Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب الحجة

اسم الباب : باب الاضطرار ‌ إلى الحجة ‌

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن يونس بن يعقوب ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌ السلام ، فورد عليه رجل من أهل الشام ، فقال : إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك ، فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « كلامك من كلام رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم أو من عندك؟ » فقال : من كلام رسول الله عليه‌ السلام ومن عندي ، فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « فأنت إذا شريك رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم؟ » قال : لا ، قال : « فسمعت الوحي عن الله ـ عز وجل ـ يخبرك؟ » قال : لا ، قال : « فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم؟ » قال : لا . فالتفت أبو عبد الله عليه‌ السلام إلي ، فقال : « يا يونس بن يعقوب ، هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم ». ثم قال : « يا يونس ، لو كنت تحسن الكلام كلمته ». قال يونس : فيا لها من حسرة ، فقلت : جعلت فداك ، إني سمعتك تنهى عن الكلام ، وتقول : ويل لأصحاب الكلام ؛ يقولون : هذا ينقاد وهذا لاينقاد ، وهذا ينساق وهذا لاينساق ، وهذا نعقله وهذا لانعقله ، فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « إنما قلت : فويل لهم إن تركوا ما أقول ، وذهبوا إلى ما يريدون ». ثم قال لي : « اخرج إلى الباب ، فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله ». قال : فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام ، وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام ، وأدخلت قيسا الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما ، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما‌السلام. فلما استقر بنا المجلس ـ وكان أبو عبد الله عليه‌ السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة ـ قال : فأخرج أبو عبد الله عليه‌ السلام رأسه من فازته ، فإذا هو ببعير يخب ، فقال : « هشام ورب الكعبة ». قال : فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له ، قال : فورد هشام بن الحكم ، وهو أول ما اختطت لحيته ، وليس فينا إلا من هو أكبر سنا منه ، قال : فوسع له أبو عبد الله عليه‌ السلام وقال : « ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ». ثم قال : « يا حمران ، كلم الرجل ». فكلمه ، فظهر عليه حمران. ثم قال : « يا طاقي ، كلمه ». فكلمه ، فظهر عليه الأحول. ثم قال : « يا هشام بن سالم ، كلمه ». فتعارفا. ‌ ثم قال أبو عبد الله عليه‌ السلام لقيس الماصر : « كلمه ». فكلمه ، فأقبل أبو عبد الله عليه‌ السلام يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي ، فقال للشامي : « كلم هذا الغلام » يعني هشام بن الحكم ، فقال : نعم ، فقال لهشام : يا غلام ، سلني في إمامة هذا ، فغضب هشام حتى ارتعد ، ثم قال للشامي : يا هذا ، أربك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم؟ فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه ، قال : ففعل بنظره لهم ما ذا؟ قال : أقام لهم حجة ودليلا كيلا يتشتتوا ، أو يختلفوا ، يتألفهم ، ويقيم أودهم ، ويخبرهم بفرض ربهم ، قال : فمن هو؟ قال : رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم ، قال هشام : فبعد رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم من ؟ قال : الكتاب والسنة ، قال هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي : نعم ، قال : فلم اختلفنا أنا وأنت ، وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إياك؟ قال : فسكت الشامي ، فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام للشامي : « ما لك لاتتكلم؟ » قال الشامي : إن قلت : لم نختلف ، كذبت ؛ وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف ، أبطلت ؛ لأنهما يحتملان الوجوه ؛ وإن قلت : قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق ، فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة إلا أن لي عليه هذه الحجة ، فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « سله تجده مليا ». ‌ فقال الشامي : يا هذا ، من أنظر للخلق؟ أربهم أو أنفسهم؟ فقال هشام : ربهم أنظر لهم منهم لأنفسهم ، فقال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ، ويقيم أودهم ، ويخبرهم بحقهم من باطلهم؟ قال هشام : في وقت رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم أو الساعة؟ قال الشامي : في وقت رسول الله رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم ، والساعة من؟ فقال هشام : هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال ، ويخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد. قال الشامي : فكيف لي أن أعلم ذلك ؟ قال هشام : سله عما بدا لك ، قال الشامي : قطعت عذري فعلي السؤال. فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « يا شامي ، أخبرك كيف كان سفرك ، وكيف كان طريقك ، كان كذا وكان كذا ». فأقبل الشامي يقول : صدقت ، أسلمت لله الساعة. فقال أبو عبد الله عليه‌ السلام : « بل آمنت بالله الساعة ؛ إن الإسلام قبل الإيمان ، وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والإيمان عليه يثابون ». فقال الشامي : صدقت ، فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك وصي الأوصياء. ثم التفت أبو عبد الله عليه‌ السلام إلى حمران ، فقال : « تجري الكلام على الأثر فتصيب ». والتفت إلى هشام بن سالم ، فقال : « تريد الأثر ولاتعرفه ». ثم التفت إلى الأحول ، فقال : « قياس رواغ ، تكسر باطلا بباطل ، إلا أن باطلك أظهر ». ثم التفت إلى قيس الماصر ، فقال : « تتكلم ، وأقرب ما يكون من الخبر عن رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم أبعد ما يكون منه ، تمزج الحق مع الباطل ، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل ، أنت والأحول قفازان حاذقان ». قال يونس : فظننت ـ والله ـ أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما ، ثم قال : « يا هشام ، لاتكاد تقع ، تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت ، مثلك فليكلم الناس ، فاتق الزلة ، والشفاعة من ورائها إن شاء الله ». ‌


   Back to List