Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الحجة

اسم الباب : باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن أحمد بن زيد النيسابوري ، قال : حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي ، عن عبد الملك بن عمر ، عن أسيد بن صفوان - صاحب رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله - قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه‌ السلام ، ارتج الموضع بالبكاء ، و دهش الناس كيوم قبض النبي صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، و جاء رجل - باكيا و هو مسرع مسترجع و هو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة - حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليه‌ السلام ، فقال : رحمك الله يا أبا الحسن ، كنت أول القوم إسلاما ، و أخلصهم إيمانا ، و أشدهم يقينا ، و أخوفهم لله ، وأعظمهم عناء ، وأحوطهم على رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، و آمنهم على أصحابه ، و أفضلهم مناقب ، و أكرمهم سوابق ، و أرفعهم درجة ، و أقربهم من رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، و أشبههم به هديا و خلقا وسمتا و فعلا ، و أشرفهم منزلة ، و أكرمهم عليه ، فجزاك الله عن الإسلام و عن رسوله و عن المسلمين خيرا ، قويت حين ضعف أصحابه ، و برزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، و لزمت منهاج رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله إذ هم أصحابه ، كنت خليفته حقا ، لم تنازع و لم تضرع برغم المنافقين و غيظ الكافرين و كره الحاسدين وصغر الفاسقين ، فقمت بالأمر حين فشلوا ، و نطقت حين تتعتعوا ، و مضيت بنور الله إذ وقفوا ، فاتبعوك فهدوا ، و كنت أخفضهم صوتا ، و أعلاهم قنوتا ، وأقلهم كلاما ، و أصوبهم نطقا ، و أكبرهم رأيا ، و أشجعهم قلبا ، و أشدهم يقينا ، وأحسنهم عملا ، و أعرفهم بالأمور. كنت – و الله - يعسوبا للدين أولا و آخرا ، الأول حين تفرق الناس ، و الآخر حين فشلوا ، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا ، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، و حفظت ما أضاعوا ، و رعيت ما أهملوا ، و شمرت إذا اجتمعوا ، و علوت إذ هلعوا ، و صبرت إذ أسرعوا ، و أدركت أوتار ما طلبوا ، ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا و نهبا ، وللمؤمنين عمدا و حصنا ، فطرت – و الله - بنعمائها ، و فزت بحبائها ، و أحرزت سوابغها ، و ذهبت بفضائلها ، لم تفلل حجتك ، و لم يزغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ،ولم تجبن نفسك و لم تخر ، كنت كالجبل لاتحركه العواصف ، و كنت - كما قال عليه‌ السلام - آمن الناس في صحبتك و ذات يدك ، و كنت - كما قال - ضعيفا في بدنك ، قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله ، كبيرا في الأرض ، جليلا عند المؤمنين ، لم يكن لأحد فيك مهمز ، و لالقائل فيك مغمز ، و لالأحد فيك مطمع ، و لالأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه ، و القوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق ، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء ، شأنك الحق و الصدق و الرفق ، و قولك حكم و حتم ، و أمرك حلم ..وحزم ، و رأيك علم و عزم فيما فعلت ، و قد نهج السبيل ، و سهل العسير ، وأطفئت النيران ، واعتدل بك الدين ، و قوي بك الإسلام ، فظهر أمر الله و لو كره الكافرون ، وثبت بك الإسلام و المؤمنون ، و سبقت سبقا بعيدا ، و أتعبت من بعدك تعبا شديدا ، فجللت عن البكاء ، و عظمت رزيتك في السماء ، و هدت مصيبتك الأنام ؛ فإنا لله و إنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاه ، و سلمنا لله أمره ، فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا. كنت للمؤمنين كهفا و حصنا و قنة راسيا ، و على الكافرين غلظة و غيظا ، فألحقك الله بنبيه ، و لا أحرمنا أجرك ، و لا أضلنا بعدك. وسكت القوم حتى انقضى كلامه ، و بكى ، و بكى أصحاب رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ، ثم طلبوه ، فلم يصادفوه. ‌


   Back to List