Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الجهاد

اسم الباب : باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبد الله عليه‌ السلام

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي ، قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه‌ السلام بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد و واصل بن عطاء وحفص بن سالم مولى ابن هبيرة ، وناس من رؤسائهم ، وذلك حدثان قتل الوليد واختلاف أهل الشام بينهم ، فتكلموا وأكثروا ، وخطبوا فأطالوا . فقال لهم أبو عبد الله عليه‌ السلام : « إنكم قد أكثرتم علي ، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم ، وليتكلم بحججكم ويوجز ». فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد ، فتكلم ، فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال : قد قتل أهل الشام خليفتهم ، وضرب الله - عز وجل - بعضهم ببعض ، وشتت الله أمرهم ، فنظرنا ، فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروة وموضع ومعدن للخلافة ، وهو محمد بن عبد الله بن الحسن ، فأردنا أن نجتمع عليه ، فنبايعه ، ثم نظهر معه ، فمن كان بايعنا فهو منا وكنا منه ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله ، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك ، فتدخل معنا ؛ فإنه لاغنى بنا عن مثلك ؛ لموضعك وكثرة شيعتك. فلما فرغ ، قال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « أكلكم على مثل ما قال عمرو؟ ». قالوا : نعم. فحمد الله ، وأثنى عليه ، وصلى على النبي صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، ثم قال : « إنما نسخط إذا عصي الله ، فأما إذا أطيع رضينا ، أخبرني يا عمرو ، لو أن الأمة قلدتك أمرها ، و ولتك بغير قتال ولا مؤونة ، وقيل لك : ولها من شئت ، من كنت توليها؟ ». قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين. قال : « بين المسلمين كلهم؟ ». قال : نعم. قال : « بين فقهائهم وخيارهم؟ ». قال : نعم. قال : « قريش وغيرهم؟ ». قال : نعم. قال : « والعرب والعجم؟ ». قال : نعم. قال : « أخبرني يا عمرو ، أتتولى أبا بكر وعمر ، أو تتبرأ منهما؟ ». قال : أتولاهما . فقال : « فقد خالفتهما ، ما تقولون أنتم تتولونهما أو تتبرؤون منهما؟ ». قالوا : نتولاهما . قال : « يا عمرو ، إن كنت رجلا تتبرأ منهما ، فإنه يجوز لك الخلاف عليهما ، وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما ؛ قد عمد عمر إلى أبي بكر فبايعه ، ولم يشاور فيه أحدا ، ثم ردها أبو بكر عليه ، ولم يشاور فيه أحدا ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة ، وأخرج منها جميع المهاجرين والأنصار غير أولئك الستة من قريش ، وأوصى فيهم شيئا لا أراك ترضى به أنت ولا أصحابك ؛ إذ جعلتها شورى بين جميع المسلمين ». قال : وما صنع؟ قال : « أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام ، وأن يشاور أولئك الستة ليس معهم أحد إلا ابن عمر يشاورونه ، وليس له من الأمر شيء ، و أوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار : إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا أو يبايعوا رجلا ، أن يضربوا أعناق أولئك الستة جميعا ؛ فإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام ، وخالف اثنان ، أن يضربوا أعناق الاثنين ؛ أفترضون بهذا أنتم فيما تجعلون من الشورى في‌ جماعة من المسلمين؟ ». قالوا : لا. ثم قال : « يا عمرو ، دع ذا ، أرأيت لو بايعت صاحبك الذي تدعوني إلى بيعته ، ثم اجتمعت لكم الأمة ، فلم يختلف عليكم رجلان فيها ، فأفضيتم إلى المشركين الذين لا يسلمون ولا يؤدون الجزية ، أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون بسيرة رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله في المشركين في حروبه؟ ». قال : نعم. قال : « فتصنع ما ذا؟ ». قال : ندعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية. قال : « وإن كانوا مجوسا ليسوا بأهل الكتاب ؟ ». قال : سواء. قال : « وإن كانوا مشركي العرب وعبدة الأوثان؟ ». قال : سواء . قال : « أخبرني عن القرآن تقرؤه؟ » قال : نعم ، قال : « اقرأ : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فاستثناء الله - عز وجل - واشتراطه من الذين أوتوا الكتاب ، فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ ». قال : نعم. قال : « عمن أخذت ذا؟ ». قال : سمعت الناس يقولون. قال : « فدع ذا ، فإن هم أبوا الجزية ، فقاتلتهم ، فظهرت عليهم ، كيف تصنع بالغنيمة؟». قال : أخرج الخمس ، وأقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه. قال : « أخبرني عن الخمس من تعطيه؟ ». قال : حيثما سمى الله ، قال : فقرأ : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) . قال : « الذي للرسول من تعطيه؟ ومن ذو القربى؟ ». قال : قد اختلف فيه الفقهاء ، فقال بعضهم : قرابة النبي صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله وأهل بيته ، وقال بعضهم : الخليفة ، وقال بعضهم : قرابة الذين قاتلوا عليه من المسلمين. قال : « فأي ذلك تقول أنت؟ ». قال : لا أدري. قال : « فأراك لاتدري ، فدع ذا ». ثم قال : « أرأيت الأربعة أخماس تقسمها بين جميع من قاتل عليها؟ ». قال : نعم. قال : « فقد خالفت رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله في سيرته ، بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم ، فاسألهم فإنهم لايختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ، ولا يهاجروا على إن دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم ، فيقاتل بهم ، وليس لهم في الغنيمة نصيب ، وأنت تقول : بين جميعهم ؛ فقد خالفت رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله في كل ما قلت في سيرته في المشركين ، ومع هذا ما تقول في الصدقة؟ ». فقرأ عليه الآية : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ) إلى آخر الآية. قال : « نعم ، فكيف تقسمها؟ ». قال : أقسمها على ثمانية أجزاء ، فأعطي كل جزء من الثمانية جزءا. قال : « وإن كان صنف منهم عشرة آلاف ، وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة ، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟ ». قال : نعم. قال : « وتجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي ، فتجعلهم فيها سواء؟ ». قال : نعم. قال : « فقد خالفت رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله في كل ما قلت في سيرته ، كان رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي ، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ، ولا‌ يقسمه بينهم بالسوية ، وإنما يقسمه على قدر ما يحضره منهم ، وما يرى ، وليس عليه في ذلك شيء موقت موظف ، وإنما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم ، فإن كان في نفسك مما قلت شيء ، فالق فقهاء أهل المدينة ؛ فإنهم لايختلفون في أن رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله كذا كان يصنع ». ثم أقبل على عمرو بن عبيد ، فقال له : « اتق الله ، وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله ؛ فإن أبي حدثني - وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله - أن رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، قال : من ضرب الناس بسيفه ، ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه ، فهو ضال متكلف ».


   Back to List