عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" قال الامام عليه السلام: قال موسى بن جعفر عليهما السلام: "" وإذا لقوا "" هؤلاء الناكثون للبيعة، المواطؤن على مخالفة علي عليه السلام ودفع الامر عنه. (الذين آمنوا قالوا آمنا) كايمانكم، إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمار قالوا لهم: آمنا بمحمد صلى الله عليه وآله، وسلمنا له بيعة علي عليه السلام وفضله، وانقدنا الامره كما آمنتم. وإن أولهم، وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه، فاذا لقوهم اشمأزوا منهم، وقالوا: هؤلاء أصحاب الساحر والاهوج - يعنون محمدا وعليا صلوات الله عليهما -. ثم يقول بعضهم لبعض: احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم على كفر محمد فيما قاله في علي، فينموا عليكم فيكون فيه هلاككم، فيقول أولهم: انظروا إلي كيف أسخر منهم، وأكف عاديتهم عنكم. فاذا التقوا، قال أولهم: مرحبا بسلمان ابن الاسلام الذي قال فيه محمد سيد الانام "" لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجلا من أبناء فارس، هذا أفضلهم "" يعنيك. وقال فيه:(سلمان منا أهل البيت)، فقرنه بجبرئيل الذي قال له يوم العباء لما قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: وأنا منكم؟ فقال: "" وأنت منا ""، حتى ارتقى جبرئيل إلى الملكوت الاعلى يفتخر على أهله و يقول: من مثلي بخ بخ، وأنا من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله. ثم يقول للمقداد: و مرحبا بك يا مقداد، أنت الذي قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي المقداد أخوك في الدين وقد قد منك، فكأنه بعضك، حبا لك. وبغضا لاعدائك وموالاة لاوليائك، لكن ملائكة السماوات والحجب أكثر حبا لك منك لعلي عليه السلام، وأشد بغضا على أعدائك منك على أعداء علي عليه السلام - فطوباك ثم طوباك. ثم يقول لابى ذر: مرحبا بك يا أبا ذر و أنت الذي قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. قيل: بماذا فضله الله تعالى بهذا وشرفه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لانه كان بفضل علي أخي رسول الله قوالا، وله في كل الاحوال مداحا، ولشانئيه وأعدائه شانئا، ولاوليائه وأحبائه مواليا، و سوف يجعله الله عزوجل في الجنان من أفضل سكانها، ويخدمه مالا يعرف عدده إلا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها. ثم يقول لعمار بن ياسر: أهلا وسهلا ومرحبا بك يا عمار، نلت بموالاة أخي رسول الله - مع أنك وادع، رافه لا تزيد على المكتوبات والمسنونات من سائر العبادات - مالا يناله الكاد بدنه ليلا ونهارا، يعني الليل قياما والنهار صياما، والباذل أمواله وإن كانت جميع أموال الدنيا له. مرحبا بك قد رضيك رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي أخيه مصافيا، وعنه مناويا حتى أخبر أنك ستقتل في محبته، وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته، وفقني الله تعالى لمثل عملك وعمل أصحابك ممن يوفر على خدمة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخي محمد علي ولي الله، ومعاداة أعدائهما بالعداوة، ومصافات أوليائهما بالموالاة والمتابعة سوف يسعدنا الله يومنا هذا إذا التقيناكم. فيقبل سلمان وأصحابه ظاهرهم كما أمرهم الله، ويجوزون عنهم. فيقول الاول لاصحابه: كيف رأيتم سخريتي بهؤلاء، وكفي عاديتهم عني وعنكم؟ ! فيقولون: لاتزال بخير ما عشت لنا. فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا فان اللبيب العاقل من(تجرع على) الغصة حتى ينال الفرصة. ثم يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أداه إليهم عن الله عزوجل من ذكرو تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه إماما على كافة المكلفين "" قالوا - لهم - إنا معكم إنما نحن "" على ما واطأناكم عليه من دفع علي عن هذا الامر إن كانت لمحمد كائنة، فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترونا نجترئ عليهم من مداراتهم ف "" إنما نحن مستهزؤن "" بهم. فقال الله عزوجل: يا محمد "" الله يستهزئ بهم "" و يجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة "" ويمدهم في طغيانهم "" يمهلهم ويتأنى بهم برفقه، ويدعوهم إلى التوبة، ويعدهم إذا تابوا المغفرة، وهم يعمهون "" لا ينزعون عن قبيح، ولا يتركون أذى لمحمد صلى الله عليه وآله وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه. قال الامام العالم عليه السلام: فأما استهزاء الله تعالى بهم في الدنيا فهو أنه - مع أجرائه اياهم على ظاهر أحكام المسلمين لاظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة، والموافقة - يأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالتعريض لهم حتى لا يخفى على المخلصين من المراد بذلك التعريض، ويأمره بلعنهم. وأما استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أن الله عزوجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الالوان العجيبة من العذاب، وأقر هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد صلى الله عليه وآله صفي الملك الديان، أطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزؤن بهم في الدنيا حتى يروا ماهم فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات، فتكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم بهم، كما كان لدتهم وسرورهم بنعيمهم في جنان ربهم. فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين والمنافقين بأسمائهم وصفاتهم، وهم على أصناف: منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه.ومنهم من هو بين مخالب سباعها تعبث به وتفترسه. ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها تقع من أيديها عليه ما تشدد في عذابه، وتعظم خزيه ونكاله. ومنهم من هو في بحار حميمها يغرق، ويسحب فيها. ومنهم من هو في غسلينها وغساقها يزجره فيها زبانيتها. ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها. والكافرون والمنافقون ينظرون، فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون - لما كانوا من موالاة محمد وعلي وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون - ويرون: منهم من هو على فرشها يتقلب. ومنهم من هو في فواكهها يرتع. ومنهم من هو في غرفها أو في بساتينها أ ومنتزهاتها يتبحبح، والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم، وطائفون بالخدمة حواليهم، وملائكة الله عزوجل يأتونهم من عند ربهم بالحباء والكرامات وعجائب التحف والهدايا والمبرات، يقولون لهم: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين: يا فلان ! ويا فلان ! ويا فلان ! - حتى ينادونهم بأسمائهم - ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟ هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتخلصوا من عذابكم، وتلحقوا بنا في نعيمها. فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا؟ ف يقول المؤمنون: انظروا إلى هذه الابواب. فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة يخيل إليهم أنها إلى جهنم التي فيها يعذبون، ويقدرون أنهم يتمكنون أن يتخلصوا إليها، فيأخذون بالسباحة في بحار حميمها، وعدوا بين أيدي زبانيتها وهم يلحقونهم ويضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم، فلا يزالون هكذا يسيرون هناك وهذه الاصناف من العذاب تمسهم، حتى إذا قدروا أن قد بلغوا تلك الابواب وجدوها مردومة عنهم وتدهدههم الزبانية بأعمدتها فتنكسهم إلى سواء الجحيم. ويستلقي أولئك المؤمنون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم فذلك قول الله تعالى(الله يستهزئ بهم) وقوله عزوجل:(فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون . على الارائك ينظرون) وقوله عزوجل: "" اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين "": 16 . "