Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير : عن أبي عبد الله عليه‌ السلام ، قال : قلت له : (كذبت ثمود بالنذر فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر) ؟ قال : «هذا كان بما كذبوا صالحا ، وما أهلك الله ـ عزوجل ـ قوما قط حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل ، فيحتجوا عليهم ، فبعث الله إليهم صالحا ، فدعاهم إلى الله ، فلم يجيبوا وعتوا عليه ، وقالوا : لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء ، وكانت الصخرة يعظمونها ويعبدونها ، ويذبحون عندها في رأس كل سنة ، ويجتمعون عندها ، فقالوا له : إن كنت كما تزعم نبيا رسولا ، فادع لنا إلهك حتى يخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء ، فأخرجها الله كما طلبوا منه. ثم أوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إليه أن يا صالح ، قل لهم : إن الله قد جعل لهذه الناقة من الماء شرب يوم ، ولكم شرب يوم ، فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم ، فيحلبونها ، فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك ، فإذا كان الليل وأصبحوا غدوا إلى مائهم ، فشربوا منه ذلك اليوم ، ولم تشرب الناقة ذلك اليوم ، فمكثوا بذلك ما شاء الله. ثم إنهم عتوا على الله ، ومشى بعضهم إلى بعض ، وقالوا : اعقروا هذه الناقة واستريحوا منها ، لانرضى أن يكون لنا شرب يوم ، ولها شرب يوم. ثم قالوا : من الذي يلي قتلها ، ونجعل له جعلا ما أحب؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق ولد زنى لايعرف له أب ، يقال له : قدار ، شقي من الأشقياء مشؤوم عليهم ، فجعلوا له جعلا ، فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده ، تركها حتى شربت الماء ، وأقبلت راجعة ، فقعد لها في طريقها ، فضربها بالسيف ضربة ، فلم تعمل شيئا ، فضربها ضربة أخرى ، فقتلها وخرت إلى الأرض على جنبها ، وهرب فصيلها حتى صعد إلى الجبل ، فرغى ثلاث مرات إلى السماء ، وأقبل قوم صالح ، فلم يبق أحد منهم إلا شركه في ضربته ، واقتسموا لحمها فيما بينهم ، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل منها. فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم ، فقال : يا قوم ، ما دعاكم إلى ما صنعتم؟ أعصيتم ربكم؟ فأوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى صالح عليه‌ السلام أن قومك قد طغوا وبغوا ، وقتلوا ناقة بعثتها إليهم حجة عليهم ، ولم يكن عليهم فيها ضرر ، وكان لهم منها أعظم المنفعة ، فقل لهم : إني مرسل عليكم عذابي إلى ثلاثة أيام ، فإن هم تابوا ورجعوا ، قبلت توبتهم ، وصددت عنهم ، وإن هم لم يتوبوا ولم يرجعوا ، بعثت عليهم عذابي في اليوم الثالث. فأتاهم صالح عليه‌ السلام ، فقال لهم : يا قوم ، إني رسول ربكم إليكم وهو يقول لكم : إن أنتم تبتم ورجعتم واستغفرتم ، غفرت لكم وتبت عليكم ، فلما قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا وأخبث ، وقالوا : يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين . قال : يا قوم ، إنكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرة ، واليوم الثاني وجوهكم محمرة ، واليوم الثالث وجوهكم مسودة. فلما أن كان أول يوم ، أصبحوا ووجوههم مصفرة ، فمشى بعضهم إلى بعض ، وقالوا : قد جاءكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : لانسمع قول صالح ، ولا نقبل قوله وإن كان عظيما. فلما كان اليوم الثاني ، أصبحت وجوههم محمرة ، فمشى بعضهم إلى بعض ، فقالوا : يا قوم ، قد جاءكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ، ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ، ولم يتوبوا ولم يرجعوا. فلما كان اليوم الثالث ، أصبحوا ووجوههم مسودة ، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا : يا قوم ، أتاكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : قد أتانا ما قال لنا صالح. فلما كان نصف الليل ، أتاهم جبرئيل عليه‌ السلام ، فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم ، وفلقت قلوبهم ، وصدعت أكبادهم ، وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا ، وعلموا أن العذاب نازل بهم ، فماتوا أجمعين في طرفة عين : صغيرهم وكبيرهم ، فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية ولا شيء إلا أهلكه الله ، فأصبحوا في ديارهم ومضاجعهم موتى أجمعين ، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء ، فأحرقتهم أجمعين ؛ وكانت هذه قصتهم».


   Back to List