اسم الكتاب : كتاب الحجة
اسم الباب : باب نادر جامع في فضل الإمام عليه السلام وصفاته
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن غالب : عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة عليهمالسلام وصفاتهم : « إن الله ـ عز وجل ـ أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه ، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ؛ فمن عرف من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم واجب حق إمامه ، وجد طعم حلاوة إيمانه ، وعلم فضل طلاوة إسلامه ؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ نصب الإمام علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه ، و ألبسه الله تاج الوقار ، وغشاه من نور الجبار ، يمد بسبب إلى السماء ، لاينقطع عنه مواده ، ولاينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه ، ولايقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته ؛ فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى ، ومعميات السنن ، ومشبهات الفتن. فلم يزل الله ـ تبارك وتعالى ـ يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ، ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم ، كلما مضى منهم إمام ، نصب لخلقه من عقبه إماما علما بينا ، وهاديا نيرا ، وإماما قيما ، وحجة عالما ، أئمة من الله ، يهدون بالحق ، وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه ، يدين بهديهم العباد ، وتستهل بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد ، جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها. فالإمام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المنتجى ، والقائم المرتجى ، اصطفاه الله بذلك ، واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه ، وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة ، عن يمين عرشه ، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره ؛ بقية من آدم عليه السلام ، وخيرة من ذرية نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه ويكلؤه بستره ، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده ، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ، ونفوث كل فاسق ، مصروفا عنه قوارف السوء ، مبرأ من العاهات ، محجوبا عن الآفات ، معصوما من الزلات ، مصونا عن الفواحش كلها ، معروفا بالحلم والبر في يفاعه ، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسندا إليه أمر والده ، صامتا عن المنطق في حياته. فإذا انقضت مدة والده ، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته ، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى محبته ، وبلغ منتهى مدة والده عليه السلام ، فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلده دينه ، وجعله الحجة على عباده ، وقيمه في بلاده ، وأيده بروحه ، وآتاه علمه ، وأنبأه فصل بيانه ، واستودعه سره ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأنبأه فضل بيان علمه ، ونصبه علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل عالمه ، وضياء لأهل دينه ، والقيم على عباده ، رضي الله به إماما لهم ، استودعه سره ، واستحفظه علمه ، واستخبأه حكمته ، واسترعاه لدينه ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيا به مناهج سبيله ، وفرائضه وحدوده ، فقام بالعدل عند تحيير أهل الجهل ، وتحبير أهل الجدل ، بالنور الساطع ، والشفاء النافع ، بالحق الأبلج ، والبيان اللائح من كل مخرج ، على طريق المنهج ، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهمالسلام ، فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي ، ولايجحده إلا غوي ، ولايصد عنه إلا جري على الله جل وعلا ».