اسم الكتاب : كتاب الإيمان والكفر
اسم الباب : باب آخر منه
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ؛ و علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « إن الله - عز وجل - لما أخرج ذرية آدم عليه السلام من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له ، وبالنبوة لكل نبي ، فكان أول من أخذ له عليهم الميثاق بنبوته محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ، ثم قال الله - عز وجل - لآدم : انظر ما ذا ترى؟ ». قال : « فنظر آدم عليه السلام إلى ذريته - وهم ذر - قد ملؤوا السماء ، قال آدم عليه السلام : يا رب ، ما أكثر ذريتي! ولأمر ما خلقتهم؟ فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عز وجل : ( يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) ويؤمنون برسلي ، ويتبعونهم. قال آدم عليه السلام : يا رب ، فما لي أرى بعض الذر أعظم من بعض ، وبعضهم له نور كثير ، وبعضهم له نور قليل ، وبعضهم ليس له نور ؟ فقال الله عز وجل : كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم. قال آدم عليه السلام : يا رب ، فتأذن لي في الكلام ؛ فأتكلم؟ قال الله عز وجل : تكلم ؛ فإن روحك من روحي ، وطبيعتك خلاف كينونتي . قال آدم : يا رب ، فلو كنت خلقتهم على مثال واحد ، وقدر واحد ، وطبيعة واحدة ، وجبلة واحدة ، وألوان واحدة ، وأعمار واحدة ، وأرزاق سواء ، لم يبغ بعضهم على بعض ، ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ، ولا اختلاف في شيء من الأشياء. قال الله عز وجل : يا آدم ، بروحي نطقت ، وبضعف طبيعتك تكلفت ما لاعلم لك به ، وأنا الخالق العالم ، بعلمي خالفت بين خلقهم ، وبمشيئتي يمضي فيهم أمري ، وإلى تدبيري وتقديري صائرون ، لا تبديل لخلقي ، إنما خلقت الجن والإنس ليعبدون ، وخلقت الجنة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي ولا أبالي ، وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي ، وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم ، وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم ، فلذلك خلقت الدنيا والآخرة ، والحياة والموت ، والطاعة والمعصية ، والجنة والنار ، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري. وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم ، فجعلت منهم الشقي والسعيد ، والبصير والأعمى ، والقصير والطويل ، والجميل والدميم ، والعالم والجاهل ، والغني والفقير ، والمطيع والعاصي ، والصحيح والسقيم ، ومن به الزمانة ومن لاعاهة به ، فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة ، فيحمدني على عافيته ، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح ، فيدعوني ويسألني أن أعافيه ، ويصبر على بلائي ، فأثيبه جزيل عطائي ، وينظر الغني إلى الفقير ، فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغني ، فيدعوني ويسألني ، وينظر المؤمن إلى الكافر ، فيحمدني على ما هديته ، فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء وفيما أعافيهم وفيما أبتليهم وفيما أعطيهم وفيما أمنعهم. وأنا الله الملك القادر ، ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت ، ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت ، وأقدم من ذلك ما أخرت ، وأؤخر من ذلك ما قدمت ، وأنا الله الفعال لما أريد ، لا أسأل عما أفعل ، وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون ».