اسم الكتاب : كتاب الحجة
اسم الباب : باب أن الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولايفعلون إلا بعهد من الله ـ عز وجل ـ وأمر منه لايتجاوزونه
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحارث بن جعفر ، عن علي بن إسماعيل بن يقطين ، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير ، قال : حدثني موسى بن جعفر عليهماالسلام ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المملي عليه ، وجبرئيل والملائكة المقربون عليهمالسلام شهود؟ ». قال : « فأطرق طويلا ، ثم قال : يا أبا الحسن ، قد كان ما قلت ، ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا ، نزل به جبرئيل مع أمناء الله ـ تبارك وتعالى ـ من الملائكة ، فقال جبرئيل : يا محمد ، مر بإخراج من عندك إلا وصيك ؛ ليقبضها منا ، وتشهدنا بدفعك إياها إليه ، ضامنا لها ـ يعني عليا عليه السلام ـ فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا ، وفاطمة فيما بين الستر والباب. فقال جبرئيل : يا محمد ، ربك يقرئك السلام ، ويقول : هذا كتاب ما كنت عهدت إليك ، وشرطت عليك ، وشهدت به عليك ، وأشهدت به عليك ملائكتي ، وكفى بي يا محمد شهيدا. قال : فارتعدت مفاصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال : يا جبرئيل ، ربي هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه يعود السلام ، صدق عز وجل وبر ، هات الكتاب ، فدفعه إليه ، وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال له : اقرأه ، فقرأه حرفا حرفا ، فقال : يا علي ، هذا عهد ربي ـ تبارك وتعالى ـ إلي ، وشرطه علي وأمانته ، وقد بلغت ونصحت وأديت. فقال علي عليه السلام : وأنا أشهد لك ـ بأبي وأمي أنت ـ بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ، ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي ، فقال جبرئيل عليه السلام : وأنا لكما على ذلك من الشاهدين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ، أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي عليه السلام : نعم ـ بأبي أنت وأمي ـ علي ضمانها ، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ، إني أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة ، فقال علي عليه السلام : نعم أشهد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن ، وهما حاضران ، معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك ، فقال : نعم ، ليشهدوا ، وأنا ـ بأبي أنت وأمي ـ أشهدهم ، فأشهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان فيما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل فيما أمر الله ـ عز وجل ـ أن قال له : يا علي ، تفي بما فيها ؛ من موالاة من والى الله ورسوله ، والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله ، والبراءة منهم على الصبر منك ، و على كظم الغيظ ، وعلى ذهاب حقك وغصب خمسك وانتهاك حرمتك؟ فقال : نعم ، يا رسول الله. فقال أمير المؤمنين عليه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لقد سمعت جبرئيل عليه السلام يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا محمد ، عرفه أنه ينتهك الحرمة ، وهي حرمة الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط . قال أمير المؤمنين عليه السلام : فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتى سقطت على وجهي ، وقلت : نعم ، قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة ، وعطلت السنن ، ومزق الكتاب ، وهدمت الكعبة ، وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة والحسن والحسين ، وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين ، فقالوا مثل قوله ، فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار ، ودفعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام ». فقلت لأبي الحسن عليه السلام : بأبي أنت وأمي ، ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال : « سنن الله وسنن رسوله ». فقلت : أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال : « نعم والله ، شيئا شيئا ، وحرفا حرفا ، أما سمعت قول الله عز وجل : ( إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) والله ، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين وفاطمة عليهاالسلام : أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا : بلى ، وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا ».