Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن إسحاق المدني : عن أبي جعفر عليه‌ السلام ، قال : «إن رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله سئل عن قول الله عزوجل : (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) ؟ فقال : يا علي ، إن الوفد لايكونون إلا ركبانا ، أولئك رجال اتقوا الله ، فأحبهم الله ـ عز ذكره ـ واختصهم ، ورضي أعمالهم ، فسماهم المتقين. ثم قال له : يا علي ، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم ، وإن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز ، عليها رحائل الذهب ، مكللة بالدر والياقوت ، وجلائلها الإستبرق والسندس ، وخطمها جدل الأرجوان ، تطير بهم إلى المحشر ، مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه ، وعن يمينه وعن شماله ، يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم ، وعلى باب الجنة شجرة ، إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس ، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية. قال : فيسقون منها شربة ، فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ، ويسقط عن أبشارهم الشعر ، وذلك قول الله عزوجل : (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) من تلك العين المطهرة. قال : ثم ينصرفون إلى عين أخرى عن يسار الشجرة ، فيغتسلون فيها ، وهي عين الحياة ، ، فلا يموتون أبدا. قال : ثم يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد أبدا. قال : فيقول الجبار ـ جل ذكره ـ للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائي إلى الجنة ، ولاتوقفوهم مع الخلائق ، فقد سبق رضاي عنهم ، ووجبت رحمتي لهم ، وكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات. قال : فتسوقهم الملائكة إلى الجنة ، فإذا انتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم ، ضرب الملائكة الحلقة ضربة تصر صريرا يبلغ صوت صريرها كل حوراء أعدها الله ـ عزوجل ـ لأوليائه في الجنان ، فيتباشرن بهم إذا سمعن صرير الحلقة ، فيقول بعضهن لبعض : قد جاءنا أولياء الله : فيفتح لهم الباب ، فيدخلون الجنة ، وتشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين ، فيقلن : مرحبا بكم ، فما كان أشد شوقنا إليكم ، ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك. فقال علي عليه‌ السلام : يا رسول الله ، أخبرنا عن قول الله عزوجل : (غرف من فوقها غرف مبنية) بما ذا بنيت يا رسول الله؟ فقال : يا علي ، تلك غرف بناها الله ـ عز وجل ـ لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد ، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة ، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب ، على كل باب منها ملك موكل به ، فيها فرش مرفوعة ، بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة ، وحشوها المسك والكافور والعنبر ، وذلك قول الله عز وجل : (وفرش مرفوعة) إذا أدخل المؤمن إلى منازله في الجنة ووضع على رأسه تاج الملك والكرامة ، ألبس حلل الذهب والفضة والياقوت ، والدر منظوم في الإكليل تحت التاج. قال : وألبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر ، فذلك قوله عزوجل : (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) فإذا جلس المؤمن على سريره ، اهتز سريره فرحا ، فإذا استقر لولي الله ـ عزوجل ـ منازله في الجنان ، استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله ـ عزوجل ـ إياه ، فيقول له خدام المؤمن من الوصفاء والوصائف : مكانك ؛ فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته ، وزوجته الحوراء تهيأ له ، فاصبر لولي الله. قال : فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها ، وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد هي من مسك وعنبر ، وعلى رأسها تاج الكرامة ، وعليها نعلان من ذهب مكللتان بالياقوت واللؤلؤ ، شراكهما ياقوت أحمر ، فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا ، فتقول له : يا ولي الله ، ليس هذا يوم تعب ولا نصب ، فلا تقم ، أنا لك وأنت لي. قال : فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لايملها ولا تمله . قال : فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة ، نظر إلى عنقها ، فإذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر ، وسطها لوح صفحته درة مكتوب فيها : أنت يا ولي الله حبيبي ، وأنا الحوراء حبيبتك ، إليك تناهت نفسي ، وإلي تناهت نفسك ، ثم يبعث الله إليه ألف ملك يهنئونه بالجنة ، ويزوجونه بالحوراء. قال : فينتهون إلى أول باب من جنانه ، فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه : استأذن لنا على ولي الله ، فإن الله بعثنا إليه نهنئه ، فيقول لهم الملك : حتى أقول للحاجب ، فيعلمه