اسم الكتاب : كتاب التوحيد
اسم الباب : باب معاني الأسماء واشتقاقها
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري ، قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام ، فسأله رجل ، فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى ، له أسماء وصفات في كتابه ، وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : « إن لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : « هي هو » ، أي إنه ذو عدد وكثرة ، فتعالى الله عن ذلك ؛ وإن كنت تقول : هذه الصفات والأسماء لم تزل ، فإن « لم تزل » محتمل معنيين : فإن قلت : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها ، فنعم ؛ وإن كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها ، فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره ، بل كان الله ولا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه ، يتضرعون بها إليه ، ويعبدونه وهي ذكره ، وكان الله ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل ، والأسماء والصفات مخلوقات والمعاني ، والمعني بها هو الله الذي لايليق به الاختلاف ولا الائتلاف ، وإنما يختلف ويأتلف المتجزئ ، فلا يقال : الله مؤتلف ، ولا الله قليل ولا كثير ، ولكنه القديم في ذاته ؛ لأن ما سوى الواحد متجزئ ، والله واحد ، لامتجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة ، وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة ، فهو مخلوق دال على خالق له ؛ فقولك : « إن الله قدير » خبرت أنه لا يعجزه شيء ، فنفيت بالكلمة العجز ، وجعلت العجز سواه ، وكذلك قولك : « عالم » إنما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه ، وإذا أفنى الله الأشياء ، أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ، ولا يزال من لم يزل عالما ». فقال الرجل : فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال : « لأنه لايخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس . وكذلك سميناه بصيرا ؛ لأنه لايخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك ، ولم نصفه ببصر لحظة العين. وكذلك سميناه لطيفا ؛ لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك ، وموضع النشوء منها ، والعقل والشهوة ؛ للسفاد والحدب على نسلها ، وإقام بعضها على بعض ، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار ، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف ، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف. وكذلك سمينا ربنا قويا لابقوة البطش المعروف من المخلوق ، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق ، لوقع التشبيه ، ولاحتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصا كان غير قديم ، وما كان غير قديم كان عاجزا ، فربنا ـ تبارك وتعالى ـ لاشبه له ولا ضد ، ولا ند ولا كيف ، ولا نهاية ، ولا تبصار بصر ، ومحرم على القلوب أن تمثله ، وعلى الأوهام أن تحده ، وعلى الضمائر أن تكونه ، جل وعز عن إدات خلقه ، سمات بريته ، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا » .