اسم الكتاب : كتاب الحجة
اسم الباب : باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا عليه السلام
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحكم الأرمني ، قال : حدثني عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن يزيد بن سليط الزيدي ، قال أبو الحكم : وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي ، عن يزيد بن سليط ، قال : لقيت أبا إبراهيم عليه السلام - ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق ، فقلت : جعلت فداك ، هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟ قال : « نعم ، فهل تثبته أنت؟ » قلت : نعم ، إني أنا وأبي لقيناك هاهنا وأنت مع أبي عبد الله عليه السلام ، ومعه إخوتك ، فقال له أبي : بأبي أنت وأمي ، أنتم كلكم أئمة مطهرون ، والموت لايعرى منه أحد ، فأحدث إلي شيئا أحدث به من يخلفني من بعدي ؛ فلا يضل. قال : « نعم يا أبا عبد الله ، هؤلاء ولدي ، وهذا سيدهم - وأشار إليك - وقد علم الحكم والفهم والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس ، وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم ، وفيه حسن الخلق ، وحسن الجواب ، وهو باب من أبواب الله عزوجل ، وفيه أخرى خير من هذا كله ». فقال له أبي : وما هي بأبي أنت وأمي؟ قال عليه السلام : « يخرج الله - عز وجل - منه غوث هذه الأمة وغياثها ، وعلمها ونورها ، وفضلها وحكمتها ، خير مولود ، وخير ناشى يحقن الله - عز وجل - به الدماء ، ويصلح به ذات البين ، ويلم به الشعث ، ويشعب به الصدع ، ويكسو به العاري ، ويشبع به الجائع ، ويؤمن به الخائف ، وينزل الله به القطر ، ويرحم به العباد ، خير كهل ، وخير ناشى ، قوله حكم ، وصمته علم ، يبين للناس ما يختلفون فيه ، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه ». فقال له أبي : بأبي أنت وأمي ، وهل ولد؟ قال : « نعم ، ومرت به سنون ». قال يزيد : فجاءنا من لم نستطع معه كلاما ، قال يزيد : فقلت لأبي إبراهيم عليه السلام : فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام ، فقال لي : « نعم ، إن أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه ». فقلت له : فمن يرضى منك بهذا ، فعليه لعنة الله. قال : فضحك أبو إبراهيم عليه السلام ضحكا شديدا ، ثم قال : « أخبرك يا أبا عمارة ، إني خرجت من منزلي ، فأوصيت إلى ابني فلان ، وأشركت معه بني في الظاهر ، وأوصيته في الباطن ، فأفردته وحده ، ولو كان الأمر إلي لجعلته في القاسم ابني ؛ لحبي إياه ، ورأفتي عليه ، ولكن ذلك إلى الله عز وجل ، يجعله حيث يشاء ، ولقد جاءني بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم أرانيه ، وأراني من يكون معه ؛ وكذلك لايوصى إلى أحد منا حتى يأتي بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي صلوات الله عليه ، ورأيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة ، فقلت : ما هذا يا رسول الله؟ فقال لي : أما العمامة ، فسلطان الله عز وجل ؛ وأما السيف ، فعز الله تبارك وتعالى ؛ وأما الكتاب ، فنور الله تبارك وتعالى ؛ وأما العصا ، فقوة الله ؛ وأما الخاتم ، فجامع هذه الأمور. ثم قال لي : والأمر قد خرج منك إلى غيرك ، فقلت : يا رسول الله ، أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأيت من الأئمة أحدا أجزع على فراق هذا الأمر منك ، ولو كانت الإمامة بالمحبة ، لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك ، ولكن ذلك من الله عز وجل ». ثم قال أبو إبراهيم عليه السلام : « ورأيت ولدي جميعا : الأحياء منهم والأموات ، فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام : هذا سيدهم - وأشار إلى ابني علي - فهو مني ، وأنا منه ، والله مع المحسنين ». قال يزيد : ثم قال أبو إبراهيم عليه السلام : « يا يزيد ، إنها وديعة عندك ، فلا تخبر بها إلا عاقلا ، أو عبدا تعرفه صادقا ، وإن سئلت عن الشهادة ، فاشهد بها ، وهو قول الله عز وجل : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) وقال لنا أيضا : ( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ) ». قال : فقال أبو إبراهيم عليه السلام : « فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلت : قد جمعتهم لي - بأبي أنت وأمي - فأيهم هو ؟ فقال : هو الذي ينظر بنور الله عز وجل ، ويسمع بفهمه ، وينطق بحكمته ، يصيب فلا يخطئ ، ويعلم فلا يجهل ، معلما حكما وعلما ، هو هذا - وأخذ بيد علي ابني - ثم قال : ما أقل مقامك معه! فإذا رجعت من سفرك فأوص ، وأصلح أمرك ، وافرغ مما أردت ؛ فإنك منتقل عنهم ، ومجاور غيرهم ، فإذا أردت فادع عليا فليغسلك وليكفنك ؛ فإنه طهر لك ، ولا يستقيم إلا ذلك ، وذلك سنة قد مضت ؛ فاضطجع بين يديه ، وصف إخوته خلفه وعمومته ، ومرهفليكبر عليك تسعا ؛ فإنه قد استقامت وصيته ، و وليك وأنت حي ، ثم اجمع له ولدك من بعدهم ، فأشهد عليهم ، وأشهد الله عز وجل ، وكفى بالله شهيدا ». قال يزيد : ثم قال لي أبو إبراهيم عليه السلام : « إني أؤخذ في هذه السنة ، والأمر هو إلى ابني علي ، سمي علي وعلي : فأما علي الأول ، فعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وأما الآخر ، فعلي بن الحسين عليهماالسلام ، أعطي فهم الأول وحلمه ونصره و وده ودينه ومحنته ومحنة الآخر ، وصبره على ما يكره ، وليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين ». ثم قال لي : « يا يزيد ، وإذا مررت بهذا الموضع ، ولقيته - وستلقاه - فبشره أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك ، وسيعلمك أنك قد لقيتني ، فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول الله صلى الله عليه وآله أم إبراهيم ، فإن قدرت أن تبلغها مني السلام ، فافعل ». قال يزيد : فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليه السلام عليا عليه السلام ، فبدأني ، فقال لي : « يا يزيد ، ما تقول في العمرة؟ » فقلت : بأبي أنت وأمي ، ذلك إليك ، و ما عندي نفقة ، فقال : « سبحان الله! ما كنا نكلفك و لانكفيك » فخرجنا حتى انتهينا إلى ذلك الموضع ، فابتدأني ، فقال : « يا يزيد ، إن هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك وعمومتك » قلت : نعم ، ثم قصصت عليه الخبر ، فقال لي : « أما الجارية ، فلم تجئ بعد ، فإذا جاءت بلغتها منه السلام » فانطلقنا إلى مكة ، فاشتراها في تلك السنة ، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت ، فولدت ذلك الغلام. قال يزيد : وكان إخوة علي يرجون أن يرثوه ، فعادوني إخوته من غير ذنب ، فقال لهم إسحاق بن جعفر : والله ، لقد رأيته وإنه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الذي لا أجلس فيه أنا.