اسم الكتاب : كتاب الروضة
اسم الباب :
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : سألت علي بن الحسين عليهماالسلام : ابن كم كان علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم؟ فقال : «أو كان كافرا قط ؟ إنما كان لعلي عليه السلام حيث بعث الله ـ عزوجل ـ رسوله صلى الله عليه وآله عشر سنين ، ولم يكن يومئذ كافرا ، ولقد آمن بالله ـ تبارك وتعالى ـ وبرسوله صلى الله عليه وآله ، وسبق الناس كلهم إلى الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وإلى الصلاة بثلاث سنين ، وكانت أول صلاة صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر ركعتين ، وكذلك فرضها الله ـ تبارك وتعالى ـ على من أسلم بمكة ركعتين ركعتين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصليها بمكة ركعتين ، ويصليها علي عليه السلام معه بمكة ركعتين مدة عشر سنين ، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ، وخلف عليا عليه السلام في أمور لم يكن يقوم بها أحد غيره ، وكان خروج رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة في أول يوم من ربيع الأول ، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث ، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس ، فنزل بقبا ، فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ، ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا عليه السلام يصلي الخمس صلوات ركعتين ركعتين ، وكان نازلا على عمرو بن عوف ، فأقام عندهم بضعة عشر يوما يقولون له : أتقيم عندنا فنتخذ لك منزلا و مسجدا؟ فيقول : لا ، إني أنتظر علي بن أبي طالب وقد أمرته أن يلحقني ، ولست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي ، وما أسرعه إن شاء الله ، فقدم علي عليه السلام والنبي صلى الله عليه وآله في بيت عمرو بن عوف ، فنزل معه. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم عليه علي عليه السلام تحول من قبا إلى بني سالم بن عوف وعلي عليه السلام معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس ، فخط لهم مسجدا ، ونصب قبلته ، فصلى بهم فيه الجمعة ركعتين وخطب خطبتين ، ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها وعلي عليه السلام معه لايفارقه ، يمشي بمشيه ، وليس يمر رسول الله صلى الله عليه وآله ببطن من بطون الأنصار إلا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم ، فيقول لهم :! خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة ، فانطلقت به ورسول الله صلى الله عليه وآله واضع لها زمامها ، حتى انتهت إلى الموضع الذي ترى ـ وأشار بيده إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يصلى عنده بالجنائز ـ فوقفت عنده ، وبركت ووضعت جرانها على الأرض ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأقبل أبو أيوب مبادرا حتى احتمل رحله ، فأدخله منزله ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام معه حتى بني له مسجده ، وبنيت له مساكنه ومنزل علي عليه السلام ، فتحولا إلى منازلهما». فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين عليهماالسلام : جعلت فداك ، كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وآله حين أقبل إلى المدينة ، فأين فارقه؟ فقال : «إن أبا بكر لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قبا ، فنزل بهم ينتظر قدوم علي عليه السلام ، فقال له أبو بكر : انهض بنا إلى المدينة ، فإن القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون إقبالك إليهم ، فانطلق بنا ، ولا تقم هاهنا تنتظر عليا ، فما أظنه يقدم عليك إلى شهر. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : كلا ما أسرعه ، ولست أريم حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله ـ عزوجل ـ وأحب أهل بيتي إلي ، فقد وقاني بنفسه من المشركين». قال : «فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز ، وداخله من ذلك حسد لعلي عليه السلام ، وكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام ، وأول خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فانطلق حتى دخل المدينة ، وتخلف رسول الله صلى الله عليه وآله بقبا ينتظر عليا عليه السلام». قال : فقلت لعلي بن الحسين عليهماالسلام : فمتى زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة من علي عليهماالسلام؟ فقال : «بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يومئذ تسع سنين». قال علي بن الحسين عليهماالسلام : «ولم يولد لرسول الله صلى الله عليه وآله من خديجة عليهاالسلام على فطرة الإسلام إلا فاطمة عليه السلام ، وقد كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة ، ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة ، فلما فقدهما رسول الله صلى الله عليه وآله سئم المقام بمكة ، ودخله حزن شديد ، وأشفق على نفسه من كفار قريش ، فشكا إلى جبرئيل عليه السلام ذلك ، فأوحى الله ـ عزوجل ـ إليه : اخرج من القرية الظالم أهلها ، وهاجر إلى المدينة ، فليس لك اليوم بمكة ناصر ، وانصب للمشركين حربا ، فعند ذلك توجه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة». فقلت له : فمتى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم عليه اليوم؟ فقال : «بالمدينة حين ظهرت الدعوة ، وقوي الإسلام ، وكتب الله ـ عزوجل ـ على المسلمين الجهاد ، وزاد رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة سبع ركعات : في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة ، وفي العشاء الآخرة ركعتين ، وأقر الفجر على ما فرضت ؛ لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء ، ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ، وكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الفجر ، فلذلك قال الله عزوجل : (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) يشهده المسلمون ، ويشهده ملائكة النهار وملائكة الليل».