الكتاب | الباب | الرواة | المعصومين | متن الحديث | |
---|---|---|---|---|---|
كتاب التوحيد | باب حدوث العالم وإثبات المحدث | محمد بن يعقوب ، قال : حدثني عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن داود بن فرقد ، عن أبي سعيد الزهري : عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « كفى لأولي الألباب بخلق الرب المسخر ، وملك الرب القاهر ، وجلال الرب الظاهر ، ونور الرب الباهر ، وبرهان الرب الصادق ، وما أنطق به ألسن العباد ، وما أرسل به الرسل ، وما أنزل على العباد ، دليلا على الرب عز وجل » . | Details | ||
كتاب التوحيد | باب حدوث العالم وإثبات المحدث | علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عباس بن عمرو الفقيمي : عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام وكان من قول أبي عبد الله عليه السلام : « لا يخلو قولك : « إنهما اثنان » من أن يكونا قديمين قويين ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويين ، فلم لايدفع كل واحد منهما صاحبه ، ويتفرد بالتدبير ؟ وإن زعمت أن أحدهما قوي ، والآخر ضعيف ، ثبت أنه واحد كما نقول ؛ للعجز الظاهر في الثاني. فإن قلت : إنهما اثنان ، لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة ، أو مفترقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا ، والتدبير واحدا ، والليل والنهار والشمس والقمر ، دل صحة الأمر والتدبير ، وائتلاف الأمر على أن المدبر واحد. ثم يلزمك ـ إن ادعيت اثنين ـ فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما ، قديما معهما ، فيلزمك ثلاثة ، فإن ادعيت ثلاثة ، لزمك ما قلت في الاثنين حتى يكون بينهم فرجة ، فيكونوا خمسة ، ثم يتناهى في العدد إلى ما لانهاية له في الكثرة ». قال هشام : فكان من سؤال الزنديق أن قال : فما الدليل عليه ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : « وجود الأفاعيل دلت على أن صانعا صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني ، علمت أن له بانيا وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده؟ » قال : فما هو؟ قال : « شيء بخلاف الأشياء ؛ ارجع بقولي إلى إثبات معنى ، وأنه شيء بحقيقة الشيئية ، غير أنه لاجسم ولا صورة ، ولا يحس ولا يجس ، ولا يدرك بالحواس الخمس ، لاتدركه الأوهام ، ولا تنقصه الدهور ، ولا تغيره الأزمان » . | Details | ||
كتاب التوحيد | باب حدوث العالم وإثبات المحدث | علي بن إبراهيم ، عن محمد بن إسحاق الخفاف ، أو عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق ، قال : إن عبد الله الديصاني سأل هشام بن الحكم ، فقال له : ألك رب؟ فقال : بلى ، قال : أقادر هو؟ قال : نعم ، قادر قاهر ، قال : يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة ، لاتكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟ قال هشام : النظرة ، فقال له : قد أنظرتك حولا ، ثم خرج عنه. فركب هشام إلى أبي عبد الله عليه السلام ، فاستأذن عليه ، فأذن له ، فقال له : يا ابن رسول الله ، أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « عما ذا سألك؟ » فقال : قال لي : كيت وكيت ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « يا هشام ، كم حواسك؟ » قال : خمس ، قال : « أيها أصغر؟ » قال : الناظر ، قال : « وكم قدر الناظر؟ » قال : مثل العدسة أو أقل منها ، فقال له : « يا هشام ، فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى » فقال : أرى سماء وأرضا ودورا وقصورا وبراري وجبالا وأنهارا ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لاتصغر الدنيا ولا تكبر البيضة ». فأكب هشام عليه ، وقبل يديه ورأسه ورجليه ، وقال : حسبي يا ابن رسول الله ، وانصرف إلى منزله ، وغدا عليه الديصاني ، فقال له : يا هشام ، إني جئتك مسلما ، ولم أجئك متقاضيا للجواب ، فقال له هشام : إن كنت جئت متقاضيا ، فهاك الجواب. فخرج الديصاني عنه حتى أتى باب أبي عبد الله عليه السلام ، فاستأذن عليه ، فأذن له ، فلما قعد ، قال له : يا جعفر بن محمد ، دلني على معبودي ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « ما اسمك؟ » فخرج عنه ، ولم يخبره باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك؟ قال : لو كنت قلت له : عبد الله ، كان يقول : من هذا الذي أنت له عبد؟ فقالوا له : عد إليه ، وقل له : يدلك على معبودك ، ولا يسألك عن اسمك. فرجع إليه ، فقال له : يا جعفر بن محمد ، دلني على معبودي ، ولا تسألني عن اسمي ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « اجلس » وإذا غلام له صغير ، في كفه بيضة يلعب بها ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « ناولني يا غلام البيضة » ، فناوله إياها ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « يا ديصاني ، هذا حصن مكنون ، له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة ، وفضة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة ، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها ، لم يخرج منها خارج مصلح ؛ فيخبر عن صلاحها ، ولا دخل فيها مفسد ؛ فيخبر عن فسادها ، لايدرى للذكر خلقت أم للأنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبرا؟ ». قال : فأطرق مليا ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، و أن محمدا عبده ورسوله ، وأنك إمام و حجة من الله على خلقه ، وأنا تائب مما كنت فيه . | Details | ||
كتاب التوحيد | باب حدوث العالم وإثبات المحدث | حدثني محمد بن جعفر الأسدي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي الرازي ، عن الحسين بن الحسن بن برد الدينوري ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا عليه السلام ، قال : دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن عليه السلام وعنده جماعة ، فقال أبو الحسن عليه السلام : « أيها الرجل ، أرأيت ، إن كان القول قولكم ـ وليس هو كما تقولون ـ ألسنا وإياكم شرعا سواء ، لايضرنا ما صلينا وصمنا ، وزكينا وأقررنا؟ » فسكت الرجل. ثم قال أبو الحسن عليه السلام : « وإن كان القول قولنا ـ وهو قولنا ـ ألستم قد هلكتم ونجونا؟ ». فقال : رحمك الله ، أوجدني كيف هو؟ وأين هو؟ فقال : « ويلك ، إن الذي ذهبت إليه غلط ؛ هو أين الأين بلا أين ، وكيف الكيف بلا كيف ، فلا يعرف بالكيفوفية ، ولا بأينونية ، ولا يدرك بحاسة ، ولا يقاس بشيء ». فقال الرجل : فإذا إنه لاشيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس ، فقال أبو الحسن عليه السلام : « ويلك ، لما عجزت حواسك عن إدراكه ، أنكرت ربوبيته ، ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه ، أيقنا أنه ربنا بخلاف شيء من الأشياء ». قال الرجل : فأخبرني متى كان؟ قال أبو الحسن عليه السلام : « أخبرني متى لم يكن ؛ فأخبرك متى كان؟ » قال الرجل : فما الدليل عليه؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : « إني لما نظرت إلى جسدي ، ولم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ، ودفع المكاره عنه ، وجر المنفعة إليه ، علمت أن لهذا البنيان بانيا ، فأقررت به ؛ مع ما أرى ـ من دوران الفلك بقدرته ، وإنشاء السحاب ، وتصريف الرياح ، ومجرى الشمس والقمر والنجوم ، وغير ذلك من الآيات العجيبات المبينات ـ علمت أن لهذا مقدرا ومنشئا » . | Details | ||
