Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" قال الله تعالى:(فأزلهما الشيطان عنها) عن الجنة بوسوسته وخديعته وإيهامه وعداوته وغروره، بأن بدأ بآدم فقال:(ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) إن تناولتما منها تعلمان الغيب، وتقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة(أو تكونا من الخالدين) لا تموتان أبدا. (وقاسمهما) حلف لهما(إني لكما لمن الناصحين) الصالحين. وكان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الجنة، وكان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه، ولم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها. فرد آدم على الحية: أيتها الحية هذا من غرور إبليس لعنه الله كيف يخوننا ربنا؟ أم كيف تعظمين الله بالقسم به وأنت تنسبينه إلى الخيانة وسوء النظر، وهو أكرم الاكرمين؟ أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربي عزوجل، وأتعاطاه بغير حكمة؟ فلما أيس إبليس من قبول آدم منه، عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها، وقال: يا حواء أرأيت هذه الشجرة التي كان الله عزوجل حرمها عليكما، قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له، وتوقيركما إياه؟ وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة - الذين معهم حراب يدفعون عنها سائر حيوان الجنة - لا تدفعك عنها إن رمتها فاعلمي بذلك أنه قد أحل لك، وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه، الآمرة الناهية فوقه. فقالت حواء: سوف أجرب هذا. فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن تدفعها عنها بحرابها. فأوحى الله تعالى إليها: إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره، فأما من جعلته ممكنا مميزا مختارا، فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه، فان أطاع استحق ثوابي، وإن عصى وخالف أمري استحق عقابي وجزائي. فتركوها ولم يتعرضوا لها، بعد ما هموا بمنعها بحرابهم. فظنت أن الله نهاهم عن منعها لانه قد أحلها بعد ما حرمها. فقالت: صدقت الحية، وظنت أن المخاطب لها هي الحية، فتناولت منها ولم تنكر من نفسها شيئا. فقالت لادم: ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا؟ تناولت منها فلم تمنعني أملاكها، ولم أنكر شيئا من حالي. (فذلك حين) أغتر آدم وغلط فتناول، فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه:(فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما) بوسوسته وغروره(مما كانا فيه) من النعيم(وقلنا) يا آدم وياحواء ويا أيتها الحية ويا إبليس(اهبطوا بعضكم لبعض عدو) آدم وحواء وولدهما عدو للحية، وإبليس والحية وأولادهما أعداؤكم(ولكم في الارض مستقر) منزل ومقر للمعاش(ومتاع) منفعة(إلى حين) الموت. "


   Back to List