اسم الكتاب : كتاب الحجة
اسم الباب : باب الاضطرار إلى الحجة
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن يعقوب ، قال : كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه ، منهم حمران بن أعين ومحمد بن النعمان وهشام بن سالم والطيار ، وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « يا هشام ، ألاتخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد؟ وكيف سألته؟ » فقال هشام : يا ابن رسول الله ، إني أجلك وأستحييك ، ولايعمل لساني بين يديك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « إذا أمرتكم بشيء ، فافعلوا ». قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظم ذلك علي ، فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة ، فأتيت مسجد البصرة ، فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد ، وعليه شملة سوداء متزرا بها من صوف ، وشملة مرتديا بها والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس ، فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي. ثم قلت : أيها العالم ، إني رجل غريب تأذن لي في مسألة ؟ فقال لي : نعم ، فقلت له : ألك عين؟ فقال : يا بني ، أي شيء هذا من السؤال؟ وشيء تراه كيف تسأل عنه؟! فقلت : هكذا مسألتي ، فقال : يا بني ، سل وإن كانت مسألتك حمقاء ، قلت : أجبني فيها ، قال لي : سل. قلت : ألك عين؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص. قلت : فلك أنف؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أشم به الرائحة. قلت : ألك فم؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أذوق به الطعم. قلت : فلك أذن؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها؟ قال : أسمع بها الصوت. قلت : ألك قلب؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس. قلت : أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ فقال : لا. قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟! قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ، ردته إلى القلب فتستيقن اليقين ، وتبطل الشك. قال هشام : فقلت له : فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال : نعم. قلت : لابد من القلب ، وإلا لم تستيقن الجوارح؟ قال : نعم. فقلت له : يا أبا مروان ، فالله ـ تبارك وتعالى ـ لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ، وتتيقن به ما شكت فيه ، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم ، لايقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟ قال : فسكت ، ولم يقل لي شيئا ، ثم التفت إلي ، فقال لي : أنت هشام بن الحكم؟ فقلت : لا ، قال : أمن جلسائه؟ قلت : لا ، قال : فمن أين أنت؟ قال : قلت : من أهل الكوفة ، قال : فأنت إذا هو ، ثم ضمني إليه ، وأقعدني في مجلسه ، وزال عن مجلسه ، وما نطق حتى قمت. قال : فضحك أبو عبد الله عليه السلام وقال : « يا هشام ، من علمك هذا؟ » قلت : شيء أخذته منك وألفته ، فقال : « هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى ».