Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الحجة

اسم الباب : باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن الجارود ، عن موسى بن بكر بن داب ، عمن حدثه : عن أبي جعفر عليه‌ السلام : أن زيد بن علي بن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن علي عليه‌ السلام ، ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ، ويخبرونه باجتماعهم ، ويأمرونه بالخروج. فقال له أبو جعفر عليه‌ السلام : « هذه الكتب ابتداء منهم ، أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ » فقال : بل ابتداء من القوم ؛ لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، ولما يجدون في كتاب الله - عز وجل - من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء . فقال له أبو جعفر عليه‌ السلام : « إن الطاعة مفروضة من الله - عز وجل - وسنة أمضاها في الأولين ، وكذلك يجريها في الآخرين ، والطاعة لواحد منا ، والمودة للجميع ، وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول ، وقضاء مفصول ، وحتم مقضي ، وقدر مقدور ، وأجل مسمى لوقت معلوم ، فلا يستخفنك الذين لايوقنون ، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ، فلا تعجل ؛ فإن الله لايعجل لعجلة العباد ، ولاتسبقن الله ؛ فتعجزك البلية فتصرعك ». قال : فغضب زيد عند ذلك ، ثم قال : ليس الإمام منا من جلس في بيته ، وأرخى ستره ، وثبط عن الجهاد ، ولكن الإمام منا من منع حوزته ، وجاهد في سبيل الله حق جهاده ، ودفع عن رعيته ، وذب عن حريمه. قال أبو جعفر عليه‌ السلام : « هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه ؛ فتجي‌ء عليه بشاهد من كتاب الله ، أو حجة من رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، أو تضرب به مثلا؟ فإن الله - عز وجل - أحل حلالا ، وحرم حراما ، وفرض فرائض ، وضرب أمثالا ، وسن سننا ، ولم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله ، أو يجاهد فيه قبل حلوله ؛ وقد قال الله - عز وجل - في الصيد : ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) أفقتل الصيد أعظم ، أم قتل النفس التي حرم الله؟ وجعل لكل شيء محلا ، وقال عز وجل : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) وقال عز وجل : ( لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ) فجعل الشهور عدة معلومة ، فجعل منها أربعة حرما ، وقال : ( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله ) ثم قال تبارك وتعالى : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) فجعل لذلك محلا ، وقال : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) فجعل لكل شيء محلا ، ولكل أجل كتابا. فإن كنت على بينة من ربك ، ويقين من أمرك ، وتبيان من شأنك ، فشأنك ، وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ، ولاتتعاط زوال ملك لم ينقض أكله ، ولم ينقطع مداه ، ولم يبلغ الكتاب أجله ، فلو قد بلغ مداه ، وانقطع أكله ، وبلغ الكتاب أجله ، لانقطع الفصل ، وتتابع النظام ، ولأعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار. أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته ، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع ، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله ، وعصوا رسوله ، واتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله ، وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولاعهد من رسوله ؟ أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ». ثم ارفضت عيناه ، وسالت دموعه ، ثم قال : « الله بيننا وبين من هتك سترنا ، وجحدنا حقنا ، وأفشى سرنا ، ونسبنا إلى غير جدنا ، وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا ».


   Back to List