اسم الكتاب : كتاب الحجة
اسم الباب : باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعا ، قال : لما انقضى أمر المخلوع ، واستوى الأمر للمأمون ، كتب إلى الرضا عليه السلام يستقدمه إلى خراسان ، فاعتل عليه أبو الحسن عليه السلام بعلل ، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم أنه لامحيص له ، وأنه لايكف عنه ، فخرج عليه السلام ولأبي جعفر عليه السلام سبعسنين - فكتب إليه المأمون : لاتأخذ على طريق الجبل وقم ، وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس - حتى وافى مرو ، فعرض عليه المأمون أن يتقلد الأمر والخلافة ، فأبى أبو الحسن عليه السلام ، قال : فولاية العهد ، فقال : « على شروط أسألكها ». قال المأمون له : سل ما شئت ، فكتب الرضا عليه السلام : « إني داخل في ولاية العهد على أن لا آمر و لا أنهى ، ولا أفتي ولا أقضي ، ولا أولي ولا أعزل ، ولا أغير شيئا مما هو قائم ، وتعفيني من ذلك كله ». فأجابه المأمون إلى ذلك كله. قال : فحدثني ياسر ، قال : فلما حضر العيد ، بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ، ويحضر العيد ، ويصلي ويخطب ، فبعث إليه الرضا عليه السلام : « قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الأمر ». فبعث إليه المأمون : إنما أريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس ، و يعرفوا فضلك ، فلم يزل عليه السلام يراده الكلام في ذلك ، فألح عليه ، فقال : « يا أمير المؤمنين ، إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ». فقال المأمون : اخرج كيف شئت ، وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن عليه السلام. قال : فحدثني ياسر الخادم : أنه قعد الناس لأبي الحسن عليه السلام في الطرقات والسطوح - الرجال ، والنساء ، والصبيان - واجتمع القواد والجند على باب أبي الحسن عليه السلام ، فلما طلعت الشمس ، قام عليه السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ، ألقى طرفا منها على صدره ، وطرفا بين كتفيه ، وتشمر ، ثم قال لجميع مواليه : « افعلوا مثل ما فعلت ». ثم أخذ بيده عكازا ، ثم خرج - ونحن بين يديه و هو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق ، وعليه ثياب مشمرة - فلما مشى ومشينا بين يديه ، رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات ، فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه ، والقواد والناس على الباب قد تهيأوا ولبسوا السلاح ، وتزينوا بأحسن الزينة ، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة ، وطلع الرضا عليه السلام ، وقف على الباب وقفة ، ثم قال : « الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، والحمد لله على ما أبلانا » ، نرفع بها أصواتنا. قال ياسر : فتزعزعت مرو بالبكاء و الضجيج و الصياح لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام ، وسقط القواد عن دوابهم ، ورموا بخفافهم لما رأوا أبا الحسن عليه السلام حافيا ، وكان يمشي ويقف في كل عشر خطوات ، ويكبر ثلاث مرات. قال ياسر : فتخيل إلينا أن السماء والأرض والجبال تجاوبه ، وصارت مرو ضجة واحدة من البكاء ، وبلغ المأمون ذلك ، فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين ، إن بلغ الرضا عليه السلام المصلى على هذا السبيل ، افتتن به الناس ، و الرأي أن تسأله أن يرجع ، فبعث إليه المأمون ، فسأله الرجوع ، فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه ، فلبسه و ركب و رجع.