Details

كتاب الكافي


اسم الكتاب : كتاب المواريث

اسم الباب : باب بيان الفرائض في الكتاب ‌

عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن عبد الله بن بكير ، عن حسين الرزاز ، قال :أمرت من يسأل أبا عبد الله عليه‌ السلام : المال لمن هو؟ للأقرب أو للعصبة (8 إن الله ـ جل ذكره ـ جعل المال كله للولد في كتابه ، ثم أدخل عليهم بعد الأبوين والزوجين ، فلا يرث مع الولد غير هؤلاء الأربعة ، وذلك أنه ـ عز وجل ـ قال : ( يوصيكم الله في أولادكم ) فأجمعت الأمة على أن الله أراد بهذا القول الميراث ، فصار المال كله بهذا القول للولد ، ثم فصل الأنثى من الذكر ، فقال : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) ولو لم يقل عز وجل ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) لكان إجماعهم على ما عنى الله به من القول يوجب المال كله للولد ، الذكر والأنثى فيه سواء ، فلما أن قال : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، كان هذا تفصيل المال ، وتمييز الذكر من الأنثى في القسمة ، وتفضيل الذكر على الأنثى ، فصار المال كله مقسوما بين الولد : للذكر مثل حظ الأنثيين.ثم قال : ( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ) فلو لا أنه ـ عز وجل ـ أراد بهذا القول ما يتصل بهذا ، كان قد قسم بعض المال ، وترك بعضا مهملا ، ولكنه ـ جل وعز ـ أراد بهذا أن يوصل الكلام إلى منتهى قسمة الميراث كله ، فقال : ( وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ) فصار المال كله مقسوما بين البنات وبين الأبوين ، فكان ما يفضل من المال مع الابنة الواحدة ردا عليهم على قدر سهامهم التي قسمها الله ـ جل وعز ـ وكان حكمهم فيما بقي من المال كحكم ما قسمه الله ـ عز وجل ـ على نحو ما قسمه ؛ لأنهم كلهم أولو الأرحام ، وهم أقرب الأقربين ، وصارت القسمة للبنات النصف والثلثان مع الأبوين فقط ، وإذا لم يكن أبوان ، فالمال كله للولد بغير سهام إلا ما فرض الله ـ عز وجل ـ للأزواج على ما بيناه في أول الكلام وقلنا : إن الله ـ عز وجل ـ إنما جعل المال كله للولد على ظاهر الكتاب ، ثم أدخل عليهم الأبوين والزوجين.وقد تكلم الناس في أمر الابنتين : من أين جعل لهما الثلثان والله ـ جل وعز ـ إنما جعل الثلثين لما فوق اثنتين؟ فقال قوم بإجماع ، وقال قوم قياسا ، كما أن كان للواحدة النصف ، كان ذلك دليلا على أن لما فوق الواحدة الثلثين ، وقال قوم بالتقليد والرواية ، ولم يصب واحد منهم الوجه في ذلك ، فقلنا : إن الله ـ عز وجل ـ جعل حظ الأنثيين الثلثين بقوله : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) وذلك أنه إذا ترك الرجل بنتا وابنا ، فللذكر مثل حظ الأنثيين ، وهو الثلثان ، فحظ الأنثيين الثلثان ، واكتفى بهذا البيان أن يكون ذكر الأنثيين بالثلثين ، وهذا بيان قد جهله كلهم ؛ والحمد لله كثيرا ثم جعل الميراث كله للأبوين إذا لم يكن ولد ، فقال : ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) ولم يجعل للأب تسمية ، إنما له ما بقي.ثم حجب الأم عن الثلث بالإخوة ، فقال : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) فلم يورث الله ـ جل وعز ـ مع الأبوين إذا لم يكن له ولد إلا الزوج والمرأة ، وكل فريضة لم يسم للأب فيها سهما ، فإنما له ما بقي ، وكل فريضة سمى للأب فيها سهما ، كان ما فضل من المال مقسوما على قدر السهام في مثل ابنة وأبوين على ما بيناه أولا.ثم ذكر فريضة الأزواج ، فأدخلهم على الولد وعلى الأبوين وعلى جميع أهل الفرائض على قدر ما سمى لهم ، وليس في فريضتهم اختلاف ولا تنازع ، فاختصرنا الكلام في ذلك.ثم ذكر فريضة الإخوة والأخوات من قبل الأم ، فقال : ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت ) يعني لأم ( فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ) وهذا فيه خلاف بين الأمة ، وكل هذا( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) فللإخوة من الأم لهم نصيبهم المسمى لهم مع الإخوة والأخوات من الأب والأم ، والإخوة والأخوات من الأم لايزادون على الثلث ولا ينقصون من السدس ، والذكر والأنثى فيه سواء ، وهذا كله مجمع عليه إلا أن لايحضر أحد غيرهم ، فيكون ما بقي لأولي الأرحام ، ويكونوا هم أقرب الأرحام ، وذو السهم أحق ممن لاسهم له ، فيصير المال كله لهم على هذه الجهة.ثم ذكر الكلالة للأب وهم : الإخوة والأخوات من الأب والأم ، والإخوة والأخوات من الأب إذا لم يحضر إخوة وأخوات لأب وأم ، فقال : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ) والباقي يكون لأقرب الأرحام ، وهي أقرب أولي الأرحام ، فيكون الباقي لها سهم أولي الأرحام.ثم قال : ( وهو يرثها إن لم يكن لها ولد ) يعني للأخ المال كله إذا لم يكن لها ولد ( فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ) ولا يصيرون كلالة إلا إذا لم يكن ولد ولا والد ، فحينئذ يصيرون كلالة ، ولا يرث مع الكلالة أحد من أولي الأرحام إلا الإخوة والأخوات من الأم ، والزوج والزوجة.فإن قال قائل : فإن الله ـ عز وجل وتقدس ـ سماهم كلالة إذا لم يكن ولد ، فقال : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد ) فقد جعلهم كلالة إذا لم يكن ولد ، فلم زعمت أنهم لايكونون كلالة مع الأم.قيل له : قد أجمعوا جميعا أنهم لايكونون كلالة مع الأب وإن لم يكن ولد ، والأم في هذا بمنزلة الأب ؛ لأنهما جميعا يتقربان بأنفسهما ، ويستويان في الميراث مع الولد ، ولا يسقطان أبدا من الميراث.فإن قال قائل : فإن كان ما بقي يكون للأخت الواحدة وللأختين وما زاد على ذلك ، فما معنى التسمية لهن : النصف والثلثان ؟ فهذا كله صائر لهن وراجع إليهن ، وهذا يدل على أن ما بقي فهو لغيرهم ، وهم العصبة.قيل له : ليست العصبة في كتاب الله ، ولا في سنة رسول الله صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم ، وإنما ذكر الله ذلك وسماه لأنه قد يجامعهن الإخوة من الأم ، ويجامعهن الزوج والزوجة ، فسمى ذلك ليدل كيف كان القسمة ، وكيف يدخل النقصان عليهن ، وكيف ترجع ‌الزيادة إليهن على قدر السهام والأنصباء إذا كن لايحطن بالميراث أبدا على حال واحدة ، ليكون العمل في سهامهم كالعمل في سهام الولد على قدر ما يجامع الولد من الزوج والأبوين ، ولو لم يسم ذلك لم يهتد لهذا الذي بيناه ؛ وبالله التوفيق.ثم ذكر أولي الأرحام ، فقال عز وجل : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ليعين أن البعض الأقرب أولى من البعض الأبعد ، وأنهم أولى من الحلفاء والموالي ، وهذا بإجماع إن شاء الله ؛ لأن قولهم بالعصبة يوجب إجماع ما قلنا ثم ذكر إبطال العصبة ، فقال : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) ولم يقل : فما بقي هو للرجال دون النساء ، فما فرض الله ـ جل ذكره ـ للرجال في موضع حرم فيه على النساء ، بل أوجب للنساء في كل ما قل أو كثر.وهذا ما ذكر الله ـ عز وجل ـ في كتابه من الفرائض ، فكل ما خالف هذا على ما بيناه ، فهو رد على الله وعلى رسوله ، وحكم بغير ما أنزل الله ، وهذا نظير ما حكى‌ الله ـ عز وجل ـ عن المشركين حيث يقول : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) وفي كتاب أبي نعيم الطحان رواه عن شريك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، عن زيد بن ثابت أنه قال : من قضاء الجاهلية أن يورث الرجال دون النساء. )؟فقال : « المال للأقرب ، والعصبة في فيه التراب ». ‌


   Back to List