Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن النعمان أو غيره : عن أبي عبد الله عليه‌ السلام أنه ذكر هذه الخطبة لأمير المؤمنين عليه‌ السلام يوم الجمعة : «الحمد لله أهل الحمد ووليه ، ومنتهى الحمد ومحله ، البديء البديع ، الأجل الأعظم ، الأعز الأكرم ، المتوحد بالكبرياء ، والمتفرد بالآلاء ، القاهر بعزه ، والمتسلط بقهره ، الممتنع بقوته ، المهيمن بقدرته ، والمتعالي فوق كل شيء بجبروته ، المحمود بامتنانه وبإحسانه ، المتفضل بعطائه وجزيل فوائده ، الموسع برزقه ، المسبغ بنعمته . نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه ، حمدا يزن عظمة جلاله ، ويملأ قدر آلائه وكبريائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، الذي كان في أوليته متقادما ، وفي ديموميته متسيطرا ، خضع الخلائق لوحدانيته وربوبيته وقديم أزليته ، ودانوا لدوام أبديته. وأشهد أن محمدا صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، اختاره بعلمه ، واصطفاه لوحيه ، وائتمنه على سره ، وارتضاه لخلقه ، وانتدبه لعظيم أمره ، ولضياء معالم دينه ، ومناهج سبيله ، ومفتاح وحيه ، وسببا لباب رحمته ، ابتعثه على حين فترة من الرسل ، وهدأة من العلم ، واختلاف من الملل ، وضلال عن الحق ، وجهالة بالرب ، وكفر بالبعث والوعد ، أرسله إلى الناس أجمعين ، رحمة للعالمين ، بكتاب كريم قد فضله وفصله وبينه وأوضحه وأعزه ، وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ، تنزيل من حكيم حميد. ضرب للناس فيه الأمثال ، وصرف فيه الآيات لعلهم يعقلون ، أحل فيه الحلال ، وحرم فيه الحرام ، وشرع فيه الدين لعباده عذرا ونذرا لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، ويكون بلاغا لقوم عابدين ، فبلغ رسالته ، وجاهد في سبيله ، وعبده حتى أتاه اليقين ، صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم تسليما كثيرا. أوصيكم عباد الله وأوصي نفسي بتقوى الله الذي ابتدأ بدأ الأمور بعلمه ، وإليه يصير غدا ميعادها ، وبيده فناؤها وفناؤكم ، وتصرم أيامكم ، وفناء آجالكم ، وانقطاع مدتكم ، فكأن قد زالت عن قليل عنا وعنكم ، كما زالت عمن كان قبلكم ، فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل ، فإنها دار عمل ، والآخرة دار القرار والجزاء ، فتجافوا عنها ، فإن المغتر من اغتر بها ، لن تعدو الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها ، المحبين لها ، المطمئنين إليها ، المفتونين بها أن تكون كما قال الله عزوجل : (كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام) الآية ، مع أنه لم يصب امرؤ منكم في هذه الدنيا حبرة إلا أورثته عبرة ، ولا يصبح فيها في جناح آمن إلا وهو يخاف فيها نزول جائحة ، أو تغير نعمة ، أو زوال عافية ، مع أن الموت من وراء ذلك ، وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل ، تجزى كل نفس بما عملت (ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) . فاتقوا الله عز ذكره ، وسارعوا إلى رضوان الله والعمل بطاعته والتقرب إليه بكل ما فيه الرضا ، فإنه قريب مجيب ، جعلنا الله وإياكم ممن يعمل بمحابه ، ويجتنب سخطه. ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله جل وعز ، قال الله عزوجل : (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) . أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم (بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ، (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) . اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وتحنن على محمد وآل محمد ، وسلم على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد. اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة. اللهم اجعل محمدا وآل محمد أعظم الخلائق كلهم شرفا يوم القيامة ، وأقربهم منك مقعدا ، وأوجههم عندك يوم القيامة جاها ، وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا. اللهم أعط محمدا أشرف المقام ، وحباء السلام ، وشفاعة الإسلام. اللهم وألحقنا به غير خزايا ولا ناكبين ولا نادمين ولا مبدلين إله الحق آمين. ثم جلس قليلا ، ثم قام ، فقال : الحمد لله أحق من خشي وحمد ، وأفضل من اتقي وعبد ، وأولى من عظم ومجد ، نحمده لعظيم غنائه ، وجزيل عطائه ، وتظاهر نعمائه ، وحسن بلائه ، ونؤمن بهداه الذي لايخبو ضياؤه ، ولا يتمهد سناؤه ، ولا يوهن عراه ، ونعوذ بالله من سوء كل الريب ، وظلم الفتن ، ونستغفره من مكاسب الذنوب ، ونستعصمه من مساوي الأعمال ، ومكاره الآمال ، والهجوم في الأهوال ، ومشاركة أهل الريب ، والرضا بما يعمل الفجار في الأرض بغير الحق. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات الذين توفيتهم على دينك وملة نبيك صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله. اللهم تقبل حسناتهم ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وأدخل عليهم الرحمة والمغفرة والرضوان ، واغفر للأحياء من المؤمنين والمؤمنات الذين وحدوك وصدقوا رسولك ، وتمسكوا بدينك ، وعملوا بفرائضك ، واقتدوا بنبيك ، وسنوا سنتك ، وأحلوا حلالك ، وحرموا حرامك ، وخافوا عقابك ، ورجوا ثوابك ، ووالوا أولياءك ، وعادوا أعداءك. اللهم اقبل حسناتهم ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وأدخلهم برحمتك في عبادك الصالحين ، إله الحق آمين».


   Back to List