اسم الكتاب : كتاب الصيام
اسم الباب : باب وجوه الصوم
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري : عن علي بن الحسين عليه السلام ، قال : قال لي يوما : « يا زهري ، من أين جئت؟ ». فقلت : من المسجد. قال : « فيم كنتم ؟ ». قلت : تذاكرنا أمر الصوم ، فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شيء واجب إلا صوم شهر رمضان. فقال : « يا زهري ، ليس كما قلتم ، الصوم على أربعين وجها ، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان ، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام ، وأربعة عشر منها صاحبها بالخيار ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه ، وصوم التأديب ، وصوم الإباحة ، وصوم السفر والمرض ». قلت : جعلت فداك ، فسرهن لي. قال : « أما الواجبة : فصيام شهر رمضان ، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار ؛ لقول الله تعالى : ( الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) إلى قوله ( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) ، وصيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوما من شهر رمضان ، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطإ لمن لم يجد العتق واجب ؛ لقول الله عز وجل : ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) إلى قوله عز وجل( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما ) ؛ وصوم ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب ؛ قال الله عز وجل : ( فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ) هذا لمن لا يجد الإطعام ، كل ذلك متتابع وليس بمتفرق ؛ وصيام أذى حلق الرأس واجب ؛ قال الله عز وجل : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فصاحبها فيها بالخيار ، فإن صام ، صام ثلاثة أيام ؛ وصوم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي ؛ قال الله عز وجل : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ) ؛ وصوم جزاء الصيد واجب ؛ قال الله عز وجل : ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) أوتدري كيف يكون( عدل ذلك صياما ) يا زهري؟ ». قال : قلت لا أدري قال : « يقوم الصيد قيمة عدل ، ثم تفض تلك القيمة على البر ، ثم يكال ذلك البر أصواعا ، فيصوم لكل نصف صاع يوما ؛ وصوم النذر واجب ، وصوم الاعتكاف واجب وأما الصوم الحرام : فصوم يوم الفطر ، ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام من أيام التشريق ، وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه ، أمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان ، ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس ». فقلت له : جعلت فداك ، فإن لم يكن صام من شعبان شيئا ، كيف يصنع؟ قال : « ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان ، فإن كان من شهر رمضان ، أجزأ عنه ، وإن كان من شعبان ، لم يضره ». فقلت : وكيف يجزئ صوم تطوع عن فريضة؟ فقال : « لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لايعلم أنه من شهر رمضان ، ثم علم بعد بذلك ، لأجزأ عنه ؛ لأن الفرض إنما وقع على اليوم بعينه. وصوم الوصال حرام ، وصوم الصمت حرام ، وصوم نذر المعصية حرام ، وصوم الدهر حرام وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار : فصوم يوم الجمعة والخميس ، وصوم أيام البيض ، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان ، وصوم يوم عرفة ، وصوم يوم عاشوراء ، فكل ذلك صاحبه فيه بالخيار ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر وأما صوم الإذن : فالمرأة لاتصوم تطوعا إلا بإذن زوجها ، والعبد لايصوم تطوعا إلا بإذن مولاه ، والضيف لايصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من نزل على قوم ، فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم. وأما صوم التأديب : فأن يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديبا ، وليس بفرض ؛ وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ، ثم قدم أهله ، أمر بالإمساك بقية يومه ، وليس بفرض وأما صوم الإباحة : لمن أكل أو شرب ناسيا ، أو قاء من غير تعمد ، فقد أباح الله له ذلك ، وأجزأ عنه صومه. وأما صوم السفر والمرض ، فإن العامة قد اختلفت في ذلك ، فقال قوم : يصوم ، وقال آخرون : لايصوم ، وقال قوم : إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وأما نحن فنقول : يفطر في الحالين جميعا ، فإن صام في السفر أو في حال المرض ، فعليه القضاء ؛ فإن الله - عز وجل - يقول : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) فهذا تفسير الصيام ».