اسم الكتاب : كتاب المعيشة
اسم الباب : باب أداء الأمانة
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن كثير بن يونس ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، قال : لما أن هلك أبي سيابة ، جاء رجل من إخوانه إلي ، فضرب الباب علي ، فخرجت إليه ، فعزاني ، وقال لي : هل ترك أبوك شيئا؟ فقلت له : لا ، فدفع إلي كيسا فيه ألف درهم ، وقال لي : أحسن حفظها ، وكل فضلها ، فدخلت إلى أمي وأنا فرح ، فأخبرتها. فلما كان بالعشي ، أتيت صديقا كان لأبي ، فاشترى لي بضائع سابري ، وجلست في حانوت ، فرزق الله - جل وعز - فيها خيرا كثيرا . وحضر الحج ، فوقع في قلبي ، فجئت إلى أمي ، وقلت لها : إنه قد وقع في قلبي أن أخرج إلى مكة ، فقالت لي : فرد دراهم فلان عليه ، فهاتها ، وجئت بها إليه ، فدفعتها إليه ، فكأني وهبتها له ، فقال : لعلك استقللتها ، فأزيدك؟ قلت : لا ، ولكن قد وقع في قلبي الحج ، فأحببت أن يكون شيئك عندك ، ثم خرجت ، فقضيت نسكي. ثم رجعت إلى المدينة ، فدخلت مع الناس على أبي عبد الله عليه السلام ، وكان يأذن إذنا عاما ، فجلست في مواخير الناس ، وكنت حدثا ، فأخذ الناس يسألونه ويجيبهم ، فلما خف الناس عنه ، أشار إلي ، فدنوت إليه ، فقال لي : « ألك حاجة؟ » فقلت : جعلت فداك ، أنا عبد الرحمن بن سيابة ، فقال لي : « ما فعل أبوك؟ » فقلت : هلك ، قال : فتوجع ، وترحم ، قال : ثم قال لي : « أ فترك شيئا؟ » قلت : لا ، قال : « فمن أين حججت؟». قال : فابتدأت ، فحدثته بقصة الرجل ، قال : فما تركني أفرغ منها حتى قال لي : « فما فعلت في الألف؟ » قال : قلت : رددتها على صاحبها ، قال : فقال لي : « قد أحسنت ». وقال لي : « أ لا أوصيك؟ » قلت : بلى جعلت فداك . فقال : « عليك بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ؛ تشرك الناس في أموالهم هكذا » وجمع بين أصابعه . قال : فحفظت ذلك عنه ، فزكيت ثلاثمائة ألف درهم.