اسم الكتاب : كتاب التوحيد
اسم الباب : باب حدوث العالم وإثبات المحدث
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب ، قال : حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن علي بن منصور ، قال : قال لي هشام بن الحكم : كان بمصر زنديق يبلغه عن أبي عبد الله عليه السلام أشياء ، فخرج إلى المدينة ليناظره ، فلم يصادفه بها ، وقيل له : إنه خارج بمكة ، فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله عليه السلام ، فصادفنا ونحن مع أبي عبد الله عليه السلام في الطواف ، وكان اسمه عبد الملك ، وكنيته أبو عبد الله ، فضرب كتفه كتف أبي عبد الله عليه السلام ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « ما اسمك »؟ فقال : اسمي عبد الملك ، قال : « فما كنيتك؟ » قال : كنيتي أبو عبد الله ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « فمن هذا الملك الذي أنت عبده؟ أمن ملوك الأرض ، أم من ملوك السماء ؟ وأخبرني عن ابنك : عبد إله السماء ، أم عبد إله الأرض ؟ قل ما شئت تخصم ». قال هشام بن الحكم : فقلت للزنديق : أما ترد عليه؟ قال : فقبح قولي ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « إذا فرغت من الطواف ، فأتنا ». فلما فرغ أبو عبد الله عليه السلام ، أتاه الزنديق ، فقعد بين يدي أبي عبد الله عليه السلام ونحن مجتمعون عنده ، فقال أبو عبد الله عليه السلام للزنديق : « أتعلم أن للأرض تحتا وفوقا؟ » قال : نعم ، قال : « فدخلت تحتها؟ » قال : لا ، قال : « فما يدريك ما تحتها؟ » قال : لا أدري ، إلا أني أظن أن ليس تحتها شيء ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « فالظن عجز لما لاتستيقن ». ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : « أفصعدت السماء؟ » قال : لا ، قال : « أفتدري ما فيها؟ » قال : لا ، قال : « عجبا لك ! لم تبلغ المشرق ، ولم تبلغ المغرب ، ولم تنزل الأرض ، ولم تصعد السماء ، ولم تجز هناك ؛ فتعرف ما خلفهن وأنت جاحد بما فيهن؟! وهل يجحد العاقل ما لايعرف؟ ». قال الزنديق : ما كلمني بهذا أحد غيرك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « فأنت من ذلك في شك ، فلعله هو ، ولعله ليس هو ». فقال الزنديق : ولعل ذلك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « أيها الرجل ، ليس لمن لايعلم حجة على من يعلم ، ولا حجة للجاهل ، يا أخا أهل مصر ، تفهم عني ؛ فإنا لانشك في الله أبدا ، أما ترى الشمس والقمر ، والليل والنهار يلجان فلا يشتبهان ، ويرجعان قد اضطرا ، ليس لهما مكان إلا مكانهما ، فإن كانا يقدران على أن يذهبا ، فلم يرجعان؟ وإن كانا غير مضطرين ، فلم لايصير الليل نهارا ، والنهار ليلا؟ اضطرا ـ والله يا أخا أهل مصر ـ إلى دوامهما ، والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر ». فقال الزنديق : صدقت. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : « يا أخا أهل مصر ، إن الذي تذهبون إليه وتظنون أنه الدهر ، إن كان الدهر يذهب بهم ، لم لايردهم؟ وإن كان يردهم ، لم لايذهب بهم؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر ، لم السماء مرفوعة ، والأرض موضوعة؟ لم لاتسقط السماء على الأرض؟ لم لاتنحدر الأرض فوق طباقها ، ولا يتماسكان ، ولا يتماسك من عليها ؟ ». قال الزنديق : أمسكهما الله ربهما وسيدهما. قال : فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه السلام ، فقال له حمران : جعلت فداك ، إن آمنت الزنادقة على يديك فقد آمن الكفار على يدي أبيك. فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبد الله عليه السلام : اجعلني من تلامذتك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « يا هشام بن الحكم ، خذه إليك وعلمه » فعلمه هشام ؛ فكان معلم أهل الشام وأهل مصر الإيمان ، وحسنت طهارته حتى رضي بها أبو عبد الله عليه السلام.