Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" قال على بن محمد عليهما ‌السلام: وأما تسليم الجبال والصخور والاحجار عليه فان رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله لما ترك التجارة إلى الشام، وتصدق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات، كان يغدو كل يوم إلى حراء يصعده، وينظر من قلله إلى آثار رحمة الله وأنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته، وينظر إلى أكناف السماء وأقطار الارض والبحار، والمفاوز، والفيافي، فيعتبر بتلك الآثار، ويتذكر بتلك الآيات، ويعبدالله حق عبادته. فلما استكمل أربعين سنة و نظر الله عزوجل إلى قلبه فوجده أفضل القلوب وأجلها، وأطوعها وأخشعها وأخضعها، أذن لابواب السماء ففتحت، ومحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ينظر إليها، وأذن للملائكة فنزلوا ومحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ينظر إليهم، وأمر بالرحمة فانزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد وغمرته، ونظر إلى جبرئيل الروح الامين المطوق بالنور، طاووس الملائكة هبط إليه، وأخذ بضبعه وهزه وقال: يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال: يا محمد(اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق - إلى قوله - مالم يعلم) ثم أوحى إليه ما أوحى إليه ربه عزوجل، ثم صعد إلى العلو، ونزل محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله من الجبل وقد غشيه من تعظيم جلال الله، وورد عليه من كبير شأنه ماركبه به الحمى والنافض. يقول وقد اشتد عليه مايخافه من تكذيب قريش في خبره، ونسبتهم إياه إلى الجنون، وأنه يعتريه شيطان وكان من أول أمره أعقل خليقة الله، وأكرم براياه وأبغض الاشياء إليه الشيطان وأفعال المجانين وأقوالهم. فأراد الله عزوجل أن يشرح صدره، ويشجع قلبه، فأنطق الجبال والصخور والمدر، وكلما وصل إلى شئ منها ناداه: السلام عليك يامحمد السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، أبشر فان الله عزوجل قد فضلك وجملك وزينك وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من الاولين والآخرين لا يحزنك قول قريش: إنك مجنون، وعن الدين مفتون، فان الفاضل من فضله الله رب العالمين، والكريم من كرمه خالق الخلق أجمعين، فلا يضيقن صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك، فسوف يبلغك ربك أقصى منتهى الكرامات ويرفعك إلى أرفع الدرجات. وسوف ينعم ويفرح أولياء‌ك بوصيك علي بن أبي طالب عليه ‌السلام، وسوف يبث علومك في العباد والبلاد، بمفتاحك وباب مدينة علمك علي بن أبي طالب عليه ‌السلام، وسوف يقر عينك ببنتك فاطمة عليها‌السلام، وسوف يخرج منها ومن علي: الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وسوف ينشر في البلاد دينك، وسوف يعظم اجور المحبين لك ولاخيك، وسوف يضع في يدك لواء الحمد، فتضعه في يد أخيك علي، فيكون تحته كل نبي وصديق وشهيد، يكون قائدهم أجمعين إلى جنات النعيم. فقلت في سري: يارب من علي بن أبي طالب الذي وعدتني به؟ - وذلك بعد ما ولد علي عليه ‌السلام وهو طفل - أو هو ولد عمي؟ وقال بعد ذلك لما تحرك علي قليلا وهو معه: أهو هذا؟ ففي كل مرة من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال، فجعل محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله في كفة منه ومثل له علي عليه ‌السلام وسائر الخلق من امته إلى يوم القيامة في كفة فوزن بهم فرجح. ثم أخرج محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله من الكفة وترك علي في كفة محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله التي كان فيها فوزن بسائر امته، فرجح بهم، فعرفه رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بعينه وصفته. ونودي في سره: يا محمد هذا علي بن أبي طالب صفيي الذي اؤيد به هذا الدين، يرجح على جميع امتك بعدك. فذلك حين شرح الله صدري بأداء الرسالة، وخفف عني مكافحة الامة وسهل علي مبارزة العتاة الجبابرة من قريش. ‏"


   Back to List