Index

Search by: Hadeeth  

الرواة المعصومين متن الحديث
" ثم قال الرضا عليه ‌السلام: إن هؤلاء الضلال الكفرة ما أتوا إلا من جهلهم بمقادير أنفسهم، حتى اشتد إعجابهم بها، وكثر تعظيمهم لما يكون منها، فاستبدوا بآرائهم الافسدة، واقتصروا على عقولهم المسلوك بها غير السبيل الواجب، حتى استصغروا قدر الله، واحتقروا أمره، وتهاونوا بعظيم شأنه. إذ لم يعلموا أنه القادر بنفسه، الغني بذاته الذي ليست قدرته مستعارة، ولا غناه مستفادا، والذي من شاء أفقره، ومن شاء أغناه، ومن شاء أعجزه بعد القدرة وأفقره بعد الغنى. فنظروا إلى عبد قد اختصه الله بقدرته ليبين بها فضله عنده، وآثره بكرامته ليوجب بها حجته على خلقه، وليجعل ما آتاه من ذلك ثوابا على طاعته، وباعثا على اتباع أمره، ومؤمنا عباده المكلفين من غلط من نصبه عليهم حجة، ولهم قدوة فكانوا كطلاب ملك من ملوك الدنيا، ينتجعون فضله، ويؤملون نائله، ويرجون التفيؤ بظله، والانتعاش بمعروفه، والانقلاب إلى أهليهم بجزيل عطائه الذي يغنيهم عن كلب الدنيا، وينقذهم من التعرض لدني المكاسب، وخسيس المطالب فبيناهم يسألون عن طريق الملك ليترصدوه، وقد وجهوا الرغبة نحوه، وتعلقت قلوبهم برؤيته إذ قيل: أنه سيطلع عليكم في جيوشه ومواكبه وخيله ورجله. فاذا رأيتموه فأعطوه من التعظيم حقه، ومن الاقرار بالمملكة واجبه، وإياكم أن تسموا باسمه غيره، أو تعظموا سواه كتعظيمه، فتكونوا قد بخستم الملك حقه وأزريتم عليه، واستحققتم بذلك منه عظيم عقوبته. فقالوا: نحن كذلك فاعلون جهدنا وطاقتنا. فما لبثوا أن طلع عليهم بعض عبيد الملك في خيل قد ضمها إليه سيده، ورجل قد جعلهم في جملته، وأموال قد حباه بها، فنظر هؤلاء وهم للملك طالبون، فاستكثروا ما رأوا بهذا العبد من نعم سيده، ورفعوه عن أن يكون هو المنعم عليه بما وجدوا معه، فأقبلوا إليه يحيونه تحية الملك، ويسمونه باسمه، ويجحدون أن يكون فوقه ملك أو له مالك. فأقبل عليهم العبد المنعم عليه، وسائر جنوده، بالزجر والنهي عن ذلك، والبراء‌ة مما يسمونه به، ويخبرونهم بأن الملك هو الذي أنعم بهذا عليه، واختصه به، وأن قولكم ب‍ ما تقولون يوجب عليكم سخط الملك وعذابه، ويفيتكم كلما أملتموه من جهته، وأقبل هؤلاء القوم يكذبونهم ويردون عليهم قولهم. فما زال كذلك حتى غضب عليهم الملك لما وجد هؤلاء قد سموا به عبده وأزروا عليه في مملكته، وبخسوه حق تعظيمه، فحشرهم أجمعين إلى حبسه، ووكل بهم من يسومهم سوء العذاب. فكذلك هؤلاء وجدوا أمير المؤمنين عليه ‌السلام عبدا أكرمه الله ليبين فضله، ويقيم حجته فصغر عندهم خالقهم أن يكون جعل عليا له عبدا، وأكبروا عليا أن يكون الله عزوجل له ربا، فسموه بغير اسمه، فنهاهم هو وأتباعه من أهل ملته وشيعته وقالوا لهم: يا هؤلاء إن عليا وولده عباد مكرمون، مخلوقون مدبرون لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه رب العالمين، ولا يملكون إلا ما ملكهم الله لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا قبضا ولا بسطا ولا حركة ولا سكونا إلا ما أقدرهم الله عليه وطوقهم، وإن ربهم وخالقهم يجل عن صفات المحدثين، ويتعالى عن نعوت المحدودين. وإن من اتخذهم - أو واحدا منهم - أربابا من دون الله فهو من الكافرين، وقد ضل سواء السبيل. فأبى القوم إلا جماحا وامتدوا في طغيانهم يعمهون، فبطلت أمانيهم، وخابت مطالبهم وبقوا في العذاب الاليم. " Details      
" وأما قول على بن الحسين عليهما ‌السلام فانه قال: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا، وركوب المحارم منها، لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه فتصب الدين فخا لها، فهو لا يزل يختل الناس بظاهره، فان تمكن من حرام اقتحمه. فاذا وجدتموه يعف من المال الحرام(فرويدا لايغرنكم، فان شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام) وإن أكثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرما. فاذا وجدتموه يعف عن ذلك، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقدة عقله فما أكثر من يترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله. فاذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله؟ أو يكون مع عقله على هواه؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها فان في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الاموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة، حتى إذا قيل له: "" إتق الله، أخذته العزة بالاثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد "". فهو يخبط خبط عشواء، يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمد يده بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله لايبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد شقى من أجلها.