اسم الكتاب : كتاب فضل العلم
اسم الباب : باب اختلاف الحديث
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ، وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدين ، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال : فأقبل علي ، فقال : « قد سألت فافهم الجواب ، إن في أيدي الناس حقا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعاما وخاصا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده ، حتى قام خطيبا ، فقال : أيها الناس ، قد كثرت علي الكذابة ، فمن كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده ، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام ، لايتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ؛ وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال عز وجل : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ) ثم بقوا بعده ، فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان ، فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة. ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا لم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا ، فهو في يده ، يقول به ، ويعمل به ، ويرويه ، فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لايعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لايعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون ـ إذ سمعوه منه ـ أنه منسوخ لرفضوه. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مبغض للكذب ؛ خوفا من الله تعالى وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاص مثل القرآن ، وقال الله ـ عز وجل ـ في كتابه : ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسأله عن الشيء فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه ، حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يسمعوا . وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة ، فيخليني فيها ، أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر ذلك في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله ، أخلاني وأقام عني نساءه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي ، لم يقم عني فاطمة ولا أحدا من بني ، وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية من القرآن إلا أقرأنيها ، وأملاها علي ، فكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي ، كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفا واحدا ، ثم وضع يده على صدري ، ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا. فقلت : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ، ولم يفتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال : لا ، لست أتخوف عليك النسيان والجهل » .