعالى ـ فقال له في مناجاته : يا موسى ، لايطول في الدنيا أملك ، فيقسو لذلك قلبك ، وقاسي القلب مني بعيد. يا موسى ، كن كمسرتي فيك ، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى ، وأمت قلبك بالخشية ، وكن خلق الثياب ، جديد القلب ، تخفى على أهل الأرض ، وتعرف في أهل السماء ، حلس البيوت ، مصباح الليل ، واقنت بين يدي قنوت الصابرين ، وصح إلي من كثرة الذنوب صياح المذنب الهارب من عدوه ، واستعن بي على ذلك ، فإني نعم العون ، ونعم المستعان. يا موسى ، إني أنا الله فوق العباد ، والعباد دوني ، وكل لي داخرون ، فاتهم نفسك على نفسك ، ولا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين. يا موسى ، اغسل واغتسل ، واقترب من عبادي الصالحين. يا موسى ، كن إمامهم في صلاتهم ، وإمامهم فيما يتشاجرون ، واحكم بينهم بما أنزلت عليك فقد أنزلته حكما بينا ، وبرهانا نيرا ، ونورا ينطق بما كان في الأولين ، وبما هو كائن في الآخرين. أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى ابن مريم صاحب الأتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب ، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر ، فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب كلها ، وأنه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين ، وأنصاره قوم آخرون ، ويكون في زمانه أزل وزلزال وقتل وقلة من المال ، اسمه أحمد محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين الماضين ، يؤمن بالكتب كلها ، ويصدق جميع المرسلين ، ويشهد بالإخلاص لجميع النبيين ، أمته مرحومة مباركة ما بقوا في الدين على حقائقه ، لهم ساعات موقتات ، يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سيده نافلته ، فبه فصدق ، ومنهاجه فاتبع ، فإنه أخوك. يا موسى ، إنه أمي ، وهو عبد صدق ، يبارك له فيما وضع يده عليه ، ويبارك عليه ، كذلك كان في علمي وكذلك خلقته ، به أفتح الساعة ، وبأمته أختم مفاتيح الدنيا ، فمر ظلمة بني إسرائيل أن لايدرسوا اسمه ، ولا يخذلوه ، وإنهم لفاعلون ، وحبه لي حسنة ، فأنا معه ، وأنا من حزبه ، وهو من حزبي ، وحزبهم الغالبون ، فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان كلها ، ولأعبدن بكل مكان ، ولأنزلن عليه قرآنا فرقانا شفاء لما في الصدور من نفث الشيطان ، فصل عليه يا ابن عمران ، فإني أصلي عليه وملائكتي. يا موسى ، أنت عبدي ، وأنا إلهك ، لاتستذل الحقير الفقير ، ولا تغبط الغني بشيء يسير ، وكن عند ذكري خاشعا ، وعند تلاوته برحمتي طامعا ، وأسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين ، اطمئن عند ذكري ، وذكر بي من يطمئن إلي ، واعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وتحر مسرتي ، إني أنا السيد الكبير ، إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة ، فكانت بشرا ، فأنا صانعها خلقا ، فتبارك وجهي ، وتقدس صنعي ، ليس كمثلي شيء ، وأنا الحي الدائم الذي لا أزول . يا موسى ، كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا ، عفر وجهك لي في التراب ، واسجد لي بمكارم بدنك ، واقنت بين يدي في القيام ، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، واحي بتوراتي أيام الحياة ، وعلم الجهال محامدي ، وذكرهم آلائي ونعمتي ، وقل لهم : لايتمادون في غي ما هم فيه ، فإن أخذي أليم شديد. يا موسى ، إذا انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذم نفسك ، فهي أولى بالذم ، ولا تتطاول بكتابي على بني إسرائيل ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى. يا موسى ، متى ما دعوتني ورجوتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبح لي وجلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، والأرض تسبح لي طمعا ، وكل الخلق يسبحون لي داخرون . ثم عليك بالصلاة الصلاة ؛ فإنها مني بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، وألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال والطعام ؛ فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي ، واقرن مع ذلك صلة الأرحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ، ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قطعها ، وواصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري. يا موسى ، أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير ؛ فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ، وكيف مواساتك فيما خولتك ، واخشع لي بالتضرع ، واهتف لي بولولة الكتاب ، واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ به شرف المنازل ، وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الأولين. يا موسى ، لاتنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال ؛ فإن نسياني يقسي القلوب ، ومع كثرة المال كثرة الذنوب ، الأرض مطيعة ، والسماء مطيعة ، والبحار مطيعة ، وعصياني شقاء الثقلين ، وأنا الرحمن الرحيم ، رحمان كل زمان ، آتي بالشدة بعد الرخاء ، وبالرخاء بعد الشدة ، وبالملوك بعد الملوك ، وملكي دائم قائم لايزول ، ولا يخفى علي شيء في الأرض ولا في السماء ، وكيف يخفى علي ما مني مبتدؤه؟ وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي ترجع لامحالة؟ يا موسى ، اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزك من الصالحات ، وخفني ولا تخف غيري ، إلي المصير. يا موسى ، ارحم من هو أسفل منك في الخلق ، ولا تحسد من هو فوقك ، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. يا موسى ، إن ابني آدم تواضعا في منزلة لينالا بها من فضلي ورحمتي ، فقربا قربانا ، ولا أقبل إلا من المتقين ، فكان من شأنهما ما قد علمت ، فكيف تثق بالصاحب بعد الأخ والوزير؟ يا موسى ، ضع الكبر ، ودع الفخر ، واذكر أنك ساكن القبر ، فليمنعك ذلك من الشهوات. يا موسى ، عجل التوبة ، وأخر الذنب ، وتأن في المكث بين يدي في الصلاة ، ولا ترج غيري ، اتخذني جنة للشدائد ، وحصنا لملمات الأمور . يا موسى ، كيف تخشع لي خليقة لاتعرف فضلي عليها؟ وكيف تعرف فضلي عليها وهي لاتنظر فيه؟ وكيف تنظر فيه وهي لاتؤمن به؟ وكيف تؤمن به وهي لا ترجو ثوابا؟ وكيف ترجو ثوابا وهي قد قنعت بالدنيا ، واتخذتها مأوى ، وركنت إليها ركون الظالمين؟ يا موسى ، نافس في الخير أهله ، فإن الخير كاسمه ، ودع الشر لكل مفتون. يا موسى ، اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار . يا موسى ، أطب الكلام لأهل الترك للذنوب ، وكن لهم جليسا ، واتخذهم لغيبك إخوانا ، وجد معهم يجدون معك. يا موسى ، الموت لاقيك لامحالة ، فتزود زاد من هو على ما يتزود وارد . يا موسى ، ما أريد به وجهي فكثير قليله ، وما أريد به غيري فقليل كثيره ، وإن أصلح أيامك الذي هو أمامك ، فانظر أي يوم هو ، فأعد له الجواب ، فإنك موقوف ومسئول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله ، فإن الدهر طويله قصير ، وقصيره طويل ، وكل شيء فان ، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة ، فإن ما بقي من الدنيا كما ولى منها ، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال ، فكن مرتادا لنفسك يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال ، فهنالك يخسر المبطلون. يا موسى ، ألق كفيك ذلا بين يدي كفعل العبد المستصرخ إلى سيده ، فإنك إذا فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم القادرين. يا موسى ، سلني من فضلي ورحمتي ، فإنهما بيدي ، لايملكهما أحد غيري ، وانظر حين تسألني كيف رغبتك فيما عندي ، لكل عامل جزاء ، وقد يجزى الكفور بما سعى. يا موسى ، طب نفسا عن الدنيا ، وانطو عنها ؛ فإنها ليست لك ، ولست لها ، ما لك ولدار الظالمين إلا لعامل فيها بالخير ، فإنها له نعم الدار. يا موسى ، ما آمرك به فاسمع ، ومهما أراه فاصنع ، خذ حقائق التوراة إلى صدرك ، وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار ، ولا تمكن أبناء الدنيا من صدرك ، فيجعلونه وكرا كوكر الطير. يا موسى ، أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم لبعض ، فكل مزين له ما هو فيه ، والمؤمن من زينت له الآخرة ، فهو ينظر إليها ما يفتر ، قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش ، فأدلجته بالأسحار كفعل الراكب السائق إلى غايته ، يظل كئيبا ، ويمسي حزينا ، فطوبى له لو قد كشف الغطاء ما ذا يعاين من السرور؟ يا موسى ، الدنيا نطفة ليست بثواب للمؤمن ، ولا نقمة من فاجر ، فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق ، وبلعسة لم تدم ، وكذلك فكن كما أمرتك ، وكل أمري رشاد. يا موسى ، إذا رأيت الغنى مقبلا ، فقل : ذنب عجلت لي عقوبته ، وإذا رأيت الفقر مقبلا ، فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، ولا تكن جبارا ظلوما ، ولا تكن للظالمين قرينا. يا موسى ، ما عمر وإن طال يذم آخره ، وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته . يا موسى ، صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر ، فكيف ترقد على هذا العيون ، أم كيف يجد قوم لذة العيش لو لا التمادي في الغفلة ، والاتباع للشقوة ، والتتابع للشهوة ، ومن دون هذا يجزع الصديقون؟ يا موسى ، مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا لي أني أرحم الراحمين ، مجيب المضطرين ، وأكشف السوء ، وأبدل الزمان ، وآتي بالرخاء ، وأشكر اليسير ، وأثيب الكثير ، وأغني الفقير ، وأنا الدائم العزيز القدير ، فمن لجأ إليك وانضوى إليك من الخاطئين ، فقل : أهلا وسهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين ، واستغفر لهم ، وكن لهم كأحدهم ، ولا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله ، وقل لهم : فليسألوني من فضلي ورحمتي ، فإنه لايملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم. طوبى لك يا موسى كهف الخاطئين ، وجليس المضطرين ، ومستغفر للمذنبين إنك مني بالمكان الرضي ، فادعني بالقلب النقي ، واللسان الصادق ، وكن كما أمرتك ، أطع أمري ، ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدؤه ، وتقرب إلي فإني منك قريب ، فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله ، إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك ، وأن تسألني فأعطيك ، وأن تتقرب إلي بما مني أخذت تأويله ، وعلي تمام تنزيله. يا موسى ، انظر إلى الأرض ، فإنها عن قريب قبرك ، وارفع عينيك إلى السماء ، فإن فوقك فيها ملكا عظيما ، وابك على نفسك ما دمت في الدنيا ، وتخوف العطب والمهالك ، ولا تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ، ولا ترض بالظلم ، ولا تكن ظالما ، فإني للظالم رصيد حتى أديل منه المظلوم . يا موسى ، إن الحسنة عشرة أضعاف ، ومن السيئة الواحدة الهلاك ، لاتشرك بي ، لايحل لك أن تشرك بي ، قارب وسدد وادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي ، النادم على ما قدمت يداه ، فإن سواد الليل يمحوه النهار ، وكذلك السيئة تمحوها الحسنة ، وعشوة الليل تأتي على ضوء النهار ، وكذلك السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسودها». Details      
كتاب الروضة محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن حمران ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌ السلام ـ وذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم ـ فقال : «إني سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل ومن خلفه خيل ، وأنا على حمار إلى جانبه ، فقال لي : يا با عبد الله ، قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة ، وفتح لنا من العز ، ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الأمر منا وأهل بيتك ، فتغرينا بك وبهم ». قال : «فقلت : ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب ، فقال لي : أتحلف على ما تقول؟». قال : «فقلت : إن الناس سحرة ، يعني يحبون أن يفسدوا قلبك علي ، فلا تمكنهم من سمعك ، فإنا إليك أحوج منك إلينا ، فقال لي : تذكر يوم سألتك : هل لنا ملك؟ فقلت : نعم طويل عريض شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام. فعرفت أنه قد حفظ الحديث ، فقلت : لعل الله ـ عزوجل ـ أن يكفيك ، فإني لم أخصك بهذا ، وإنما هو حديث رويته ، ثم لعل غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك ؛ فسكت عني. فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا ، فقال : جعلت فداك ، والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجة الله على الخلق ، وصاحب هذا الأمر الذي يقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ، ويقتل أولاد الأنبياء ، ويسفك الدماء في الأرض بما لايحب الله وهو في موكبه وأنت على حمار ، فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي». قال : «فقلت : لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه. فقال : الآن سكن قلبي ، ثم قال : إلى متى هؤلاء يملكون ، أو متى الراحة منهم ؟ فقلت : أليس تعلم أن لكل شيء مدة؟ قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك؟ إن هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنك لو تعلم حالهم عند الله ـ عزوجل ـ وكيف هي ، كنت لهم أشد بغضا ، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد مما هم فيه من الإثم ، لم يقدروا ؛ فلا يستفزنك الشيطان ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولكن المنافقين لايعلمون ، ألا تعلم أن من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا؟ فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ، ووجه على الأهواء ، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الماء ، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ، ورأيت الشر ظاهرا لاينهى عنه ويعذر أصحابه ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لايقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير يستحقر الكبير ، ورأيت الأرحام قد تقطعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله ، ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن النساء ، ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله ، فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن مرحا لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ، ويجتمع عليها من لايخاف الله عزوجل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات يحقرون ويحتقر من يحبهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا ، وسبيل الشر مسلوكا ، ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول ما لايفعله ، ورأيت الرجال يتسمنون للرجال ، والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، وأظهروا الخضاب ، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل ، وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعز من المؤمن ، وكان الربا ظاهرا لايعير ، وكان الزنى تمتدح به النساء ، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنى قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت الحلال يحرم ، ورأيت الدين بالرأي ، وعطل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لايستخفى به من الجرأة على الله ، ورأيت المؤمن لايستطيع أن ينكر إلا بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزوجل ، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ، ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهن ، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة ، ويتغاير على الرجل الذكر ، فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء ، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي ، وتنفق على زوجها ، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ، ويرضى بالدني من الطعام والشراب ، ورأيت الأيمان بالله ـ عزوجل ـ كثيرة على الزور ، ورأيت القمار قد ظهر ، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها لايمنعها أحد أحدا ، ولا يجترئ أحد على منعها ، ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف سلطانه ، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ، ورأيت من يحبنا يزور ولا تقبل شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه ، ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه ، وخف على الناس استماع الباطل ، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالأهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشر قد ظهر ، والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح ، ويبشر بها الناس بعضهم بعضا ، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن ، ورأيت الخراب قد أديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك الدماء يستخف بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ، ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى وتسند إليه الأمور ، ورأيت الصلاة قد استخف بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينشر من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ، ورأيت الهرج قد كثر ، ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران ، لايهتم بما الناس فيه ، ورأيت البهائم تنكح ، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضا ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست ، وجمدت أعينهم ، وثقل الذكر عليهم ، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس ، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من غلب ، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير ، وطالب الحرام يمدح ويعظم ، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لايحب الله ، لايمنعهم مانع ، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين ، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ، فيقول : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، ويقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ، ورأيت الميت يهزأ به ، فلا يفزع له أحد ، ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كان ، ورأيت الخلق والمجالس لايتابعون إلا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ، ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم ، لاينكر أحد منكرا تخوفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ، ويمنع اليسير في طاعة الله ، ورأيت العقوق قد ظهر ، واستخف بالوالدين ، وكانا من أسوإ الناس حالا عند الولد ، ويفرح بأن يفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك ، وغلبن على كل أمر ، لايؤتى إلا ما لهن فيه هوى ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ، ويدعو على والديه ، ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم ـ من فجور ، أو بخس مكيال ، أو ميزان ، أو غشيان حرام ، أو شرب مسكر ـ كئيبا حزينا يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره ، ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ، ويتقامر بها ، ويشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها ، وتوصف للمريض ، ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التدين به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة ، ورياح أهل الحق لا تحرك ، ورأيت الأذان بالأجر ، والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ، ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لايعقل ، ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر أكرم واتقي وخيف وترك لايعاقب ، ويعذر بسكره ، ورأيت من أكل أموال اليتامى يحمد بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسق والجرأة على الله ، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لايراد بها وجه الله ويعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم ، لايبالون بما أكلوا وما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق قد درست ، فكن على حذر ، واطلب إلى الله ـ عزوجل ـ النجاة. واعلم أن الناس في سخط الله عزوجل ، وإنما يمهلهم لأمر يراد بهم ، فكن مترقبا ، واجتهد ليراك الله ـ عزوجل ـ في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم ، عجلت إلى رحمة الله ، وإن أخرت ابتلوا ، وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عزوجل ، واعلم أن الله لايضيع أجر المحسنين ، وأن رحمة الله قريب من المحسنين». حديث موسى عليه‌ السلام Details      
كتاب الروضة عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌ السلام إذ دخل عليه أبو بصير وقد حفزه النفس ، فلما أخذ مجلسه ، قال له أبو عبد الله عليه‌ السلام : «يا با محمد ، ما هذا النفس العالي؟». فقال : جعلت فداك يا ابن رسول الله كبر سني ، ودق عظمي ، واقترب أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي. فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : «يا با محمد ، وإنك لتقول هذا؟!». قال : جعلت فداك ، وكيف لا أقول هذا؟! . فقال : «يا با محمد ، أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ، ويستحيي من الكهول؟». قال : قلت : جعلت فداك ، فكيف يكرم الشباب ، ويستحيي من الكهول؟ فقال : «يكرم الله الشباب أن يعذبهم ، ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم». قال : قلت : جعلت فداك ، هذا لنا خاصة ، أم لأهل التوحيد؟ قال : فقال : «لا ، والله إلا لكم خاصة دون العالم ». قال : قلت : جعلت فداك ، فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا ، وماتت له أفئدتنا ، واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم. قال : فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : «الرافضة؟». قال : قلت : نعم. قال : «لا ، والله ما هم سموكم ، بل الله سماكم به ، أما علمت يا با محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم ، فلحقوا بموسى عليه‌ السلام لما استبان لهم هداه ، فسموا في عسكر موسى الرافضة ؛ لأنهم رفضوا فرعون ، وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة ، وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما عليهما‌السلام ، فأوحى الله ـ عزوجل ـ إلى موسى عليه‌ السلام : أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة ، فإني قد سميتهم به ، ونحلتهم إياه ، فأثبت موسى عليه‌ السلام الاسم لهم ، ثم ذخر الله ـ عزوجل ـ لكم هذا الاسم حتى نحلكموه. يا با محمد ، رفضوا الخير ، ورفضتم الشر ، افترق الناس كل فرقة ، وتشعبوا كل شعبة ، فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، وذهبتم حيث ذهبوا ، واخترتم من اختار الله لكم ، وأردتم من أراد الله ، فأبشروا ثم أبشروا ، فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم ، والمتجاوز عن مسيئكم ، من لم يأت الله ـ عزوجل ـ بما أنتم عليه يوم القيامة ، لم يتقبل منه حسنة ، ولم يتجاوز له عن سيئة ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني . فقال : «يا با محمد ، إن لله ـ عزوجل ـ ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه ، وذلك قوله عزوجل : (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا) استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. قال : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) ؛ إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا ، وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا ، ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول جل ذكره : (وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال : (إخوانا على سرر متقابلين) والله ما أراد بهذا غيركم ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) والله ما أراد بهذا غيركم ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، لقد ذكرنا الله ـ عزوجل ـ وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه ، فقال عزوجل : (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا) الألباب) فنحن الذين يعلمون ، وعدونا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا هم أولو الألباب ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، والله ما استثنى الله ـ عز وجل ـ بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين عليه‌ السلام وشيعته ، فقال في كتابه ـ وقوله الحق ـ : (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله) يعني بذلك عليا عليه‌ السلام وشيعته ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. قال : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله تعالى في كتابه إذ يقول : (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) والله ما أراد بهذا غيركم ؛ فهل سررتك يا با محمد؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) والله ما أراد بهذا إلا الأئمة عليهم‌السلام ـ وشيعتهم ؛ فهل سررتك يا با محمد؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال : (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) فرسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله في الآية النبيون ، ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عزوجل ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. قال : «يا با محمد ، لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله : (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار) والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم ، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون ، وفي النار تطلبون ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا ، وما من آية نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا ؛ فهل سررتك يا با محمد؟». قال : قلت : جعلت فداك ، زدني. فقال : «يا با محمد ، ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا ، وسائر الناس من ذلك برآء ؛ يا با محمد ، فهل سررتك؟». وفي رواية أخرى : فقال : حسبي. حديث أبي عبد الله عليه‌ السلام مع المنصور في موكبه Details      
