Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب التوحيد

اسم الباب : باب آخر وهو من الباب الأول إلا أن فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء الله وأسماء المخلوقين

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني ؛ ومحمد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني : عن أبي الحسن عليه‌ السلام ، قال : سمعته يقول : « وهو اللطيف الخبير ، السميع البصير ، الواحد الأحد الصمد ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) ، لو كان كما يقول المشبهة ، لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولا المنشئ من المنشا ، لكنه المنشئ ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه ؛ إذ كان لايشبهه شيء ، ولا يشبه هو شيئا ». قلت : أجل ـ جعلني الله فداك ـ لكنك قلت : الأحد الصمد ، وقلت : لايشبهه شيء ، والله واحد ، والإنسان واحد ، أليس قد تشابهت الوحدانية؟ قال : « يا فتح ، أحلت ـ ثبتك الله ـ إنما التشبيه في المعاني ، فأما في الأسماء ، فهي واحدة ، وهي دلالة على المسمى ، وذلك أن الإنسان وإن قيل : واحد ، فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين ، والإنسان نفسه ليس بواحد ؛ لأن أعضاءه مختلفة ، وألوانه مختلفة ، ومن ألوانه مختلفة غير واحد ، وهو أجزاء مجزأة ليست بسواء : دمه غير لحمه ، ولحمه غير دمه ، وعصبه غير عروقه ، وشعره غير بشره ، وسواده غير بياضه ، وكذلك سائر جميع الخلق ؛ فالإنسان واحد في الاسم ، ولا واحد في المعنى ، والله ـ جل جلاله ـ هو واحد لاواحد غيره ، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ، ولا زيادة ولا نقصان ، فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة ‌ وجواهر شتى غير أنه بالاجتماع شيء واحد ». قلت : جعلت فداك ، فرجت عني فرج الله عنك ، فقولك : اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد ؛ فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل ، غير أني أحب أنتشرح ذلك لي ، فقال : « يا فتح ، إنما قلنا : اللطيف ؛ للخلق اللطيف ، و لعلمه بالشيء اللطيف ، أولا ترى ـ وفقك الله وثبتك ـ إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف ؛ ومن الخلق اللطيف ، و من الحيوان الصغار ، و من البعوض والجرجس ، وما هو أصغر منها ما لايكاد تستبينه العيون ، بل لايكاد يستبان ـ لصغره ـ الذكر من الانثى ، والحدث المولود من القديم. فلما رأينا صغر ذلك في لطفه ، واهتداءه للسفاد ، والهرب من الموت ، والجمع لما يصلحه ، وما في لجج البحار ، وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار ، وإفهام بعضها عن بعض منطقها ، وما يفهم به أولادها عنها ، ونقلها الغذاء إليها ، ثم تأليف ألوانها : حمرة مع صفرة ، وبياض مع حمرة ، وأنه ما لاتكاد عيوننا تستبينه ، لدمامة خلقها‌ لا تراه عيوننا ، ولا تلمسه أيدينا ، علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف ، لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة ، وأن كل صانع شيء فمن شيء صنع ، والله ـ الخالق اللطيف الجليل ـ خلق وصنع لامن شيء » .


   Back to List