عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" قال الامام عليه السلام قال الله عزوجل (اهدنا الصراط المستقيم) أي: أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا و(الصراط المستقيم) هو صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة. فأما الطريق المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن العلو، وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل. والطريق الاخر: طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم، لا يعدلون عن الجنة إلى النار، ولا إلى غير النار سوى الجنة. قال: و قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: قوله عزوجل(اهدنا الصراط المستقيم) يقول: أرشدنا للصراط المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى جنتك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك. ثم قال عليه السلام: فان من اتبع هواه، واعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة تعظمه وتصفه، فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لانظر مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحدق به خلق من غثاء العامة، فوقفت منتبذا عنهم، متغشيا بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم ففارقهم، ولم يعد فتفرقت العامة عنه لحوائجهم، وتبعته أقتفي أثره، فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله، فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة. ثم مر بعده بصاحب رمان، فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي : لعله معاملة، ثم أقول: وما حاجته إذا إلى المسارقة؟ ! ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض، فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى، وتبعته حتى استقر في بقعة من صحراء فقلت له: يا عبدالله لقد سمعت بك خيرا وأحببت لقاءك، فلقيتك، لكني رأيت منك ما شغل قلبي، وإني سائلك عنه، ليزول به شغل قلبي. قال: ما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخباز فسرقت منه رغيفين، ثم مررت بصاحب الرمان فسرقت منه رمانتين ! قال: فقال لي: قبل كل شئ حدثني من أنت؟ قلت له: رجل من ولد آدم من امة محمد صلى الله عليه وآله. قال: حدثني ممن أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: أين بلدك؟ قلت: المدينة. قال: لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؟ قلت: بلى. قال لي: فما ينفعك شرف أهلك و أصلك مع جهلك بما شرفت به، وتركك علم جدك وأبيك لئلا تنكر ما يجب أن تحمد وتمدح فاعله ! قلت: وما هو؟ قال: القرآن كتاب الله. قلت: وما الذي جهلت منه؟ قال: قول الله عزوجل: "" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها "" وإني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها كانت أربعين حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع(حسنات بأربع سيئات) بقي لي ست وثلاثون حسنة. قلت: ثكلتك امك أنت الجاهل بكتاب الله تعالى، أما سمعت قول الله تعالى: "" انما يتقبل الله من المتقين "" إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين، ولما دفعتهما إلى غير صاحبهما، بغير أمر صاحبهما، كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات. فجعل يلاحظني، فتركته وانصرفت. قال الصادق عليه السلام: بمثل هذا التأويل القبيح المستنكر يضلون ويضلون. وهذا نحو تأويل معاوية - عليه ما يستحق - لما قتل عمار بن ياسر(ره) فارتعدت فرائص خلق كثير، وقالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عمار تقتله الفئة الباغية. فدخل عمرو بن العاص على معاوية، وقال: يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا. قال: لماذا؟ قال: لقتل عمار بن ياسر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عمار تقتله الفئة الباغية. فقال له معاوية: دحضت في قولك، أنحن قتلناه؟ إنما قتله علي بن أبي طالب لما ألقاه بين رماحنا. فاتصل ذلك بعلي عليه السلام، فقال عليه السلام: إذا رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي قتل حمزة(ره) لما ألقاه بين رماح المشركين. "