بمكانكم . قال : فيدخل الملك إلى الحاجب ، وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب ، فيقول للحاجب : إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين ـ تبارك وتعالى ـ ليهنئوا ولي الله ، وقد سألوني أن آذن لهم عليه ، فيقول الحاجب : إنه ليعظم علي أن أستأذن لأحد على ولي الله وهو مع زوجته الحوراء. قال : وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان. قال : فيدخل الحاجب إلى القيم ، فيقول له : إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنئون ولي الله ، فاستأذن لهم ، فيتقدم القيم إلى الخدام ، فيقول لهم : إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم الله يهنئون ولي الله ، فأعلموه بمكانهم. قال : فيعلمونه ، فيؤذن للملائكة ، فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب ، وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به ، فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله ، فتح كل ملك بابه الموكل به. قال : فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب الغرفة. قال : فيبلغونه رسالة الجبار ـ جل وعز ـ وذلك قول الله عزوجل : (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) من أبواب الغرفة (سلام عليكم) إلى آخر الآية. قال : وذلك قوله جل وعز : (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) ؛ يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم الكبير ، إن الملائكة من رسل الله ـ عز ذكره ـ يستأذنون عليه ، فلا يدخلون عليه إلا بإذنه ، فذلك الملك العظيم الكبير. قال : والأنهار تجري من تحت مساكنهم ، وذلك قول الله عزوجل : (تجري من تحتهم الأنهار) والثمار دانية منهم وهو قوله عز وجل : (ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ ، وإن الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله : يا ولي الله ، كلني قبل أن تأكل هذا قبلي. قال : وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات ، وأنهار من خمر ، وأنهار من ماء ، وأنهار من لبن ، وأنهار من عسل ، فإذا دعا ولي الله بغذائه ، أتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمي شهوته. قال : ثم يتخلى مع إخوانه ، ويزور بعضهم بعضا ، ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وأطيب من ذلك ، لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء ، وأربع نسوة من الآدميين ، والمؤمن ساعة مع الحوراء ، وساعة مع الآدمية ، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض ، وإن المؤمن ليغشاه شعاع نور وهو على أريكته ، ويقول لخدامه : ما هذا الشعاع اللامع ؛ لعل الجبار لحظني ؟ فيقول له خدامه : قدوس قدوس ، جل جلال الله ، بل هذه حوراء من نسائك ممن لم تدخل بها بعد أشرفت عليك من خيمتها شوقا إليك ، وقد تعرضت لك وأحبت لقاءك ، فلما أن رأتك متكئا على سريرك ، تبسمت نحوك شوقا إليك ، فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غشيك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقته . فيقول ولي الله : ائذنوا لها ، فتنزل إلي ، فيبتدر إليها ألف وصيف ، وألف وصيفة يبشرونها بذلك ، فتنزل إليه من خيمتها ، وعليها سبعون حلة منسوجة بالذهب والفضة ، مكللة بالدر والياقوت والزبرجد ، صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة ، يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة ، طولها سبعون ذراعا ، وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع ، فإذا دنت من ولي الله ، أقبل الخدام بصحائف الذهب والفضة ، فيها الدر والياقوت والزبرجد ، فينثرونها عليها ، ثم يعانقها وتعانقه ، فلا يمل ولا تمل». قال : ثم قال أبو جعفر عليه‌ السلام : «أما الجنان المذكورة في الكتاب ، فإنهن جنة عدن ، وجنة الفردوس ، وجنة نعيم ، وجنة المأوى». قال : «وإن لله ـ عزوجل ـ جنانا محفوفة بهذه الجنان ، وإن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب واشتهى ، يتنعم فيهن كيف يشاء ، وإذا أراد المؤمن شيئا إنما دعواه إذا أراد أن يقول : سبحانك اللهم ، فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى ، من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به ، وذلك قول الله عزوجل : (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام) يعني الخدام. قال : (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يعني بذلك عند ما يقضون من لذاتهم من الجماع والطعام والشراب ، يحمدون الله ـ عزوجل ـ عند فراغهم . وأما قوله : (أولئك لهم رزق معلوم) قال : يعلمه الخدام ، فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه. وأما قوله عز وجل : (فواكه وهم مكرمون) قال : فإنهم لايشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به ».


   Back to List