Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب التوحيد

اسم الباب : باب حدوث العالم وإثبات المحدث

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم ، عن أحمد بن محسن الميثمي ، قال : كنت عند أبي منصور المتطبب ، فقال : أخبرني رجل من أصحابي ، قال : كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام ، فقال ابن المقفع : ترون هذا الخلق؟ ـ وأومأ بيده إلى موضع الطواف ـ ما منهم أحد أوجب له اسم الإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس ـ يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ـ فأما الباقون ، فرعاع وبهائم. فقال له ابن أبي العوجاء : وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال : لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم ، فقال له ابن أبي العوجاء : لابد من اختبار ما قلت فيه منه ، قال : فقال له ابن المقفع : لاتفعل ؛ فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك ، فقال : ليس ذا رأيك ، ولكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت ، فقال ابن المقفع : أما إذا توهمت علي هذا ، فقم إليه ، وتحفظ ما استطعت من الزلل ، ولا تثني عنانك إلى استرسال ؛ فيسلمك إلى عقال ، وسمه ‌ ما لك أو عليك . قال : فقام ابن أبي العوجاء ، وبقيت أنا وابن المقفع جالسين ، فلما رجع إلينا ابن أبي العوجاء ، قال : ويلك يا ابن المقفع ، ما هذا ببشر ، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ، ويتروح إذا شاء باطنا ، فهو هذا ، فقال له : وكيف ذلك ؟ قال : جلست إليه ، فلما لم يبق عنده غيري ، ابتدأني ، فقال : « إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء ـ وهو على ما يقولون ، يعني أهل الطواف ـ فقد سلموا وعطبتم ، وإن يكن الأمر على ما تقولون ـ وليس كما تقولون ـ فقد استويتم ، وهم » ، فقلت له : يرحمك الله ، وأي شيء نقول؟ وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا ، فقال : « وكيف يكون قولك وقولهم واحدا وهم يقولون : إن لهم معادا وثوابا وعقابا ، ويدينون بأن في السماء ‌ إلها ، وأنها عمران ، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد؟! ». قال : فاغتنمتها منه ، فقلت له : ما منعه ـ إن كان الأمر كما يقولون ـ أن يظهر لخلقه ، ويدعوهم إلى عبادته حتى لايختلف منهم اثنان؟ ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه ، كان أقرب إلى الإيمان به. فقال لي : « ويلك ، وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك؟! نشوءك ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك ، وقوتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد قوتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغضبك بعد رضاك ، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وحبك بعد بغضك ، وبغضك بعد حبك ، وعزمك بعد أناتك ، وأناتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهتك ، وكراهتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجائك ، وخاطرك بما لم يكن في وهمك ، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك ». وما زال يعدد علي قدرته ـ التي هي في نفسي ، التي لا أدفعها ـ حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه. ‌


   Back to List