Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌ السلام يقول : «إن إبراهيم عليه‌ السلام كان مولده بكوثى ربا ، وكان أبوه من أهلها ، وكانت أم إبراهيم وأم لوط سارة وورقة ـ وفي نسخة : «رقية» ـ أختين وهما ابنتان للاحج ، وكان اللاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا ، وكان إبراهيم عليه‌ السلام في شبيبته على الفطرة التي فطر الله ـ عزوجل ـ الخلق عليها ، حتى هداه الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى دينه واجتباه ، وإنه تزوج سارة ابنة لاحج وهي ابنة خالته ، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال حسنة ، وكانت قد ملكت إبراهيم عليه‌ السلام جميع ما كانت تملكه ، فقام فيه وأصلحه ، وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه ، وإن إبراهيم عليه‌ السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود ، فأوثق وعمل له حيرا ، وجمع له فيه الحطب ، وألهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم عليه‌ السلام في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير ، فإذا هم بإبراهيم عليه‌ السلام سليما مطلقا من وثاقه ، فأخبر نمرود خبره ، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم عليه‌ السلام من بلاده ، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله ، فحاجهم إبراهيم عليه‌ السلام عند ذلك ، فقال : إن أخذتم ماشيتي ومالي ، فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم ، واختصموا إلى قاضي نمرود ، فقضى على إبراهيم عليه‌ السلام أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليه‌ السلام ما ذهب من عمره في بلادهم ، فأخبر بذلك نمرود ، فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه ، وقال : إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم ، فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه ـ صلى الله عليهما ـ من بلادهم إلى الشام ، فخرج إبراهيم ومعه لوط لايفارقه وسارة ، وقال لهم : (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) يعني بيت المقدس. فتحمل إبراهيم عليه‌ السلام بماشيته وماله ، وعمل تابوتا ، وجعل فيه سارة ، وشد عليها الأغلاق غيرة منه عليها ، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود ، وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له : عرارة ، فمر بعاشر له ، فاعترضه العاشر ليعشر ما معه ، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت ، قال العاشر لإبراهيم عليه‌ السلام : افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه ، فقال له إبراهيم عليه‌ السلام : قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه ». قال : «فأبى العاشر إلا فتحه». قال : «وغضب إبراهيم عليه‌ السلام على فتحه ، فلما بدت له سارة ـ وكانت موصوفة بالحسن والجمال ـ قال له العاشر : ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم عليه‌ السلام : هي حرمتي وابنة خالتي ، فقال له العاشر : فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم عليه‌ السلام : الغيرة عليها أن يراها أحد. فقال له العاشر : لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك». قال : «فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه ، فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت ، فأتوا ليذهبوا به ، فقال لهم إبراهيم عليه‌ السلام : إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي ، فأخبروا الملك بذلك ، فأرسل الملك : أن احملوه والتابوت معه ، فحملوا إبراهيم عليه‌ السلام والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك ، فقال له الملك : افتح التابوت ، فقال له إبراهيم عليه‌ السلام : أيها الملك ، إن فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي». قال : «فغضب الملك إبراهيم عليه‌ السلام على فتحه ، فلما رأى سارة ، لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها ، فأعرض إبراهيم عليه‌ السلام بوجهه عنها وعنه غيرة منه ، وقال : اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي ، فلم تصل يده إليها ، ولم ترجع إليه ، فقال له الملك : إن إلهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال له : نعم ، إن إلهي غيور يكره الحرام ، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام ، فقال له الملك : فادع إلهك يرد علي يدي ، فإن أجابك فلم أعرض لها ، فقال إبراهيم عليه‌ السلام : إلهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي». قال : «فرد الله ـ عزوجل ـ عليه يده ، فأقبل الملك نحوها ببصره ، ثم عاد بيده نحوها ، فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه ، وقال : اللهم احبس يده عنها». قال : «فيبست يده ، ولم تصل إليها ، فقال الملك لإبراهيم عليه‌ السلام : إن إلهك لغيور ، وإنك لغيور ، فادع إلهك يرد علي يدي ، فإنه إن فعل لم أعد ، فقال له إبراهيم عليه‌ السلام : أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله ، فقال له الملك : نعم ، فقال إبراهيم عليه‌ السلام : اللهم إن كان صادقا فرد عليه يده ، فرجعت إليه يده ، فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ، ورأى الآية في يده ، عظم إبراهيم عليه‌ السلام وهابه وأكرمه واتقاه ، وقال له : قد أمنت من أن أعرض لها أو لشيء مما معك ، فانطلق حيث شئت ، ولكن لي إليك حاجة ، فقال إبراهيم عليه‌ السلام : ما هي ؟ فقال له : أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما ». قال : «فأذن له إبراهيم عليه‌ السلام ، فدعا بها ، فوهبها لسارة ، وهي هاجر أم إسماعيل عليه‌ السلام ، فسار إبراهيم عليه‌ السلام بجميع ما معه ، وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم عليه‌ السلام إعظاما لإبراهيم عليه‌ السلام وهيبة له ، فأوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى إبراهيم أن قف ، ولا تمش قدام الجبار المتسلط ويمشي هو خلفك ، ولكن اجعله أمامك ، وامش خلفه وعظمه وهبه ، فإنه مسلط ، ولا بد من إمرة في الأرض ، برة أو فاجرة. فوقف إبراهيم عليه‌ السلام ، وقال للملك : امض ؛ فإن إلهي أوحى إلي الساعة أن أعظمك وأهابك ، وأن أقدمك أمامي ، وأمشي خلفك إجلالا لك ، فقال له الملك : أوحى إليك بهذا؟ فقال له إبراهيم عليه‌ السلام : نعم ، فقال له الملك : أشهد أن إلهك لرفيق حليم كريم ، وإنك ترغبني في دينك». قال : «وودعه الملك ، فسار إبراهيم عليه‌ السلام حتى نزل بأعلى الشامات ، وخلف لوطا عليه‌ السلام في أدنى الشامات ، ثم إن إبراهيم عليه‌ السلام لما أبطأ عليه الولد ، قال لسارة : لو شئت لبعتني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا ، فيكون لنا خلفا ، فابتاع إبراهيم عليه‌ السلام هاجر من سارة ، فوقع عليها ، فولدت إسماعيل عليه‌ السلام».


   Back to List