Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" فأمر الله تعالى جبرئيل، فقطع بجناح من أجنحته من جبل من جبال فلسطين على قدر معسكر موسى عليه ‌السلام وكان طوله في عرضه فرسخا في فرسخ. ثم جاء به فوقه على رؤوسهم، وقال: إما أن تقبلوا ما أتاكم به موسى عليه ‌السلام، وإما وضعت عليكم الجبل فطحطحتكم تحته. فلحقهم من الجزع والهلع ما يلحق أمثالهم ممن قوبل هذه المقابلة، فقالوا: يا موسى كيف نصنع؟ قال موسى: اسجدوا لله على جباهكم، ثم عفروا خدودكم اليمنى ثم اليسرى في التراب، وقولوا: يا ربنا سمعنا وأطعنا وقبلنا واعترفنا وسلمنا ورضينا "". قال: ففعلوا هذا الذي قال لهم موسى قولا وفعلا، غير أن كثيرا منهم خالف قلبه ظاهر أفعاله وقال بقلبه "" سمعنا وعصينا "" مخالفا لما قاله بلسانه، وعفروا خدودهم اليمنى بالتراب وليس قصدهم التذلل لله عزوجل، والندم على ما كان منهم من الخلاف ولكنهم فعلوا ذلك ينظرون هل يقع عليهم الجبل أم لا، ثم عفروا خدودهم اليسرى ينظرون كذلك، ولم يفعلوا ذلك كما امروا. فقال جبرئيل لموسى عليه ‌السلام أما إن أكثرهم لله تعالى عاصون، ولكن الله عزوجل أمرني أن اازيل عنهم هذا الجبل عند ظاهر اعترافهم في الدنيا، فان الله تعالى إنما يطالبهم في الدنيا بظواهرهم لحقن دمائهم، وإبقاء الذمة لهم، وإنما أمرهم إلى الله في الآخرة يعذبهم على عقودهم وضمائرهم. فنظر القوم إلى الجبل وقد صار قطعتين: قطعة منه صارت لؤلؤة بيضاء فجعلت تصعد وترقى حتى خرقت السماوات، وهم ينظرون إليها إلى أن صارت إلى حيث لا تلحقها أبصارهم، وقطعة صارت نارا ووقعت على الارض بحضرتهم، فخرقتها ودخلتها وغابت عن عيونهم. فقالوا: ماهذان المفترقان من الجبل؟ فرق صعد لؤلؤا وفرق انحط نارا؟ قال لهم موسى: أما القطعة التى صعدت في الهواء فانها وصلت إلى السماء وخرقتها إلى أن لحقت بالجنة. فاضعفت أضعافا كثيرة لا يعلم عددها إلا الله، وأمر الله أن تبنى منها للمؤمنين بما في هذا الكتاب قصور ودور ومنازل ومساكن مشتملة على أنواع النعم التي وعد بها المتقين من عباده، من الاشجار والبساتين والثمار، والحور الحسان، والمخلدين من الولدان كاللالئ المنثورة وسائر نعيم الجنة وخيراتها. وأما القطعة التى انحطت إلى الارض فخرقتها ثم التي تليها إلى أن لحقت بجهنم فاضعفت أضعافا كثيرة، وأمر الله تعالى أن تبنى منها للكافرين بما في هذا الكتاب، قصور ودور ومساكن ومنازل مشتملة على أنواع العذاب التي وعدها للكافرين من عباده من بحار نيرانها، وحياض غسلينها وغساقها، وأودية قيحها ودمائها وصديدها، وزبانيتها بمرزباتها، وأشجار زقومها، وضريعها وحياتها وعقاربها وأفاعيها، وقيودها وأغلالها وسلاسلها وأنكالها وسائر أنواع البلايا والعذاب المعد فيها. ثم قال محمد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله لبني إسرائيل: أفلا تخافون عقاب ربكم في جحدكم لهذه الفضائل التي اختص بها محمدا وعليا وآلهما الطيبين؟ ‏"


   Back to List