Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن الحسين المؤدب وغيره ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبد الله بن أبي الحارث الهمداني ، عن جابر : عن أبي جعفر عليه‌ السلام ، قال : «خطب أمير المؤمنين عليه‌ السلام ، فقال : الحمد لله الخافض الرافع ، الضار النافع ، الجواد الواسع ، الجليل ثناؤه ، الصادقة أسماؤه ، المحيط بالغيوب وما يخطر على القلوب ، الذي جعل الموت بين خلقه عدلا ، وأنعم بالحياة عليهم فضلا ، فأحيا وأمات ، وقدر الأقوات ، أحكمها بعلمه تقديرا ، فأتقنها بحكمته تدبيرا ، إنه كان خبيرا بصيرا ، هو الدائم بلا فناء ، والباقي إلى غير منتهى ، يعلم ما في الأرض وما في السماء وما بينهما وما تحت الثرى. أحمده بخالص حمده المخزون بما حمده به الملائكة والنبيون ، حمدا لا يحصى له عدد ، ولا يتقدمه أمد ، ولا يأتي بمثله أحد ، أومن به ، وأتوكل عليه ، وأستهديه وأستكفيه ، وأستقضيه بخير وأسترضيه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله. أيها الناس ، إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار ، إنما أنتم فيها كركب عرسوا فأناخوا ، ثم استقلوا فغدوا وراحوا ، دخلوا خفافا ، وراحوا خفافا ، لم يجدوا عن مضي نزوعا ، ولا إلى ما تركوا رجوعا ، جد بهم فجدوا ، وركنوا إلى الدنيا فما استعدوا ، حتى إذا أخذ بكظمهم وخلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم لم يبق من أكثرهم خبر ولا أثر ، قل في الدنيا لبثهم ، وعجل إلى الآخرة بعثهم ، فأصبحتم حلولا في ديارهم ، ظاعنين على آثارهم ، والمطايا بكم تسير سيرا ، ما فيه أين ولا تفتير ، نهاركم بأنفسكم دؤوب ، وليلكم بأرواحكم ذهوب ، فأصبحتم تحكون من حالهم حالا ، وتحتذون من مسلكهم مثالا ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، فإنما أنتم فيها سفر حلول ، الموت بكم نزول ، تنتضل فيكم مناياه ، وتمضي بأخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب ، والجزاء والحساب. فرحم الله امرأ راقب ربه ، وتنكب ذنبه ، وكابر هواه ، وكذب مناه ، امرأ زم نفسه من التقوى بزمام ، وألجمها من خشية ربها بلجام ، فقادها إلى الطاعة بزمامها ، وقدعها عن المعصية بلجامها ، رافعا إلى المعاد طرفه ، متوقعا في كل أوان حتفه ، دائم الفكر ، طويل السهر ، عزوفا عن الدنيا سأما ، كدوحا لآخرته متحافظا ، امرأ جعل الصبر مطية نجاته ، والتقوى عدة وفاته ، ودواء أجوائه ، فاعتبر وقاس وترك الدنيا والناس ، يتعلم للتفقه والسداد ، وقد وقر قلبه ذكر المعاد ، وطوى مهاده ، وهجر وساده ، منتصب على أطرافه ، داخل في أعطافه ، خاشعا لله عزوجل ، يراوح بين الوجه والكفين ، خشوع في السر لربه ، لدمعه صبيب ، ولقلبه وجيب ، شديدة أسباله ، ترتعد من خوف الله ـ عزوجل ـ أوصاله ، قد عظمت فيما عند الله رغبته ، واشتدت منه رهبته ، راضيا بالكفاف من أمره ، يظهر دون ما يكتم ، ويكتفي بأقل مما يعلم ، أولئك ودائع الله في بلاده ، المدفوع بهم عن عباده ، لو أقسم أحدهم على الله ـ جل ذكره ـ لأبره ، أو دعا على أحد نصره الله ، يسمع إذا ناجاه ، ويستجيب له إذا دعاه ، جعل الله العاقبة للتقوى ، والجنة لأهلها مأوى ، دعاؤهم فيها أحسن الدعاء ، سبحانك اللهم ، دعاهم المولى على ما آتاهم ، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين». خطبة لأمير المؤمنين عليه‌ السلام


   Back to List