عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
"فأوحى الله تعالى إليه: يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام ويقول: إما أن تخرج أنت ويقيم علي، وإما أن يخرج علي وتقيم أنت. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذاك لعلي، فقال علي عليه السلام: السمع والطاعة لامر الله تعالى وأمر رسوله، وإن كنت احب ألا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله في حال من الاحوال. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي ""؟ قال عليه السلام: رضيت يا رسول الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن إن لك أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة وإن الله قد جعلك امة وحدك كما جعل إبراهيم عليه السلام امة، تمنع جماعة المنافقين والكفار هيبتك عن الحركة على المسلمين. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وشيعه علي عليه السلام خاض المنافقون فقالوا: إنما خلفه محمد بالمدينة لبغضه له، ولملالته منه، وما أراد بذلك إلا أن يلقيه المنافقون فيقتلوه ويحاربوه فيهلكوه. فاتصل ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله. فقال علي عليه السلام: تسمع ما يقولون يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما يكفيك أنك جلدة ما بين عيني ونور بصري، وكالروح في بدني. ثم سار رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه، وأقام علي عليه السلام بالمدينة، فكان كلما دبر المنافقون أن يوقعوا بالمسلمين، فزعوا من علي وخافوا أن يقوم معه عليهم من يدفعهم عن ذلك، وجعلوا يقولون فيما بينهم: هي كرة محمد التي لا يؤوب منها. فلما صار بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين "" اكيدر "" مرحلة قال: تلك العشية: يا زبير بن العوام، يا سماك بن خرشة امضيا في عشرين من المسلمين إلى باب قصر "" اكيدر "" فخذاه، وأتياني به. فقال الزبير: يا رسول الله وكيف نأتيك به ومعه من الجيوش الذي قد علمت، ومعه في قصره سوى حشمه ألف ومائتان عبد وأمة وخادم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تحتالان عليه فتأخذانه، قال: يا رسول الله وكيف نأخذه وهذه ليلة قمراء، وطريقنا أرض ملساء، ونحن في الصحراء لا نخفى؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتحبان أن يستركما الله من عيونهم، ولا يجعل لكما ظلا إذا سرتما، ويجعل لكما نورا كنور القمر لا تتبينان منه؟ قالا: بلى. قال: عليكما بالصلاة على محمد وآله الطيبين معتقدين أن أفضل آله علي بن أبي طالب عليه اسلام، وتعتقد أنت يا زبير خاصة أنه لا يكون علي في قوم إلا كان هو أحق بالولاية عليهم، ليس لاحد أن يتقدمه، فأذا أنتما فعلتما ذلك وبلغتما الظل الذي بين يدي قصره من حائط قصره فأن الله تعالى سيبعث الغزلان، والاوعال إلى بابه فتحتك قرونها به فيقول: من لمحمد في مثل هذا؟ ويركب فرسه لينزل فيصطاد. فتقول امرأته: إياك والخروج فان محمدا قد أناخ بفنائك وليست تأمن أن يكون قد احتال، ودس عليك من يقع بك. فيقول لها: إليك عني، فلو كان أحد انفصل عنه في هذه الليلة، ليلقاه - في هذا القمر - عيون أصحابنا في الطريق، وهذه الدنيا بيضاء لا أحد فيها، ولو كان في ظل قصرنا هذا إنسى لنفرت منه الوحوش. فينزل ليصطاد الغزلان والاوعال فتهرب من بين يديه ويتبعها، فتحيطان به وأصحابكما، فتأخذانه. فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذوه، فقال: لي إليكم حاجة. قالوا: وما هي؟ فانا نقضيها إلا أن تسألنا أن نخليك. فقال: تنزعون عني ثوبي هذا، وسيفي هذا ومنطقتي وتحملونها إليه، وتحملونني إليه في قميصي لئلا يراني في هذا الزي، بل يراني في زي التواضع فلعله يرحمني. ففعلوا ذلك، فجعل المسلمون والاعراب يلبسون ذلك الثوب - وهو في القمر - فيقولون: هذا من حلل الجنة، وهذا من حلي الجنة يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه ثوب اكيدر وسيفه ومنطقته، ولمنديل ابن عمتي الزبير وسماك في الجنة أفضل من هذا إن استقاما على ما أمضيا من عهدي إلى أن يلقياني عند حوضي في المحشر. قالوا: وذلك أفضل من هذا؟ قال صلى الله عليه وآله: بل خيط من منديل مائدتهما في الجنة أفضل من ملء الارض إلى السماء مثل هذا الذهب. فلما اتي به رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: يا محمد أقلني وخلني على أن أدفع عنك من ورائي من أعدائك. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فان لم تف بذلك؟ قال: يا محمد إن لم أف بذلك، فان كنت رسول الله فسيظفرك بي من منع ظلال أصحابك أن تقع على الارض حتى أخذوني، ومن ساق الغزلان إلى بابي حتى استخرجني من قصري وأوقعني في أيدي أصحابك، وإن كنت غير نبي فان دولتك التي أوقعتني في يدك بهذه الخصلة العجيبة والسبب اللطيف ستوقعني في يدك بمثلها. قال: فصالحه رسول الله صلى الله عليه وآله على ألف اوقية من ذهب في رجب ومائتي حلة وألف اوقية في صفر ومائتي حلة، وعلي أنهم يضيفون من مر بهم من المسلمين ثلاثة أيام ويزودونه إلى المرحلة التي تليها، على أنهم إن نقضوا شيئا من ذلك فقد برأت منهم ذمة الله، وذمة محمد رسول الله، ثم كر رسول الله صلى الله عليه وآله راجعا. وقال موسى بن جعفر عليهما السلام: فهذا العجل في زمان النبي هو أبوعامر الراهب الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله: "" الفاسق "" وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله غانما ظافرا، وأبطل الله تعالى كيد المنافقين، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله باحراق مسجد الضرار، وأنزل الله تعالى:(والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) الآيات. وقال موسى بن جعفر عليهما السلام: فهذا العجل - في حياته صلى الله عليه وآله - دمر الله عليه وأصابه بقولنج وبرص وجذام وفالج ولقوة، وبقي أربعين صباحا في أشد عذاب، ثم صار إلى عذاب الله تعالى.. قوله عزوجل: "" ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم: "" 105."