Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
أحمد بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن أبي روح فرج بن قرة ، عن جعفر بن عبد الله ، عن مسعدة بن صدقة : عن أبي عبد الله عليه‌ السلام ، قال : «خطب أمير المؤمنين عليه‌ السلام بالمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ، ثم قال : أما بعد ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء ، ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلا بعد أزل وبلاء. أيها الناس ، في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر ، وما كل ذي قلب بلبيب ، ولا كل ذي سمع بسميع ، ولا كل ذي ناظر عين ببصير. عباد الله ، أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه ، كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم ، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي ، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ، ولله عاقبة الأمور. فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطإ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتصون أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، وكل امرى منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات ، وأسباب محكمات ، فلا يزالون بجور ، ولن يزدادوا إلا خطأ ، لاينالون تقربا ، ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عزوجل ، أنس بعضهم ببعض ، وتصديق بعضهم لبعض ، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض ، أهل حسرات ، وكفوف شبهات ، وأهل عشوات وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتهم عند من لايعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها . ووا أسفى من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا ، وكيف يقتل بعضها بعضا ، المتشتتة غدا عن الأصل ، النازلة بالفرع ، المؤملة الفتح من غير جهته ، كل حزب منهم آخذ منه بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أن الله ـ وله الحمد ـ سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع الخريف ، يؤلف الله بينهم ، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب ، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث بعث عليه فأرة ، فلم يثبت عليه أكمة ، ولم يرد سننه رص طود يذعذعهم الله في بطون أودية ، ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويمكن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني أمية ، ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركنا ، وينقض بهم طي الجنادل من إرم ، ويملأ منهم بطنان الزيتون . فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك ، وكأني أسمع صهيل خيلهم ، وطمطمة رجالهم ، وايم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد ، كما تذوب الألية على النار ، من مات منهم مات ضالا ، وإلى الله ـ عزوجل ـ يفضي منهم من درج ، ويتوب الله ـ عزوجل ـ على من تاب ، ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء ، وليس لأحد على الله ـ عز ذكره ـ الخيرة ، بل لله الخيرة والأمر جميعا. أيها الناس ، إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ، ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقو من قوي عليكم ، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها ، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليه‌ السلام. ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة ، وأحييتم الباطل ، وخلفتم الحق وراء ظهوركم ، وقطعتم الأدنى من أهل بدر ، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله. ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء ، وقرب الوعد ، وانقضت المدة ، وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ، ولاح لكم القمر المنير ، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة ، واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق ، سلك بكم مناهج الرسول صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، فتداويتم من العمى والصمم والبكم ، وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) ». خطبة لأمير المؤمنين عليه‌ السلام


   Back to List