فاولئك مع الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدلهم عذابا مهينا. ولكن الرجل كل الرجل، نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لامر الله، وقواه مبذولة في رضاء الله تعالى، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الابد من العز في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعم في دار لا تبيد ولا تنفد، وإن كثير ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا زوال. فذالكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسكوا، وبسنته فاقتدوا، وإلى ربكم فبه فتوسلوا، فانه لا ترد له دعوة، ولاتخيب له طلبة . " Details      
" وأما قول أمير المؤمنين عليه ‌السلام فهو قوله: يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا إياكم وأصحاب الرأي، فانهم أعداء السنن، تفلتت منهم الاحاديث أن يحفظوها وأعيتهم السنة أن يعوها، فاتخذوا عباد الله خولا، وماله دولا، فذلت لهم الرقاب وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب، ونازعوا الحق أهله، وتمثلوا بالائمة الصادقين وهم من الجهال والكفار والملاعين، فسئلوا عما لا يعلمون، فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون، فعارضوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا.أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما. " Details      
" ثم قال الرضا عليه ‌السلام: لقد ذكرتني بما حكيته عن قول رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وقول أمير المؤمنين عليه ‌السلام وقول زين العابدين عليه ‌السلام: أما قول رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فما حدثنيه أبي، عن جدي، عن أبيه "" عن جده ، عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء. فاذا لم ينزل عالم إلى عالم يصرف عنه طلاب حطام الدنيا وحرامها، ويمنعون الحق أهله، ويجعلونه لغير أهله، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. " Details      
" وقال أمير المؤمنين عليه ‌السلام: "" لاتتجاوزوا بنا العبودية، ثم قولوا ماشئتم ولن تبلغوا وإياكم والغلو كغلو النصارى، فأني برئ من الغالين "". قال: فقام إليه رجل فقال له: يابن رسول الله صف لنا ربك، فان من قبلنا قد اختلفوا علينا فقال الرضا عليه ‌السلام: إنه من يصف ربه بالقياس، لايزال في الدهر في الالتباس مائلا عن المنهاج، طاغيا في الاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل. ثم قال عليه ‌السلام: أعرفه بما عرف به نفسه، أعرفه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به نفسه من غير صورة "" لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات بعيد بغير تشبيه، ومتدان في بعده بلا نظير، لا يتوهم ديموميته، ولا يمثل بخليقته، ولا يجور في قضيته الخلق إلى ما علم منهم منقادون، وعلى ما سطره في المكنون من كتابه ماضون لا يعملون بخلاف ما علم منهم، ولا غيره يريدون فهو قريب غير ملتزق، وبعيد غير متقص، يحقق ولا يمثل، و يوحد ولا يبعض، يعرف بالآيات، ويثبت بالعلامات، فلا إله غيره الكبير المتعال فقال الرجل: بأبي أنت وامي يابن رسول الله، فان معى من ينتحل موالاتكم و يزعم أن هذه كلها صفات علي عليه ‌السلام، وأنه هو الله رب العالمين. قال: فلما سمعها الرضا عليه ‌السلام ارتعدت فرائصه وتصبب عرقا، وقال: سبحان الله سبحان الله عما يقول الظالمون، والكافرون. أو ليس عليا عليه ‌السلام كان آكلا في الآكلين، و شاربا في الشاربين، وناكحا في الناكحين، ومحدثا في المحدثين؟ وكان مع ذلك مصليا خاشعا خاضعا بين يدي الله عزوجل ذليلا وإليه أواها منيبا، أفمن كان هذه صفته يكون إلها؟ ! فان كان هذا إلها فليس منكم أحد إلا وهو إله لمشاركته له في هذه الصفات الدالات على حدوث كل موصوف بها. ثم قال عليه ‌السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله عليه ‌السلام أنه قال: ماعرف الله تعالى من شبهه بخلقه، ولا عدله من نسب إليه ذنوب عباده. فقال الرجل: يابن رسول الله إنهم يزعمون أن عليا عليه ‌السلام لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله تعالى دل ذلك على أنه إله، ولما ظهر لم بصفات المحدثين العاجزين لبس بذلك عليهم، وامتحنهم ليعرفوه، وليكون إيمانهم به اختيارا من أنفسم. فقال الرضا عليه ‌السلام: أول ما هاهنا أنهم لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم. فقال: لما ظهر منه الفقر والفاقة دل على أن من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله، فعلم بهذا أن الذي ظهر منه من المعجزات إنما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين، لافعل المحدث المحتاج المشارك للضعفاء في صفات الضعف . " Details