اسم الكتاب : كتاب الجهاد
اسم الباب : باب ما كان يوصي أمير المؤمنين عليه السلام به عند القتال
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
وفي حديث مالك بن أعين ، قال : حرض أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - الناس بصفين ، فقال : « إن الله - عز وجل - دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، وتشفي بكم على الخير : الإيمان بالله ، والجهاد في سبيل الله ، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، وقال عز وجل : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) . فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص ، فقدموا الدارع ، وأخروا الحاسر ، وعضوا على النواجد ؛ فإنه أنبأ للسيوف على الهام ، والتووا على أطراف الرماح ؛ فإنه أمور للأسنة ، وغضوا الأبصار ؛ فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب ، وأميتوا الأصوات ؛ فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار ، ولا تميلوا براياتكم ، ولا تزيلوها ، ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم ؛ فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ. ولا تمثلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ، ولا تدخلوا دارا ، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ، ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم ، وسببن أمراءكم وصلحاءكم ؛ فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول ، وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات ، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده. واعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحفون براياتهم ، ويكتنفونها ، ويصيرون حفافيها ووراءها وأمامها ولا يضيعونها ، لايتأخرون عنها فيسلموها ، ولا يتقدمون عليها فيفردوها. رحم الله امرأ واسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة ، وكيف لايكون كذلك وهو يقاتل الاثنين ، وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ينظر إليه و هذا ، فمن يفعله يمقته الله ، فلا تعرضوا لمقت الله عز وجل ، فإنما ممركم إلى الله ، وقد قال الله عز وجل : ( لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا ) وايم الله ، لئن فررتم من سيوف العاجلة ، لاتسلمون من سيوف الآجلة ، فاستعينوا بالصبر والصدق ؛ فإنما ينزل النصر بعد الصبر ، فجاهدوا في الله حق جهاده ، ولا قوة إلا بالله». و قال عليه السلام حين مر براية لأهل الشام أصحابها لايزولون عن مواضعهم ، فقال عليه السلام : « إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم ، وضرب يفلق الهام ، ويطيح العظام ، ويسقط منه المعاصم والأكف حتى تصدع جباههم بعمد الحديد ، وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان ، أين أهل الصبر وطلاب الأجر؟ ». فسارت إليه عصابة من المسلمين ، فعادت ميمنته إلى موقفها ومصافها ، وكشفت من بإزائها ، فأقبل حتى انتهى إليهم ، وقال عليه السلام : « إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم . الجفاة . الطغاة . وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم . العرب والسنام الأعظم . وعمار الليل بتلاوة القرآن ودعوة أهل الحق إذ ضل الخاطئون ، فلولا إقبالكم بعد إدباركم ، وكركم . بعد انحيازكم ، لوجب . عليكم ما يجب على المولي يوم الزحف . دبره ، وكنتم فيما أرى من الهالكين ، ولقد . هون علي بعض وجدي . ، وشفى بعض حاج صدري . ، إذا . رأيتكم حزتموهم . كما حازوكم . ، فأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم ، وأنتم . تضربونهم بالسيوف حتى ركب أولهم آخرهم كالإبل المطرودة الهيم الآن ، فاصبروا نزلت عليكم السكينة ، وثبتكم الله باليقين ، وليعلم المنهزم بأنه مسخط ربه ، وموبق نفسه ؛ إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي وفساد العيش عليه ، وإن الفار لغير مزيد في عمره ، ولا محجوز بينه وبين يومه ، ولا يرضى ربه ، ولموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها والإقرار عليها ». . وفي كلام له آخر : « وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا ، فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ، فإذا بدؤوا بكم فانهدوا إليهم ، وعليكم السكينة والوقار ، وعضوا على الأضراس ؛ فإنه أنبأ للسيوف عن الهام ، وغضوا الأبصار ، ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال ، وأقلوا الكلام ؛ فإنه أطرد للفشل ، وأذهب بالوهل ، و وطنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجاولة ، واثبتوا ، واذكروا الله - عز وجل - كثيرا ؛ فإن المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ، ويضربون حافتيها وأمامها ، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد ، وعليكم بالتحامي ؛ فإن الحرب سجال لايشدون عليكم كرة بعد فرة ، و لا حملة بعد جولة ، ومن ألقى إليكم السلم ، فاقبلوا منه ، واستعينوا بالصبر ؛ فإن بعد الصبر النصر من الله عز وجل ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) ».