عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" هذه وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لكل أصحابه، وبها أوصى حين صار إلى الغار. فان الله تعالى قد أوحى إليه: يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إن أبا جهل والملا من قريش قد دبروا يريدون قتلك، وآمرك أن تبيت عليا في موضعك، وقال لك: إن منزلته منزلة إسماعيل الذبيح من إبراهيم الخليل يجعل نفسه لنفسك فداءا، وروحه لروحك وقاءا، وآمرك أن تستصحب أبا بكر، فانه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على مايعاهدك ويعاقدك، كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: أرضيت أن اطلب فلا اوجد وتوجد، فلعله أن يبادر اليك الجهال فيقتلوك؟ قال: بلى يا رسول الله رضيت أن تكون روحي لروحك وقاءا، ونفسي لنفسك فداءا، بل قد رضيت أن تكون روحي ونفسي فداءا لاخ لك أو قريب أو لبعض الحيوانات تمتهنها وهل أحب الحياة إلا لخدمتك والتصرف بين أمرك ونهيك ولمحبة أوليائك، ونصرة أصفيائك، ومجاهدة أعدائك؟ لو لا ذلك لما أحببت أن أعيش في هذه الدنيا ساعة واحدة. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام وقال له: يا أبا حسن قد قرأ علي كلامك هذا الموكلون باللوح المحفوظ، وقرأوا علي ما أعد الله به لك من ثوابه في دار القرار مالم يسمع بمثله السامعون، ولا أرى مثله الراؤون، ولا خطر مثله ببال المتفكرين. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لابى بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبابكر تطلب كما اطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ماأدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟ قال أبوبكر: يا رسول الله أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح، ولا فرج متيح وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إلي من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا جرم إن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقا لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن، كعلي الذي هو مني كذلك، وعلي فوق ذلك لزيادة فضائله وشريف خصاله. يا أبابكر إن من عاهد الله ثم لم ينكث ولم يغير، ولم يبدل ولم يحسد من قد أبانه الله بالتفضيل فهو معنا في الرفيق الاعلى، وإذا أنت مضيت على طريقة يحبها منك ربك، ولم تتبعها بما يسخطه، ووافيته بها إذا بعثك بين يديه، كنت لولاية الله مستحقا، ولمرافقتنا في تلك الجنان مستوجبا. انظر أبابكر فنظر في آفاق السماء، فرأى أملاكا من نار على أفراس من نار، بأيديهم رماح من نار، كل ينادي: يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك و مخالفيك نطحطحهم. ثم قال: تسمع على الارض. فتسمع فاذا هي تنادي: يا محمد مرني بأمرك في أعدائك أمتثل أمرك. ثم قال: تسمع على الجبال، فتسمعها تنادي: يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك نهلكهم. ثم قال: تسمع على البحار، فاحضرت البحار بحضرته، وصاحت أمواجها تنادي: يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك نمتثله. ثم سمع السماء والارض والجبال والبحار كل يقول: يا محمد ما أمرك ربك بدخول الغار لعجزك عن الكفار، ولكن إمتحانا وابتلاءا ليتخلص الخبيث من الطيب من عباده وإمائه بأناتك وصبرك وحلمك عنهم. يا محمد من وفى بعهدك فهو من رفقائك في الجنان، ومن نكث فعلى نفسه ينكث وهو من قرناء إبليس اللعين في طبقات النيران. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي أنت مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، والروح من البدن، حببت إلي كالماء البارد إلى ذي الغلة الصادي. ثم قال له: يا أبا حسن تغش ببردتي، فاذا أتاك الكافرون يخاطبونك، فان الله يقرن بك توفيقه، وبه تجيبهم. فلما جاء أبوجهل، والقوم شاهرون سيوفهم، قال لهم أبوجهل: لا تقعوا به وهو نائم لا يشعر، ولكن ارموه بالاحجار لينتبه بها، ثم اقتلوه، فرموه بأحجار ثقال صائبة. فكشف عن رأسه، فقال: ماذا شأنكم؟ وعرفوه، فاذا هو علي عليه السلام. فقال لهم أبوجهل: أما ترون محمدا كيف أبات هذا ونجا بنفسه لتشتغلوا به وينجو محمد، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد، وإلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه بمنع عنه كما يزعم؟ فقال علي عليه السلام: ألي تقول هذا يا أبا جهل؟ بل الله تعالى قد أعطاني من العقل مالو قسم على جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء، ومن القوة مالو قسم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء، ومن الشجاعة مالو قسم على جميع جبناء الدنيا لصاروا به شجعانا، ومن الحلم ما لو قسم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء. ولو لا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن لا أحدث حدثا حتى ألقاه لكان لي ولكم شأن، ولا قتلنكم قتلا. ويلك يا أبا جهل - عليك اللعنة - إن محمدا صلى الله عليه وآله قد استأذنه في طريقه السماء والارض والبحار والجبال في إهلاككم فأبى إلا أن يرفق بكم، ويداريكم؟؟ ليؤمن من في علم الله أنه يؤمن منكم، ويخرج مؤمنون من أصلاب وأرحام كافرين وكافرات أحب الله تعالى أن لا يقطعهم عن كرامته باصطلامهم. ولو لا ذلك لاهلككم ربكم، إن الله هو الغني، وأنتم الفقراء، لا يدعوكم إلى طاعته وأنتم مضطرون، بل مكنكم مما كلفكم فقطع معاذيركم. فغضب أبوالبختري بن هشام فقصده بسيفه، فرأى الجبال قد أقبلت لتقع عليه والارض قد انشقت لتخسف به، ورأى أمواج البحار نحوه مقبلة لتغرقه في البحر ورأى السماء انحطت لتقع عليه، فسقط سيفه وخر مغشيا عليه واحتمل، ويقول أبوجهل: دير به لصفراء هاجت به. يريد أن يلبس على من معه أمره. فلما التقى رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي عليه السلام قال: يا علي إن الله رفع صوتك في مخاطبتك أباجهل إلى العلو، وبلغه إلى الجنان، فقال من فيها من الخزان والحور الحسان: من هذا المتعصب لمحمد إذ قد كذبوه وهجروه؟ قيل لهم: هذا النائب عنه، والبائت على فراشه يجعل نفسه لنفسه وقاءا، وروحه لروحه فداءا. فقال الخزان والحور الحسان: يا ربنا فاجعلنا خزانه. وقالت الحور: فاجعلنا نساءه. فقال الله تعالى لهم: أنتم له، ولمن يختاره هو من أوليائه ومحبيه يقسمكم عليهم - بأمر الله - على من هو أعلم به من الصلاح، أرضيتم؟ قالوا: بلى ربنا وسيدنا. قوله عزوجل: "" ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وماهم بضارين به من أحد الا باذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاق ولبئس ماشروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون . ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون "" 102. "