اسم الكتاب : كتاب الديات
اسم الباب : باب النوادر
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عنأبي بصير : عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « دخل أمير المؤمنين عليه السلام المسجد ، فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه ، فقال علي عليه السلام : ما أبكاك؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي ، إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر ، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه ، فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما ترك مالا ، فقدمتهم إلى شريح ، فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير.فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا ، فرجعوا والفتى معهم إلى شريح ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يا شريح ، كيف قضيت بين هؤلاء ؟فقال : يا أمير المؤمنين ، ادعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم ، فرجعوا ولم يرجع أبوه ، فسألتهم عنه ، فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما خلف مالا فقلت للفتى : هل لك بينة على ما تدعي؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم .فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هيهات يا شريح ، هكذا تحكم في مثل هذا؟فقال : يا أمير المؤمنين ، فكيف ؟فقال أمير المؤمنين عليه السلام : والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبليإلا داود النبي عليه السلام ؛ يا قنبر ، ادع لي شرطة الخميس فدعاهم ، فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر إلى وجوههم ، فقال : « ما ذا تقولون؟ تقولون : إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى؟ إني إذا لجاهل ، ثم قال : فرقوهم ، وغطوا رؤوسهم ».قال : « ففرق بينهم ، وأقيم كل رجل منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة ودواة ، وجلس أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في مجلس القضاء ، وجلس الناس إليه ، فقال لهم : إذا أنا كبرت فكبروا ، ثم قال للناس : اخرجوا ، ثم دعا بواحد منهم ، فأجلسه بين يديه ، وكشف عن وجهه ، ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع : اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، قال : وفي أي شهر؟ قال : في شهر كذا وكذا ، قال : في أي سنة؟ قال : فيسنة كذا وكذا ، قال : وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي منزل من مات؟ قال : في منزل فلان بن فلان ، قال : وما كان مرضه؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوما مرض؟ قال : كذا وكذا ، قال : ففي أي يوم مات ، ومن غسله ، ومن كفنه ، وبما كفنتموه ، ومن صلى عليه ، ومن نزل قبره؟فلما سأله عن جميع ما يريد ، كبر أمير المؤمنين عليه السلام ، وكبر الناس جميعا ، فارتاب أولئك الباقون ، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه ، وينطلق به إلى السجن.ثم دعا بآخر ، فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثم قال : كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أنا إلا واحد من القوم ، ولقد كنت كارها لقتله ، فأقر.ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال ، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن ، فأقر أيضا ، فألزمهم المال والدم فقال شريح : يا أمير المؤمنين ، وكيف حكم داود النبي عليه السلام؟فقال : إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون ، وينادون بعضهم ب « يا مات الدين » فيجيب منهم غلام ، فدعاهم داود عليه السلام ، فقال : يا غلام ، ما اسمك؟ قال : مات الدين ، فقال له داود عليه السلام : من سماك بهذا الاسم؟ فقال : أمي ، فانطلق داود إلى أمه ، فقال لها : يا أيتها المرأة ، ما اسم ابنك هذا؟ قالت : مات الدين ، فقال لها : ومن سماه بهذا ؟ قالت : أبوه ، قال : وكيف كان ذاك ؟ قالت : إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم ، وهذا الصبي حمل في بطني ، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي ، فسألتهم عنه ، فقالوا : مات ، فقلت لهم : فأين ما ترك ؟ قالوا : لم يخلف شيئا ، فقلت : هل أوصاكم بوصية؟ قالوا : نعم ، زعم أنك حبلى ، فما ولدت من ولد جارية أو غلام ، فسميه « مات الدين » فسميته ، قال داود : وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت : نعم ، قال : فأحياء هم ، أم أموات؟ قالت : بل أحياء ، قال : فانطلقي بنا إليهم ، ثم مضى معها ، فاستخرجهم من منازلهم ، فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه ، وأثبت عليهم المال والدم ، وقال للمرأة : سمي ابنك هذا « عاش الدين ».ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال الفتى كم كان ، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام خاتمه وجميع خواتيم من عنده ، ثم قال : أجيلوا هذه السهام ، فأيكم أخرج خاتمي ، فهو صادق في دعواه ؛ لأنه سهم الله ، وسهم الله لايخيب ».