الرواة
|
المعصومين
|
متن الحديث
|
|
|
|
" قال الامام عليه السلام قال الله عزوجل (اهدنا الصراط المستقيم) أي: أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا و(الصراط المستقيم) هو صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة. فأما الطريق المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن العلو، وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل. والطريق الاخر: طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم، لا يعدلون عن الجنة إلى النار، ولا إلى غير النار سوى الجنة. قال: و قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: قوله عزوجل(اهدنا الصراط المستقيم) يقول: أرشدنا للصراط المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى جنتك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك. ثم قال عليه السلام: فان من اتبع هواه، واعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة تعظمه وتصفه، فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لانظر مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحدق به خلق من غثاء العامة، فوقفت منتبذا عنهم، متغشيا بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم ففارقهم، ولم يعد فتفرقت العامة عنه لحوائجهم، وتبعته أقتفي أثره، فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله، فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة. ثم مر بعده بصاحب رمان، فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي : لعله معاملة، ثم أقول: وما حاجته إذا إلى المسارقة؟ ! ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض، فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى، وتبعته حتى استقر في بقعة من صحراء فقلت له: يا عبدالله لقد سمعت بك خيرا وأحببت لقاءك، فلقيتك، لكني رأيت منك ما شغل قلبي، وإني سائلك عنه، ليزول به شغل قلبي. قال: ما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخباز فسرقت منه رغيفين، ثم مررت بصاحب الرمان فسرقت منه رمانتين ! قال: فقال لي: قبل كل شئ حدثني من أنت؟ قلت له: رجل من ولد آدم من امة محمد صلى الله عليه وآله. قال: حدثني ممن أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: أين بلدك؟ قلت: المدينة. قال: لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؟ قلت: بلى. قال لي: فما ينفعك شرف أهلك و أصلك مع جهلك بما شرفت به، وتركك علم جدك وأبيك لئلا تنكر ما يجب أن تحمد وتمدح فاعله ! قلت: وما هو؟ قال: القرآن كتاب الله. قلت: وما الذي جهلت منه؟ قال: قول الله عزوجل: "" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها "" وإني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها كانت أربعين حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع(حسنات بأربع سيئات) بقي لي ست وثلاثون حسنة. قلت: ثكلتك امك أنت الجاهل بكتاب الله تعالى، أما سمعت قول الله تعالى: "" انما يتقبل الله من المتقين "" إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين، ولما دفعتهما إلى غير صاحبهما، بغير أمر صاحبهما، كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات. فجعل يلاحظني، فتركته وانصرفت. قال الصادق عليه السلام: بمثل هذا التأويل القبيح المستنكر يضلون ويضلون. وهذا نحو تأويل معاوية - عليه ما يستحق - لما قتل عمار بن ياسر(ره) فارتعدت فرائص خلق كثير، وقالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عمار تقتله الفئة الباغية. فدخل عمرو بن العاص على معاوية، وقال: يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا. قال: لماذا؟ قال: لقتل عمار بن ياسر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عمار تقتله الفئة الباغية. فقال له معاوية: دحضت في قولك، أنحن قتلناه؟ إنما قتله علي بن أبي طالب لما ألقاه بين رماحنا. فاتصل ذلك بعلي عليه السلام، فقال عليه السلام: إذا رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي قتل حمزة(ره) لما ألقاه بين رماح المشركين. "
|
Details
|
|
|
" ثم قال الصادق عليه السلام: طوبى للذين هم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فقال له رجل: يابن رسول الله إني عاجز ببدني عن نصرتكم، ولست أملك إلا البراءة من أعدائكم، واللعن عليهم، فكيف حالي؟ فقال له الصادق عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم أنه قال من ضعف عن نصرتنا أهل البيت، فلعن في خلواته أعداءنا، بلغ الله صوته جميع الاملاك من الثرى إلى العرش، فكلما لعن هذا الرجل أعداءنا لعنا ساعدوه فلعنوا من يلعنه، ثم ثنوا فقالوا: اللهم صل على عبدك هذا، الذي قد بذل ما في وسعه، ولو قدر على أكثر منه لفعل. فاذا النداء من قبل الله تعالى: قد أجبت دعاءكم، وسمعت نداءكم، وصليت على روحه في الارواح، وجعلته عندي من المصطفين الاخيار. قوله عزوجل: "" صراط الذين أنعمت عليهم "" . "
|
Details
|
|
|
" قال الامام عليه السلام(صراط الذين أنعمت عليهم) أي قولوا: إهدانا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك. وهم الذين قال الله تعالى "" ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا "" وحكى هذا بعينه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن، وإن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا، أو فساقا؟ فما ندبتم إلى أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم، وإنما امرتم بالدعاء لان ترشدوا إلى صراط الذين أنعم الله عليهم: بالايمان بالله، والتصديق برسوله وبالولاية لمحمد وآله الطيبين وأصحابه الخيرين المنتجبين وبالتقية الحسنة التي يسلم بها: من شر عباد الله،(ومن الزيادة في أيام أعداء الله وكفرهم) بأن تداريهم فلا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين فانه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآل محمد وعادى من عاداهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا، وجنة حصينة. وما من عبد ولا أمة دارى عبادالله بأحسن المداراة، ولم يدخل بها في باطل، ولم يخرج بها من حق إلا جعل الله تعالى نفسه تسبيحا، وزكى عمله، وأعطاه بصيرة على كتمان سرنا، واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا و ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله. وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم حقوقهم جهده، وأعطاهم ممكنه ورضي منهم بعفوهم، وترك الاستقصاء عليهم، فيما يكون من زللهم، وغفرها لهم إلا قال الله عزوجل له يوم القيامة: يا عبدي قضيت حقوق إخوانك، ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم، فأنا أجود وأكرم وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والتكرم، فأنا أقضيك اليوم على حق ما وعدتك به، وأزيدك من فضلي الواسع، ولا أستقصي عليك في تقصيرك في بعض حقوقي. قال: فيلحقه بمحمد وآله وأصحابه، ويجعله من خيار شيعتهم. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبدالله أحب في الله وأبغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله، فأنه لاتنال ولاية الله تعالى إلا بذلك ولا يجد الرجل طعم الايمان، و إن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادون، وعليها يتباغضون، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا. فقال الرجل: يا رسول الله وكيف لي أن أعلم أني قد واليت وعاديت في الله ومن ولي الله حتى اواليه؟ ومن عدوالله حتى اعاديه؟ فأشار له رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: أترى هذا؟ قال: بلى. قال: فإن ولي هذا ولي الله فواله، وعدو هذا عدو الله فعاده، ووال ولي هذا، ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدو هذا ولو أنه أبوك وولدك قوله تعالى غير المغضوب عليهم ولا الضالين "". "
|
Details
|
|
|
" قال الامام عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أمر الله عزوجل عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم، وهم: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وأن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم وهم اليهود الذين قال الله تعالى فيهم: "" قل هل انبئكم بشر من ذلك مثوبة عندالله من لعنه الله وغضب عليه "" وأن يستعيذوا به من طريق الضالين، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: "" قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل "" وهم النصارى. ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه، وضال عن سبيل الله عزوجل. وقال الرضا عليه السلام كذلك، وزاد فيه، فقال: ومن تجاوز بأمير المؤمنين عليه السلام العبودية فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين . "
|
Details
|
|
|
" وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "" لاتتجاوزوا بنا العبودية، ثم قولوا ماشئتم ولن تبلغوا وإياكم والغلو كغلو النصارى، فأني برئ من الغالين "". قال: فقام إليه رجل فقال له: يابن رسول الله صف لنا ربك، فان من قبلنا قد اختلفوا علينا فقال الرضا عليه السلام: إنه من يصف ربه بالقياس، لايزال في الدهر في الالتباس مائلا عن المنهاج، طاغيا في الاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل. ثم قال عليه السلام: أعرفه بما عرف به نفسه، أعرفه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به نفسه من غير صورة "" لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات بعيد بغير تشبيه، ومتدان في بعده بلا نظير، لا يتوهم ديموميته، ولا يمثل بخليقته، ولا يجور في قضيته الخلق إلى ما علم منهم منقادون، وعلى ما سطره في المكنون من كتابه ماضون لا يعملون بخلاف ما علم منهم، ولا غيره يريدون فهو قريب غير ملتزق، وبعيد غير متقص، يحقق ولا يمثل، و يوحد ولا يبعض، يعرف بالآيات، ويثبت بالعلامات، فلا إله غيره الكبير المتعال فقال الرجل: بأبي أنت وامي يابن رسول الله، فان معى من ينتحل موالاتكم و يزعم أن هذه كلها صفات علي عليه السلام، وأنه هو الله رب العالمين. قال: فلما سمعها الرضا عليه السلام ارتعدت فرائصه وتصبب عرقا، وقال: سبحان الله سبحان الله عما يقول الظالمون، والكافرون. أو ليس عليا عليه السلام كان آكلا في الآكلين، و شاربا في الشاربين، وناكحا في الناكحين، ومحدثا في المحدثين؟ وكان مع ذلك مصليا خاشعا خاضعا بين يدي الله عزوجل ذليلا وإليه أواها منيبا، أفمن كان هذه صفته يكون إلها؟ ! فان كان هذا إلها فليس منكم أحد إلا وهو إله لمشاركته له في هذه الصفات الدالات على حدوث كل موصوف بها. ثم قال عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله عليه السلام أنه قال: ماعرف الله تعالى من شبهه بخلقه، ولا عدله من نسب إليه ذنوب عباده. فقال الرجل: يابن رسول الله إنهم يزعمون أن عليا عليه السلام لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله تعالى دل ذلك على أنه إله، ولما ظهر لم بصفات المحدثين العاجزين لبس بذلك عليهم، وامتحنهم ليعرفوه، وليكون إيمانهم به اختيارا من أنفسم. فقال الرضا عليه السلام: أول ما هاهنا أنهم لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم. فقال: لما ظهر منه الفقر والفاقة دل على أن من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله، فعلم بهذا أن الذي ظهر منه من المعجزات إنما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين، لافعل المحدث المحتاج المشارك للضعفاء في صفات الضعف . "
|
Details
|
|
|
" ثم قال الرضا عليه السلام: لقد ذكرتني بما حكيته عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وقول أمير المؤمنين عليه السلام وقول زين العابدين عليه السلام: أما قول رسول الله صلى الله عليه وآله فما حدثنيه أبي، عن جدي، عن أبيه "" عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء. فاذا لم ينزل عالم إلى عالم يصرف عنه طلاب حطام الدنيا وحرامها، ويمنعون الحق أهله، ويجعلونه لغير أهله، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. "
|
Details
|
|
|
" وأما قول أمير المؤمنين عليه السلام فهو قوله: يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا إياكم وأصحاب الرأي، فانهم أعداء السنن، تفلتت منهم الاحاديث أن يحفظوها وأعيتهم السنة أن يعوها، فاتخذوا عباد الله خولا، وماله دولا، فذلت لهم الرقاب وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب، ونازعوا الحق أهله، وتمثلوا بالائمة الصادقين وهم من الجهال والكفار والملاعين، فسئلوا عما لا يعلمون، فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون، فعارضوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا.أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما. "
|
Details
|
|
|
" وأما قول على بن الحسين عليهما السلام فانه قال: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا، وركوب المحارم منها، لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه فتصب الدين فخا لها، فهو لا يزل يختل الناس بظاهره، فان تمكن من حرام اقتحمه. فاذا وجدتموه يعف من المال الحرام(فرويدا لايغرنكم، فان شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام) وإن أكثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرما. فاذا وجدتموه يعف عن ذلك، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقدة عقله فما أكثر من يترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله. فاذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله؟ أو يكون مع عقله على هواه؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها فان في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الاموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة، حتى إذا قيل له: "" إتق الله، أخذته العزة بالاثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد "". فهو يخبط خبط عشواء، يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمد يده بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله لايبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد شقى من أجلها.فاولئك مع الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدلهم عذابا مهينا. ولكن الرجل كل الرجل، نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لامر الله، وقواه مبذولة في رضاء الله تعالى، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الابد من العز في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعم في دار لا تبيد ولا تنفد، وإن كثير ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا زوال. فذالكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسكوا، وبسنته فاقتدوا، وإلى ربكم فبه فتوسلوا، فانه لا ترد له دعوة، ولاتخيب له طلبة . "
|
Details
|
|
|
