Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" وقال الصادق عليه ‌السلام - وقد ذكرنا عنده الجدال في الدين، وأن رسول الله والائمة عليهم‌السلام قد نهوا عنه - فقال الصادق عليه ‌السلام: لم ينه عنه مطلقا، ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون الله عزوجل يقول: "" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن "" وقوله تعالى: "" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن "". فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله تعالى على شيعتنا، وكيف يحرم الله الجدال جملة وهو يقول: "" وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى "" وقال الله تعالى: "" تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ""؟ فجعل علم الصدق والايمان بالبرهان، وهل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن؟ فقيل: يابن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن، والتي ليست بأحسن؟ قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن، فان تجادل مبطلا، فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة، لانك لا تدري كيف التخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين. أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف ما في يده حجة له على باطله. وأما الضعفاء فتغم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل. وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياء‌ه له، فقال الله تعالى حاكيا عنه:(وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم). فقال الله في الرد عليه:(قل - يا محمد - يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا أنتم منه توقدون). فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم؟ قال الله تعالى:(قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) أفيعجز من ابتدأ به لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من أعادته. ثم قال:(الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا) أي إذا كان قد كمن النار الحارة في الشجر الاخضر الرطب يستخرجها، فعرفكم أنه على إعادة ما بلى أقدر. ثم قال:(أو ليس الذي خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) أي إذا كان خلق السماوات والارض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الاعجب عندكم والاصعب لديكم ولم تجوزوا ماهو أسهل عندكم من إعادة البالي؟ فقال الصادق عليه ‌السلام: فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبههم. وأما الجدال بغير التي هي أحسن فأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وإنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق، فهذا هو المحرم لانك مثله، جحد هو حقا، وجحدت أنت حقا آخر. قال أبومحمد الحسن العسكرى عليه ‌السلام: فقام إليه رجل وقال: يابن رسول الله أفجادل رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله؟ فقال الصادق عليه ‌السلام: مهما ظننت برسول الله من شئ فلا تظن به مخالفة الله، أو ليس الله تعالى قد قال:(وجادلهم بالتي هي أحسن)؟ وقال:(قل يحييها الذي أنشأها أول مرة). لمن ضرب الله مثلا، أفتظن أن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله خالف ما أمره الله، فلم يجادل بما أمره الله به، ولم يخبر عن الله بما أمره أن يخبر به؟ ! احتجاج الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وجداله ومناظرته: "


   Back to List