اسم الكتاب : كتاب الجهاد
اسم الباب : باب وجوه الجهاد
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
وبإسناده ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث : عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : « سأل رجل أبي - صلوات الله عليه - عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام و كان السائل من محبينا ، فقال له أبو جعفر عليه السلام : بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف : ثلاثة منها شاهرة ، فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها ، آمن الناس كلهم في ذلك اليوم ، فيومئذ ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) ؛ و سيف منها مكفوف ؛ و سيف منها مغمود سله إلى غيرنا ، وحكمه إلينا. و أما السيوف الثلاثة المشهورة ، فسيف على مشركي العرب ، قال الله عز وجل : (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد ) ( فإن تابوا ) يعني آمنوا ( و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) فهؤلاء لايقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام ، وأموالهم وذراريهم سبي على ما سن رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ فإنه سبى وعفا وقبل الفداء. و السيف الثاني على أهل الذمة ، قال الله تعالى : ( و قولوا للناس حسنا ) نزلت هذه الآية في أهل الذمة ، ثم نسخها قوله عز وجل : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فمن كان منهم في دار الإسلام ، فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل ، و مالهم فيء ، و ذراريهم سبي ، و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم ، حرم علينا سبيهم ، و حرمت أموالهم ، و حلت لنا مناكحتهم ، ومن كان منهم في دار الحرب ، حل لنا سبيهم و أموالهم ، و لم تحل لنا مناكحتهم ، ولم يقبل منهم إلا الدخول في دار الإسلام ، أو الجزية ، أو القتل . و السيف الثالث سيف على مشركي العجم يعني الترك والديلم والخزر ، قال الله - عز وجل - في أول السورة التي يذكر فيها : ( الذين كفروا ) فقص قصتهم ، ثم قال : ( فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) فأما قوله : ( فإما منا بعد ) يعني بعد السبي منهم ( و إما فداء ) : يعني المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام ؛ فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل ، أو الدخول في الإسلام ، ولا يحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب . و أما السيف المكفوف ، فسيف على أهل البغي والتأويل ، قال الله عز وجل : ( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) فلما نزلت هذه الآية ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل ، كما قاتلت على التنزيل ، فسئل النبي صلى الله عليه وآله: من هو؟ فقال : خاصف النعل يعني أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال عمار بن ياسر : قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا ، و هذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر ، لعلمنا أنا على الحق ، وأنهم على الباطل ، وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة يوم فتح مكة ؛ فإنه لم يسب لهم ذرية ، وقال من أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، وكذلك قال أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - يوم البصرة نادى فيهم : لاتسبوا لهم ذرية ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبرا ، ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن. و أما السيف المغمود ، فالسيف الذي يقوم به القصاص ، قال الله عز وجل : ( النفس بالنفس والعين بالعين ) فسله إلى أولياء المقتول ، وحكمه إلينا . فهذه السيوف التي بعث الله بها محمدا صلى الله عليه وآله ، فمن جحدها ، أو جحد واحدا منها ، أو شيئا من سيرها وأحكامها ، فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله ».