اسم الكتاب : كتاب الروضة
اسم الباب :
عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛ وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن علي بن حديد ، عن جميل ، عن زرارة : عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سأله حمران ، فقال : جعلني الله فداك ، لو حدثتنا متى يكون هذا الأمر فسررنا به؟ فقال : «يا حمران ، إن لك أصدقاء وإخوانا ومعارف ، إن رجلا كان فيما مضى من العلماء ، وكان له ابن لم يكن يرغب في علم أبيه ، ولا يسأله عن شيء ، وكان له جار يأتيه ويسأله ويأخذ عنه ، فحضر الرجل الموت ، فدعا ابنه ، فقال : يا بني ، إنك قد كنت تزهد فيما عندي ، وتقل رغبتك فيه ، ولم تكن تسألني عن شيء ، ولي جار قد كان يأتيني ويسألني ويأخذ مني ويحفظ عني ، فإن احتجت إلى شيء فأته ، وعرفه جاره ، فهلك الرجل ، وبقي ابنه. فرأى ملك ذلك الزمان رؤيا ، فسأل عن الرجل ، فقيل له : قد هلك ، فقال الملك : هل ترك ولدا؟ فقيل له : نعم ، ترك ابنا ، فقال : ائتوني به ، فبعث إليه ليأتي الملك ، فقال الغلام : والله ، ما أدري لما يدعوني الملك وما عندي علم ، ولئن سألني عن شيء لأفتضحن ، فذكر ما كان أوصاه أبوه به ، فأتى الرجل الذي كان يأخذ العلم من أبيه ، فقال له : إن الملك قد بعث إلي يسألني ، ولست أدري فيم بعث إلي ، وقد كان أبي أمرني أن آتيك إن احتجت إلى شيء. فقال الرجل : ولكني أدري فيما بعث إليك ، فإن أخبرتك ، فما أخرج الله لك من شيء فهو بيني وبينك ، فقال : نعم ، فاستحلفه واستوثق منه أن يفي له ، فأوثق له الغلام. فقال : إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا؟ فقل له : هذا زمان الذئب. فأتاه الغلام ، فقال له الملك : هل تدري لم أرسلت إليك؟ فقال : أرسلت إلي تريد أن تسألني عن رؤيا رأيتها أي زمان هذا؟ فقال له الملك : صدقت ، فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال له : زمان الذئب ، فأمر له بجائزة ، فقبضها الغلام ، وانصرف إلى منزله ، وأبى أن يفي لصاحبه ، وقال : لعلي لا أنفد هذا المال ، ولا آكله حتى أهلك ، ولعلي لا أحتاج ، ولا أسأل عن مثل هذا الذي سئلت عنه ، فمكث ما شاء الله. ثم إن الملك رأى رؤيا ، فبعث إليه يدعوه ، فندم على ما صنع ، وقال : والله ما عندي علم آتيه به ، وما أدري كيف أصنع بصاحبي ، وقد غدرت به ولم أف له ، ثم قال : لآتينه على كل حال ، ولأعتذرن إليه ، ولأحلفن له ، فلعله يخبرني. فأتاه ، فقال له : إني قد صنعت الذي صنعت ، ولم أف لك بما كان بيني وبينك ، وتفرق ما كان في يدي وقد احتجت إليك ، فأنشدك الله أن لاتخذلني وأنا أوثق لك أن لايخرج لي شيء إلا كان بيني وبينك ، وقد بعث إلي الملك ، ولست أدري عما يسألني. فقال : إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا؟ فقل له : إن هذا زمان الكبش. فأتى الملك ، فدخل عليه ، فقال : لما بعثت إليك ، فقال : إنك رأيت رؤيا ، وإنك تريد أن تسألني : أي زمان هذا؟ فقال له : صدقت ، فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال : هذا زمان الكبش ، فأمر له بصلة ، فقبضها وانصرف إلى منزله ، وتدبر رأيه في أن يفي لصاحبه أو لايفي له ، فهم مرة أن يفعل ، ومرة أن لايفعل ، ثم قال : لعلي أن لا أحتاج إليه بعد هذه المرة أبدا ، وأجمع رأيه على الغدر وترك الوفاء ، فمكث ما شاء الله. ثم إن الملك رأى رؤيا ، فبعث إليه ، فندم على ما صنع فيما بينه وبين صاحبه ، وقال بعد غدر مرتين : كيف أصنع وليس عندي علم؟ ثم أجمع رأيه على إتيان الرجل ، فأتاه فناشده الله تبارك وتعالى ، وسأله أن يعلمه ، وأخبره أن هذه المرة يفي له ، وأوثق له ، وقال : لاتدعني على هذه الحال ، فإني لا أعود إلى الغدر ، وسأفي لك ، فاستوثق منه. فقال : إنه يدعوك يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا؟ فإذا سألك ، فأخبره أنه زمان الميزان». قال : «فأتى الملك ، فدخل عليه ، فقال له : لم بعثت إليك؟ فقال : إنك رأيت رؤيا ، وتريد أن تسألني : أي زمان هذا؟ فقال : صدقت ، فأخبرني أي زمان هذا ؟ قال : هذا زمان الميزان ، فأمر له بصلة ، فقبضها ، وانطلق بها إلى الرجل ، فوضعها بين يديه ، وقال : قد جئتك بما خرج لي ، فقاسمنيه ، فقال له العالم : إن الزمان الأول كان زمان الذئب ، وإنك كنت من الذئاب ، وإن الزمان الثاني كان زمان الكبش ، يهم ولا يفعل ، وكذلك كنت أنت تهم ولا تفي ، وكان هذا زمان الميزان ، وكنت فيه على الوفاء ، فاقبض مالك ، لاحاجة لي فيه ، ورده عليه».