Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب التوحيد

اسم الباب : باب جوامع التوحيد

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر وغيره ، عمن ذكره ، عن عمرو بن ثابت ، عن رجل سماه ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الأعور ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه‌ السلام يوما خطبة بعد العصر ، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله ؛ قال أبو إسحاق : فقلت للحارث : أوما حفظتها؟ قال : قد كتبتها ، فأملاها علينا من كتابه : « الحمد لله الذي لايموت ، ولا تنقضي عجائبه ؛ لأنه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن ، الذي لم يلد ؛ فيكون في العز مشاركا ، ولم يولد ؛ فيكون موروثا هالكا ، ولم تقع عليه الأوهام ؛ فتقدره شبحا ماثلا ، ولم تدركه الأبصار ؛ فيكون بعد انتقالها حائلا ، الذي ليست في أوليته نهاية ، ولا لآخريته حد ولا غاية ، الذي لم يسبقه وقت ، ولم يتقدمه زمان ، ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان ، ولا يوصف بأين ولا بم ولا مكان ، الذي بطن من خفيات الأمور ، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير ، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض ، بل وصفته بفعاله ، ودلت عليه بآياته ، لاتستطيع عقول المتفكرين جحده ؛ لأن من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن ، فلا مدفع لقدرته ، الذي نأى من الخلق ، فلا شيء كمثله ، الذي خلق خلقه لعبادته ، وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم ، وقطع عذرهم بالحجج ، فعن بينة هلك من هلك ، وبمنه نجا من نجا ، ولله الفضل مبدئا ومعيدا. ثم إن الله ـ وله الحمد ـ افتتح الحمد لنفسه ، وختم أمر الدنيا‌ ومحل الآخرة بالحمد لنفسه ، فقال : ( وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين ) . الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد ، والمرتدي بالجلال بلا تمثيل ، والمستوي على العرش بغير زوال ، والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم ، ليس له حد ينتهى إلى حده ، ولاله مثل ؛ فيعرف بمثله ، ذل من تجبر غيره ، وصغر من تكبر دونه ، وتواضعت الأشياء لعظمته ، وانقادت لسلطانه وعزته ، وكلت عن إدراكه طروف العيون ، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق ، الأول قبل كل شيء ولا قبل له ، والآخر بعد كل شيء ولا بعد له ، الظاهر على كل شيء بالقهر له ، والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها ، لاتلمسه لامسة ، ولا تحسه حاسة ( هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم ) أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلها ، لابمثال سبق إليه ، ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ، ابتدأ ما أراد ابتداءه ، وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين : الجن والإنس ؛ ليعرفوا بذلك ربوبيته ، وتمكن فيهم طاعته ، نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها ، ونستهديه لمراشد أمورنا ، ونعوذ به من سيئات أعمالنا ، ونستغفره للذنوب التي سبقت منا ، ونشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، بعثه بالحق نبيا دالا عليه ، وهاديا إليه ، فهدى به من الضلالة ، واستنقذنا به من الجهالة ؛ ( من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) ونال ثوابا جزيلا ؛ ومن يعص الله ورسوله ، ( فقد خسر خسرانا مبينا ) ، واستحق عذابا أليما ، فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة وإخلاص النصيحة وحسن المؤازرة ، وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة ، وهجر الأمور المكروهة ، وتعاطوا الحق بينكم ، وتعاونوا به دوني ، وخذوا على يد الظالم السفيه ، ومروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر ، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم ، عصمنا الله وإياكم بالهدى ، وثبتنا وإياكم على التقوى ، وأستغفر الله لي ولكم » .


   Back to List