اسم الكتاب : كتاب الإيمان والكفر
اسم الباب : باب ذم الدنيا والزهد فيها
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
عنه ، عن علي بن الحكم ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن جابر ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ، فقال : « يا جابر ، والله إني لمحزون ، و إني لمشغول القلب ». قلت : جعلت فداك ، وما شغلك ؟ وما حزن قلبك؟ فقال : « يا جابر ، إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله ، شغل قلبه عما سواه ؛ يا جابر ، ما الدنيا؟ وما عسى أن تكون الدنيا؟ هل هي إلا طعام أكلته ، أو ثوب لبسته ، أو امرأة أصبتها؟ يا جابر ، إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها ، ولم يأمنوا قدومهم الآخرة. يا جابر ، الآخرة دار قرار ، والدنيا دار فناء وزوال ، ولكن أهل الدنيا أهل غفلة ، وكأن المؤمنين هم الفقهاء ، أهل فكرة وعبرة ، لم يصمهم عن ذكر الله - جل اسمه - ما سمعوا بآذانهم ، ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة بأعينهم ، ففازوا بثواب الآخرة كما فازوا بذلك العلم. واعلم يا جابر ، أن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة ، وأكثرهم لك معونة ، تذكر فيعينونك ، وإن نسيت ذكروك ، قوالون بأمر الله ، قوامون على أمر الله ، قطعوا محبتهم بمحبة ربهم ، ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم ، ونظروا إلى الله - عز وجل - وإلى محبته بقلوبهم ، وعلموا أن ذلك هو المنظور إليه لعظيم شأنه ، فأنزل الدنيا كمنزل نزلته ثم ارتحلت عنه ، أو كمال وجدته في منامك ، فاستيقظت وليس معك منه شيء ، إني إنما ضربت لك هذا مثلا ؛ لأنها عند أهل اللب والعلم بالله كفيء الظلال. يا جابر ، فاحفظ ما استرعاك الله - جل وعز - من دينه وحكمته ، ولا تسألن عما لك عنده إلا ما له عند نفسك ، فإن تكن الدنيا على غير ما وصفت لك ، فتحول إلى دار المستعتب ، فلعمري لرب حريص على أمر قد شقي به حين أتاه ، ولرب كاره لأمر قد سعد به حين أتاه ، وذلك قول الله عز وجل : ( وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) ».