عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيكم إستحى البارحة من أخ له في الله لما رأى به من خلة، ثم كايد الشيطان في ذلك الاخ، ولم يزل به حتى غلبه؟ فقال على عليه السلام: أنا يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حدث يا علي به إخوانك المؤمنين، ليتأسوا بحسن صنيعك فيما يمكنهم، وإن كان أحد منهم لا يلحق ثارك و(لا يشق غبارك) ولا يرمقك في سابقة لك إلى الفضائل إلا كما يرمق الشمس من الارض، وأقصى المشرق من أقصى المغرب. فقال على عليه السلام: يا رسول الله مررت بمزبلة بني فلان، ورأيت رجلا من الانصار مؤمنا قد أخذ من تلك المزبلة قشور البطيخ والقثاء والتين، فهو يأكلها من شدة الجوع، فلما رأيته استحييت منه أن يراني فيخجل، وأعرضت عنه، ومررت إلى منزلي، وكنت أعددت لسحوري وفطوري قرصين من شعير، فجئت بهما إلى الرجل وناولته إياهما وقلت له: أصب من هذا كلما جعت، فان الله عزوجل يجعل البركة فيهما فقال لى: يا أبا الحسن أنا أريد أن أمتحن هذه البركة لعلمي بصدقك في قيلك إني أشتهي لحم فراخ، اشتهاه علي أهل منزلي. فقلت له: اكسر منهما لقما بعدد ما تريده من فراخ، فان الله تعالى يقلبها فراخا بمسألتي إياه لك بجاه محمد وآله الطيبين الطاهرين. فأخطر الشيطان ببالي فقال: يا أبا الحسن تفعل هذا به ولعله منافق؟ فرددت عليه: إن يكن مؤمنا فهو أهل لما أفعل معه وإن يكن منافقا، فأنا للاحسان أهل، فليس كل معروف يلحق بمستحقه وقلت له: أنا أدعو الله بمحمد وآله الطيبين ليوفقه للاخلاص والنزوع عن الكفر إن كانت منافقا، فان تصدقي عليه بهذا أفضل من تصدقي عليه بهذا الطعام الشريف الموجب للثراء والغناء، فكايدت الشيطان، ودعوت الله سرا من الرجل بالاخلاص بجاه محمد وآله الطيبين.فارتعدت فرائص الرجل وسقط لوجهه، فأقمته. وقلت له: ماذا شأنك؟ قال: كنت منافقا شاكا فيما يقوله محمد وفيما تقوله أنت، فكشف لي الله عن السماوات والحجب فأبصرت الجنة، وأبصرت كلما تعدان به من المثوبات، وكشف لي عن أطباق الارض فأبصرت جهنم، وأبصرت كلما ت توعدان به من العقوبات. فذاك حين وقر الايمان في قلبي، وأخلص به جناني، وزال عني الشك الذي كان يعتورني فأخذ الرجل القرصين، وقلت له: كل شئ تشتهيه فاكسر من القرص قليلا، فان الله يحوله ما تشتهيه وتتمناه وتريده. فما زال كذلك ينقلب لحما، وشحما، وحلواء، ورطبا، وبطيخا، وفواكه الشتاء وفواكه الصيف، حتى أظهر الله تعالى من الرغيفين عجبا، وصار الرجل من عنقاء الله من النار(ومن عبيده المصطفين) الاخيار. فذلك حين رأيت جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت قد قصدوا الشيطان كل واحد منهم بمثل جبل أبي قبيس، فوضع أحدهم عليه، وبنيه بعضهم على بعض فتهشم. وجعل إبليس يقول: يا رب وعدك وعدك، ألم تنظرني إلى يوم يبعثون؟ فاذا نداء بعض الملائكة: أنظرتك لئلا تموت، ما أنظرتك لئلا تهشم وترضض. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن كما كايدت الشيطان فأعطيت في الله من نهاك عنه وغلبته، فان الله تعالى يخزي عنك الشيطان، وعن محبيك، ويعطيك في الآخرة بعدد كل حبة خردل مما أعطيت صاحبك(وفيما تمناه من الله، وفيما يمنيه الله منه درجة في الجنة من ذهب) أكبر من الدنيا، من الارض إلى السماء، وبعدد كل حبة منها جبلا من فضة كذلك، وجبلا من لؤلؤ، وجبلا من ياقوت، وجبلا من جوهر، وجبلا من نور رب العزة كذلك، وجبلا من زمرد، وجبلا من زبرجد كذلك وجبلا من مسك، وجبلا من عنبر كذلك. وإن عدد خدمك في الجنة أكثر من عدد قطر المطر والنبات وشعور الحيوانات بك يتمم الله الخيرات، ويمحو عن محبيك السيئات، وبك يميز الله المؤمنين من الكافرين، والمخلصين من المنافقين، وأولاد الرشد من أولاد الغي. "