Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: أما ماأكلت وما ادخرت فاخبرك به، وأخبرك بما فعلته في خلال أكلك، وما فعلته بعد أكلك، وهذا يوم يفضحك الله عزوجل فيه باقتراحك فان آمنت بالله لم تضرك هذه الفضيحة، وإن أصررت على كفرك أضيف لك إلى فضيحة الدنيا وخزيها خزي الآخرة الذي لايبيد ولا ينفد ولا يتناهى. قال: وما هو؟ قال رسول الله قعدت يا أبا جهل تتناول من دجاجة مسمنة أسمطتها فلما وضعت يدك عليها استأذن عليك أخوك أبو البختري بن هشام، فأشفقت عليه أن يأكل منها وبخلت، فوضعتها تحت ذيلك، وأرخيت عليها ذيلك حتى انصرف عنك. فقال أبوجهل: كذبت يا محمد، ما من هذا قليل ولا كثير، ولا أكلت من دجاجة ولا ادخرت منه شيئا، فما الذي فعلته بعد أكلي الذي زعمته؟ قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: كان عندك ثلاثمائة دينار لك، وعشرة آلاف دينار ودائع الناس عندك: المائة، والمائتان، والخمسائة، والسبعمائة، والالف، ونحو ذلك إلى تمام عشرة آلاف، مال كل واحد في صرة، وكنت قد عزمت على أن تختانهم وقد كنت جحدتهم ومنعتهم، واليوم لما أكلت من هذه الدجاجة أكلت زورها وادخرت الباقي، ودفنت هذا المال أجمع مسرورا فرحا باختيانك عباد الله، واثقا بأنه قد حصل لك، وتدبير الله في ذلك خلاف تدبيرك. فقال أبوجهل: وهذا أيضا يا محمد، فما أصبت منه قليلا ولا كثيرا، وما دفنت شيئا، ولقد سرقت تلك العشرة آلاف دينار الودائع التي كانت عندي. فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: يا أبا جهل ما هذا من تلقائي فتكذبني، وإنما هذا جبرئيل الروح الامين يخبرني به عن رب العالمين، وعليه تصحيح شهادته وتحقيق مقالته. ثم قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: هلم يا جبرئيل بالدجاجة التي أكل منها. فاذا الدجاجة بين يدي رسول الله. فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: أتعرفها يا أبا جهل؟ فقال أبوجهل: ما أعرفها وما اخبرت عن شئ، ومثل هذه الدجاجة المأكول بعضها في الدنيا كثير. فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: يا أيتها الدجاجة إن أبا جهل قد كذب محمدا على جبرئيل، وكذب جبرئيل على رب العالمين، فاشهدي لمحمد بالتصديق، وعلى أبي جهل بالتكذيب، فنطقت وقالت: أشهد يا محمد أنك رسول رب العالمين وسيد الخلق أجمعين، وأن أبا جهل هذا عدو الله المعاند الجاحد للحق الذي يعلمه، أكل مني هذا الجانب، وادخر الباقي وقد أخبرته بذلك، وأحضرتنيه فكذب به، فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين فانه مع كفره بخيل، استأذن عليه أخوه فوضعني تحت ذيله إشفاقا من أن يصيب مني أخوه، فأنت يا رسول الله أصدق الصادق من الخلق أجمعين، وأبوجهل الكذاب المفتري اللعين. فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: أما كفاك ما شاهدت؟ ! آمن لتكون آمنا من عذاب الله عزوجل، قال أبوجهل: إني لاظن أن هذا تخييل وإيهام. فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: فهل تفرق بين مشاهدتك لهذا وسماعك لكلامها، وبين مشاهدتك لنفسك ولسائر قريش والعرب وسماعك لكلامهم؟ قال أبوجهل: لا. قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: فما يدريك أن جميع ما تشاهد وتحس بحواسك تخييل؟ قال أبوجهل: ماهو تخييل. قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: ولا هذا تخييل، وإلا فكيف تصحح أنك ترى في العالم شيئا أوثق منه؟ قال: ثم وضع رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله يده على الموضع المأكول من الدجاجة، فمسح يده عليها، فعاد اللحم عليه أوفر ما كان. ثم قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: يا أبا جهل أرأيت هذه الآية؟ قال: يا محمد قد توهمت شيئا، ولا اوقته. قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: يا جبرئيل فأتنا بالاموال التي دفنها هذا المعاند للحق لعله يؤمن. فاذا هو بالصرر بين يديه كلها في كل صرة ما كان رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله قاله إلى تمام عشرة آلاف دينار وثلاثمائة دينار. فأخذ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله - وأبوجهل ينظر إليه - صرة منها فقال: ائتوني بفلان بن فلان. فاتي به - وهو صاحبها - فقال صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: هاكها يا فلان هذا ماقد اختانك فيه أبوجهل. فرد عليه ماله، ودعا بآخر، ثم بآخر حتى رد العشرة آلاف كلها على أربابها، وفضح عندهم أبوجهل، وبقيت الثلاثمائة دينار بين يدي رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله. فقال رسول الله: الآن آمن لتأخذ الثلاثمائة دينار، ويبارك الله لك فيها حتى تصير أيسر قريش. فقال: لا اومن، ولكن آخذها وهي مالي، فلما ذهب ليأخذها صاح النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بالدجاجة: دونك أبا جهل، فكفيه عن الدنانير، وخذيه. فوثبت الدجاجة على أبي جهل، فتناولته بمخالبها ورفعته في الهواء، وطارت به إلى سطح لبيته فوضعته عليه، ودفع رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله تلك الدنانير إلى بعض فقراء المؤمنين ثم نظر رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله إلى أصحابه فقال لهم: معاشر أصحاب محمد هذه أية أظهرها ربنا عزوجل لابي جهل، فعاند، وهذا الطير الذي حيي يصير من طيور الجنة الطيارة عليكم فيها، فان فيها طيورا كالبخاتي عليها من جميع أنواع المواشي تطير بين سماء الجنة وأرضها، فاذا تمنى مؤمن محب للنبي وآله الاكل من شئ منها، وقع ذلك بعينه بين يديه، فتناثر ريشه وانسمط وانشوى وانطبخ، فأكل من جانب منه قديدا ومن جانب منه مشويا بلا نار فاذا قضى شهوته ونهمته وقال: الحمد لله رب العالمين، عادت كما كانت، فطارت في الهواء، وفخرت على سائر طيور الجنة، تقول: "" من مثلي وقد أكل مني ولي الله عن أمر الله "". ‏"


   Back to List