كتاب التوحيد | باب حدوث العالم وإثبات المحدث | عنه ، عن بعض أصحابنا رفعه ، وزاد في حديث ابن أبي العوجاء حين سأله أبو عبد الله عليه السلام ، قال : عاد ابن أبي العوجاء في اليوم الثاني إلى مجلس أبي عبد الله عليه السلام ، فجلس وهو ساكت لاينطق ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه ». فقال : أردت ذلك يا ابن رسول الله ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « ما أعجب هذا! تنكر الله وتشهد أني ابن رسول الله! ». فقال : العادة تحملني على ذلك ، فقال له العالم عليه السلام : « فما يمنعك من الكلام؟ » قال : إجلالا لك ومهابة ما ينطلق لساني بين يديك ؛ فإني شاهدت العلماء ، وناظرت المتكلمين ، فما تداخلني هيبة قط مثل ما تداخلني من هيبتك ، قال : « يكون ذلك ، ولكن أفتح عليك بسؤال » وأقبل عليه ، فقال له : « أمصنوع أنت ، أو غير مصنوع؟ » فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء : بل أنا غير مصنوع ، فقال له العالم عليه السلام : « فصف لي : لو كنت مصنوعا ، كيف كنت تكون؟ » فبقي عبد الكريم مليا لايحير جوابا ، وولع بخشبة كانت بين يديه وهو يقول : طويل عريض ، عميق قصير ، متحرك ساكن ، كل ذلك صفة خلقه ، فقال له العالم عليه السلام : « فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها ، فاجعل نفسك مصنوعا ؛ لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الأمور ». فقال له عبد الكريم : سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضى ، فما علمك أنك لاتسأل فيما بعد؟ على أنك يا عبد الكريم ، نقضت قولك ؛ لأنك تزعم أن الأشياء من الأول سواء ، فكيف قدمت وأخرت؟! ». ثم قال : « يا عبد الكريم ، أزيدك وضوحا ، أرأيت ، لو كان معك كيس فيه جواهر ، فقال لك قائل : هل في الكيس دينار؟ فنفيت كون الدينار في الكيس ، فقال لك قائل : صف لي الدينار ، وكنت غير عالم بصفته ، هل كان لك أن تنفي كون الدينار في الكيس وأنت لاتعلم؟ » قال : لا ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس ، فلعل في العالم صنعة ؛ من حيث لاتعلم صفة الصنعة من غير الصنعة ». فانقطع عبد الكريم ، وأجاب إلى الإسلام بعض أصحابه ، وبقي معه بعض. فعاد في اليوم الثالث ، فقال : أقلب السؤال؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « سل عما شئت » ، فقال : ما الدليل على حدوث الأجسام؟ فقال : « إني ما وجدت شيئا ـ صغيرا ولا كبيرا ـ إلا وإذا ضم إليه مثله ، صار أكبر ، وفي ذلك زوال وانتقال من الحالة الأولى ، ولو كان قديما ، ما زال ولا حال ؛ لأن الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل ، فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث ، وفي كونه في الأزل دخوله في القدم ، ولن تجتمع صفة الأزل والعدم ، والحدوث والقدم في شيء واحد ». فقال عبد الكريم : هبك علمت في جري الحالتين والزمانين ـ على ما ذكرت ـ فاستدللت بذلك على حدوثها ، فلو بقيت الأشياء على صغرها ، من أين كان لك أن تستدل على حدوثها ؟ فقال العالم عليه السلام : « إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع ، فلو رفعناه ووضعنا عالما آخر ، كان لاشيء أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره ، ولكن أجيبك من حيث قدرت أن تلزمنا ونقول : إن الأشياء لو دامت على صغرها ، لكان في الوهم أنه متى ضم شيء إلى مثله ، كان أكبر ، وفي جواز التغير عليه خروجه من القدم ، كما أن في تغيره دخوله في الحدث ، ليس لك وراءه شيء يا عبد الكريم ». فانقطع وخزي . فلما كان من العام القابل ، التقى معه في الحرم ، فقال له بعض شيعته : إن ابن أبي العوجاء قد أسلم ، فقال العالم عليه السلام : « هو أعمى من ذلك ، لايسلم » فلما بصر بالعالم عليه السلام ، قال : سيدي ومولاي ، فقال له العالم عليه السلام : « ما جاء بك إلى هذا الموضع؟ » فقال : عادة الجسد وسنة البلد ، ولننظر ما الناس فيه من الجنون ، والحلق ، ورمي الحجارة ، فقال له العالم عليه السلام : « أنت بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم ». فذهب يتكلم ، فقال له عليه السلام : « لا جدال في الحج » ونفض رداءه من يده ، وقال : « إن يكن الأمر كما تقول ـ وليس كما تقول ـ نجونا ونجوت ، وإن يكن الأمر كما نقول ـ وهو كما نقول ـ نجونا وهلكت ». فأقبل عبد الكريم على من معه ، فقال : وجدت في قلبي حزازة فردوني ، فردوه ، فمات لارحمه الله . | Details |