Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الروضة

اسم الباب :

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ؛ و الحسين بن محمد الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن يزيد بن عبد الله ، عمن حدثه ، قال : كتب أبو جعفر عليه‌ السلام إلى سعيد الخير : «بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد ، فإني أوصيك بتقوى الله ؛ فإن فيها السلامة من التلف ، والغنيمة في المنقلب ، إن الله ـ عزوجل ـ يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ، ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله ، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة ، وبالتقوى فاز الصابرون ونجت تلك العصب من المهالك ، ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة ، نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات ، لما بلغهم في الكتاب من المثلات ، حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحمد ، وذموا أنفسهم على ما فرطوا وهم أهل الذم ، وعلموا أن الله ـ تبارك وتعالى الحليم العليم ـ إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاه ، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه ، ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات ، دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ولم يمنع دعاء عباده ، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمت صدقا وعدلا ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى. وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه ، وولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ، وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لايعلمون ، فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم إلى الردى ، وغيروا عرى الدين ، ثم ورثوه في السفه والصبا ، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى ، وعليه يردون ، بئس للظالمين بدلا ، ولاية الناس بعد ولاية الله ، وثواب الناس بعد ثواب الله ، ورضا الناس بعد رضا الله ، فأصبحت الأمة كذلك ، وفيهم المجتهدون في العبادة ، على تلك الضلالة معجبون مفتونون ، فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم. وقد كان في الرسل ذكرى للعابدين ، إن نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة ، ثم يعصي الله ـ تبارك وتعالى ـ في الباب الواحد ، فيخرج به من الجنة ، وينبذ به في بطن الحوت ، ثم لاينجيه إلا الاعتراف والتوبة ، فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه ، فما ربحت تجارتهم ، وما كانوا مهتدين. ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده ، فهم مع السادة والكبرة ، فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا ، وذلك مبلغهم من العلم ، لايزالون كذلك في طبع وطمع ، لايزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير ، يصبر منهم العلماء على الأذى والتعنيف ، ويعيبون على العلماء بالتكليف ، والعلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة ، إن رأوا تائها ضالا لايهدونه أو ميتا لايحيونه ، فبئس ما يصنعون ؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به ، وأن ينهوا عما نهوا عنه ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان. فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد ، إن وعظت ، قالوا : طغت ، وإن علموا الحق الذي تركوا ، قالوا : خالفت ، وإن اعتزلوهم ، قالوا : فارقت ، وإن قالوا : هاتوا برهانكم على ما تحدثون ، قالوا : نافقت ، وإن أطاعوهم ، قالوا : عصت الله عزوجل ؛ فهلك جهال فيما لايعلمون ، أميون فيما يتلون ، يصدقون بالكتاب عند التعريف ، ويكذبون به عند التحريف فلا ينكرون ، أولئك أشباه الأحبار والرهبان ، قادة في الهوى ، سادة في الردى ، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى ، لايعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى ، يقولون : ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو ، وصدقوا تركهم رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله على البيضاء ليلها من نهارها ، لم يظهر فيهم بدعة ، ولم يبدل فيهم سنة ، لاخلاف عندهم ولا اختلاف ، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين : داع إلى الله تبارك وتعالى ، وداع إلى النار ، فعند ذلك نطق الشيطان ، فعلا صوته على لسان أوليائه ، وكثر خيله ورجله ، وشارك في المال والولد من أشركه ، فعمل بالبدعة ، وترك الكتاب والسنة ، ونطق أولياء الله بالحجة ، وأخذوا بالكتاب والحكمة ، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل ، وتخاذل وتهادن أهل الهوى ، وتعاون أهل الضلالة حتى كانت الجماعة مع فلان وأشباهه ، فاعرف هذا الصنف وصنف آخر ، فأبصرهم رأي العين نجباء ، والزمهم حتى ترد أهلك ، فإن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين». إلى هاهنا رواية الحسين. وفي رواية محمد بن يحيى زيادة : «لهم علم بالطريق ، فإن كان دونهم بلاء فلا تنظر إليه ، فإن كان دونهم عسف من أهل العسف وخسف ودونهم بلايا تنقضي ، ثم تصير إلى رخاء. ثم اعلم أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض ، ولو لا أن تذهب بك الظنون عني ، لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها ، ولنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ، ولكني أتقيك وأستبقيك ، وليس الحليم الذي لايتقي أحدا في مكان التقوى ، والحلم لباس العالم ، فلا تعرين منه ؛ والسلام». رسالة أيضا منه إليه


   Back to List