عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" وقال موسى بن جعفر عليه السلام: ولقد اتخذ المنافقون من امة محمد صلى الله عليه وآله بعد موت سعد بن معاذ، وبعد انطلاق محمد صلى الله عليه وآله إلى تبوك أبا عامر الراهب، اتخذوه أميرا ورئيسا، وبايعوا له، وتواطأوا على انهاب المدينة، وسبي ذراري رسول الله وسائر أهله وصحابته، ودبروا التبييت على محمد صلى الله عليه وآله ليقتلوه في طريقه إلى تبوك، فأحسن الله الدفاع عن محمد صلى الله عليه وآله وفضح المنافقين وأخزاهم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "" لتسلكن سبيل من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى أن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه "". قالوا: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله وماكان هذا العجل؟ وماكان هذا التدبير؟ فقال: اعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان تأتيه الاخبار عن صاحب دومة الجندل - وكانت تلك النواحي له مملكة عظيمة ممايلي الشام - وكان يهدد رسول الله صلى الله عليه وآله بأن يقصده ويقتل أصحابه، ويبيد خضراءهم، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله خائفين وجلين من قبله، حتى كانوا يتناوبون على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم عشرون منهم، كلما صاح صائح ظنوا أن قد طلع أوائل رجاله وأصحابه، وأكثر المنافقون الاراجيف والاكاذيب، وجعلوا يتخللون أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، ويقولون: إن "" اكيدر "" قد أعد لكم من الرجال كذا، ومن الكراع كذا، ومن المال كذا وقد نادى - فيما يليه من ولايته - ألا قد أبحتكم النهب والغارة في المدينة. ثم يوسوسون إلى ضعفاء المسلمين يقولون لهم: وأين يقع أصحاب محمد من أصحاب اكيدر؟ يوشك أن يقصد المدينة، فيقتل رجالها، ويسبي ذراريها ونساءها. حتى آذى ذلك قلوب المؤمنين، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ماهم عليه من الجزع. ثم ان المنافقين اتفقوا وبايعوا لابي عامر الراهب الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله "" الفاسق ""، وجعلوه أميرا عليهم، وبخعوا له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة، لئلا ااتهم، إلى أن يتم تدبيركم. وكاتبوا اكيدر في دومة الجندل ليقصد المدينة ليكونوا هم عليه، وهو يقصدهم فيصطلموه. فأوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله وعرفه ما أجمعوا عليه من أمره، وأمره بالمسير إلى تبوك. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله كلما أراد غزوا ورى بغيره، إلا غزاة تبوك، فانه أظهر ماكان يريده، وأمرهم أن يتزودوا لها، وهي الغزاة التي افتضح فيها المنافقون، وذمهم الله في تثبيطهم عنها، وأظهر رسول الله صلى الله عليه وآله ما أوحى الله تعالى إليه أن الله سيظهره باكيدر حتى يأخذه، ويصالحه على ألف اوقية ذهب في صفر، وألف اوقيته ذهب في رجب، ومائتي حلة في رجب، ومائتي حلة في صفر، وينصرف سالما إلى ثمانين يوما. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إن موسى وعد قومه أربعين ليلة، وإني أعدكم ثمانين ليلة، أرجع سالما غانما ظافرا بلا حرب تكون، ولا أحد يستأسر من المؤمنين. فقال المنافقون: لا والله، ولكنها آخر كراته التي لا ينجبر بعدها، وإن أصحابه ليموت بعضهم في هذا الحر، ورياح البوادي، ومياه المواضع المؤذية الفاسدة ومن سلم من ذلك فبين أسير في يد اكيدر، وقتيل وجريح. واستأذنه المنافقون بعلل ذكروها: بعضهم يعتل بالحر، وبعضهم بمرض جسده وبعضهم بمرض عياله، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأذن لهم. "