" ثم قال الرضا عليه السلام: إن هؤلاء الضلال الكفرة ما أتوا إلا من جهلهم بمقادير أنفسهم، حتى اشتد إعجابهم بها، وكثر تعظيمهم لما يكون منها، فاستبدوا بآرائهم الافسدة، واقتصروا على عقولهم المسلوك بها غير السبيل الواجب، حتى استصغروا قدر الله، واحتقروا أمره، وتهاونوا بعظيم شأنه. إذ لم يعلموا أنه القادر بنفسه، الغني بذاته الذي ليست قدرته مستعارة، ولا غناه مستفادا، والذي من شاء أفقره، ومن شاء أغناه، ومن شاء أعجزه بعد القدرة وأفقره بعد الغنى. فنظروا إلى عبد قد اختصه الله بقدرته ليبين بها فضله عنده، وآثره بكرامته ليوجب بها حجته على خلقه، وليجعل ما آتاه من ذلك ثوابا على طاعته، وباعثا على اتباع أمره، ومؤمنا عباده المكلفين من غلط من نصبه عليهم حجة، ولهم قدوة فكانوا كطلاب ملك من ملوك الدنيا، ينتجعون فضله، ويؤملون نائله، ويرجون التفيؤ بظله، والانتعاش بمعروفه، والانقلاب إلى أهليهم بجزيل عطائه الذي يغنيهم عن كلب الدنيا، وينقذهم من التعرض لدني المكاسب، وخسيس المطالب فبيناهم يسألون عن طريق الملك ليترصدوه، وقد وجهوا الرغبة نحوه، وتعلقت قلوبهم برؤيته إذ قيل: أنه سيطلع عليكم في جيوشه ومواكبه وخيله ورجله. فاذا رأيتموه فأعطوه من التعظيم حقه، ومن الاقرار بالمملكة واجبه، وإياكم أن تسموا باسمه غيره، أو تعظموا سواه كتعظيمه، فتكونوا قد بخستم الملك حقه وأزريتم عليه، واستحققتم بذلك منه عظيم عقوبته. فقالوا: نحن كذلك فاعلون جهدنا وطاقتنا. فما لبثوا أن طلع عليهم بعض عبيد الملك في خيل قد ضمها إليه سيده، ورجل قد جعلهم في جملته، وأموال قد حباه بها، فنظر هؤلاء وهم للملك طالبون، فاستكثروا ما رأوا بهذا العبد من نعم سيده، ورفعوه عن أن يكون هو المنعم عليه بما وجدوا معه، فأقبلوا إليه يحيونه تحية الملك، ويسمونه باسمه، ويجحدون أن يكون فوقه ملك أو له مالك. فأقبل عليهم العبد المنعم عليه، وسائر جنوده، بالزجر والنهي عن ذلك، والبراءة مما يسمونه به، ويخبرونهم بأن الملك هو الذي أنعم بهذا عليه، واختصه به، وأن قولكم ب ما تقولون يوجب عليكم سخط الملك وعذابه، ويفيتكم كلما أملتموه من جهته، وأقبل هؤلاء القوم يكذبونهم ويردون عليهم قولهم. فما زال كذلك حتى غضب عليهم الملك لما وجد هؤلاء قد سموا به عبده وأزروا عليه في مملكته، وبخسوه حق تعظيمه، فحشرهم أجمعين إلى حبسه، ووكل بهم من يسومهم سوء العذاب. فكذلك هؤلاء وجدوا أمير المؤمنين عليه السلام عبدا أكرمه الله ليبين فضله، ويقيم حجته فصغر عندهم خالقهم أن يكون جعل عليا له عبدا، وأكبروا عليا أن يكون الله عزوجل له ربا، فسموه بغير اسمه، فنهاهم هو وأتباعه من أهل ملته وشيعته وقالوا لهم: يا هؤلاء إن عليا وولده عباد مكرمون، مخلوقون مدبرون لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه رب العالمين، ولا يملكون إلا ما ملكهم الله لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا قبضا ولا بسطا ولا حركة ولا سكونا إلا ما أقدرهم الله عليه وطوقهم، وإن ربهم وخالقهم يجل عن صفات المحدثين، ويتعالى عن نعوت المحدودين. وإن من اتخذهم - أو واحدا منهم - أربابا من دون الله فهو من الكافرين، وقد ضل سواء السبيل. فأبى القوم إلا جماحا وامتدوا في طغيانهم يعمهون، فبطلت أمانيهم، وخابت مطالبهم وبقوا في العذاب الاليم. "
|
Details
|
|
|
" قال الامام أبومحمد الحسن عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: فاتحة الكتاب هذه أعطاها الله محمدا صلى الله عليه وآله وأمته، بدأ فيها بالحمد لله والثناء عليه، ثم ثنى بالدعاء لله عزوجل ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قال الله عزوجل: قسمت الحمد بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل: اذا قال العبد:(بسم الله الرحمن الرحيم) قال الله عزوجل: بدأ عبدي باسمي حق علي أن أتم م له أموره، وأبارك له في أحواله. فاذا قال:(الحمدلله رب العالمين) قال الله عزوجل: حمدني عبدي، وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي اندفعت عنه فبتطو لي أشهدكم ياملائكتي أني أضيف له نعيم الدنيا إلى نعيم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا. فاذا قال:(الرحمن الرحيم) قال الله عزوجل: شهد لي عبدي بأني الرحمن الرحيم، أشهدكم لاوفرن من رحمتي حظه، ولا جزلن من عطائي نصيبه. فاذا قال:(مالك يوم الدين) قال الله تعالى: أشهدكم كما اعترف بأني أنا المالك ل يوم الدين، لا سهلن يوم الحساب عليه حسابه، ولاتقبلن حسناته ولاتجاوزن عن سيئاته. فاذا قال العبد: "" إياك نعبد "" قال الله تعالى: صدق عبدي إياي يعبد اشهدكم لا ثيبنه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي. فاذا قال: "" واياك نستعين "" قال الله عزوجل: بي استعان عبدي؟ وإلي التجأ أشهدكم لا عينه على أمره ولا غيثنه في شدائده، ولآخذن بيده يوم نوائبه. فاذا قال: "" اهدنا الصراط المستقيم "" إلى آخرها قال الله عزوجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل و قد استجبت لعبدي، وأعطيته ما أمل، وأمنته مما منه وجل. قيل: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن(بسم الله الرحمن الرحيم) أهي من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرؤها ويعدها آيه منها، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني، فضلت ب(بسم الله الرحمن الرحيم) وهي الآية السابعة منها. "" بسم الله الرحمن الرحيم "" السورة التي يذكر فيها البقرة. "
|
Details
|