كتاب الروضة محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن علي ، قال : حدثنا عبد الله بن أيوب الأشعري ، عن أبي عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر ، عن سلمة بن كهيل : عن أبي الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنين عليه‌ السلام خطب الناس بالمدينة ، فقال : «الحمد لله الذي لا إله إلا هو ، كان حيا بلا كيف ، ولم يكن له كان ، ولا كان لكانه كيف ، ولا كان له أين ، ولا كان في شيء ، ولا كان على شيء ، ولا ابتدع لكانه مكانا ، ولا قوي بعد ما كون شيئا ، ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ، ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا ، ولا يشبه شيئا ، ولا كان خلوا من الملك قبل إنشائه ، ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه ، كان إلها حيا بلا حياة ، ومالكا قبل أن ينشئ شيئا ، ومالكا بعد إنشائه للكون ، وليس يكون لله كيف ، ولا أين ، ولا حد يعرف ، ولا شيء يشبهه ، ولا يهرم لطول بقائه ، ولا يضعف لذعرة ، ولا يخاف كما تخاف خليقته من شيء ، ولكن سميع بغير سمع ، وبصير بغير بصر ، وقوي بغير قوة من خلقه ، لاتدركه حدق الناظرين ، ولا يحيط بسمعه سمع السامعين ، إذا أراد شيئا كان بلا مشورة ولا مظاهرة ولا مخابرة ، ولا يسأل أحدا عن شيء من خلقه أراده (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فبلغ الرسالة ، وأنهج الدلالة صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله. أيها الأمة التي خدعت فانخدعت ، وعرفت خديعة من خدعها ، فأصرت على ما عرفت ، واتبعت أهواءها ، وضربت في عشواء غوايتها ، وقد استبان لها الحق فصدت عنه ، والطريق الواضح فتنكبته ، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه ، وشربتم الماء بعذوبته ، وادخرتم الخير من موضعه ، وأخذتم الطريق من واضحه ، وسلكتم من الحق نهجه ، لنهجت بكم السبل ، وبدت لكم الأعلام ، وأضاء لكم الإسلام ، فأكلتم رغدا ، وما عال فيكم عائل ، ولا ظلم منكم مسلم ولا معاهد ، ولكن سلكتم سبيل الظلام ، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها ، وسدت عليكم أبواب العلم ، فقلتم بأهوائكم ، واختلفتم في دينكم ، فأفتيتم في دين الله بغير علم ، واتبعتم الغواة فأغوتكم ، وتركتم الأئمة فتركوكم ، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ، إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر ، فإذا أفتوكم قلتم : هو العلم بعينه ، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه ، رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم ، وتجدون وخيم ما اجترمتم وما اجتلبتم . والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد علمتم أني صاحبكم والذي به أمرتم ، وأني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم ، ووصي نبيكم ، وخيرة ربكم ، ولسان نوركم ، والعالم بما يصلحكم ، فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم ، وما نزل بالأمم قبلكم وسيسألكم الله ـ عزوجل ـ عن أئمتكم معهم تحشرون ، وإلى الله ـ عزوجل ـ غدا تصيرون. أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت ، أو عدة أهل بدر وهم أعدادكم ، لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق ، وتنيبوا للصدق ، فكان أرتق للفتق ، وآخذ بالرفق ، اللهم فاحكم بيننا بالحق ، وأنت خير الحاكمين» . ثم خرج من المسجد ، فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة ، فقال : «والله لو أن لي رجالا ينصحون لله ـ عزوجل ـ ولرسوله بعدد هذه الشياه ، لأزلت ابن آكلة الذبان عن ملكه ». قال فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت ، فقال أمير المؤمنين عليه‌ السلام : «اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلقين » وحلق أمير المؤمنين عليه‌ السلام ، فما وافى من القوم محلقا إلا أبوذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر ، وجاء سلمان في آخر القوم ، فرفع يده إلى السماء ، فقال : «إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون ، اللهم فإنك تعلم ما نخفي وما نعلن ، وما يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء توفني مسلما ، وألحقني بالصالحين ، أما والبيت والمفضي إلى البيت ـ وفي نسخة : والمزدلفة ـ والخفاف إلى التجمير لو لاعهد عهده إلي النبي الأمي ، لأوردت المخالفين خليج المنية ، ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت ، وعن قليل سيعلمون». Details