Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" ثم قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: أما إن الله عزوجل كما (أمركم) أن تحتاطوا لانفسكم وأديانكم وأموالكم، باستشهاد الشهود العدول عليكم. فكذلك قد احتاط على عباده ولهم في استشهاد الشهود عليهم فلله عزوجل على كل عبد رقباء من خلقه، ومعقبات من بين يديه، ومن خلفه، يحفظونه من أمر الله ويحفظون عليه ما يكون منه: من أعماله، وأقواله، وألفاظه، وألحاظه، فالبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أو عليه، والليالي والايام والشهور شهود عليه أو له، وساير عباد الله المؤمنين شهود له أو عليه، وحفظته الكاتبون أعماله شهود له أو عليه، فكم يكون يوم القيامة من سعيد بشهادتها له، وكم يكون يوم القيامة من شقي بشهادتها عليه. إن الله عزوجل يبعث يوم القيامة عباده أجمعين وإماء‌ه، فيجمعهم في صعيد واحد فينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي، ويحشر الليالي والايام، وتستشهد البقاع والشهور على أعمال العباد، فمن عمل صالحا شهدت له جوارحه وبقاعه، وشهوره، وأعوامه وساعاته، وأيامه وليالي الجمع وساعاتها وأيامها، فيسعد بذلك سعادة الابد ومن عمل سوء‌ا شهدت عليه جوارحه، وبقاعه، وشهوره، وأعوامه، وساعاته وأيامه وليالي الجمع وساعاتها وأيامها، فيشقى بذلك شقاء الابد. ألا فاعملوا اليوم ليوم القيامة، وأعدوا الزاد ليوم الجمع يوم التناد، وتجنبوا المعاصي، فبتقوى الله يرجى الخلاص، فان من عرف حرمة رجب وشعبان، ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الاعظم، شهدت له هذه الشهور يوم القيامة، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها. وينادى مناد: يا رجب ويا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم؟ وكيف كانت طاعته لله عزوجل؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان: يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك، واستمدادا لمواد فضلك، ولقد تعرض بجهده لرضاك، وطلب بطاقته محبتك. فيقول للملائكة الموكلين بهذه الشهور: ماذا تقولون في هذه الشهادة لهذا العبد؟ فيقولون: يا ربنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان، ما عرفناه إلا متقبلا في طاعتك مجتهدا في طلب رضاك، صائرا فيه إلى البر والاحسان، ولقد كان بوصوله إلى هذه الشهور فرحا مبتهجا وأمل فيها رحمتك، ورجلى فيها عفوك ومغفرتك، وكان عما منعته فيها ممتنعا، وإلى ما ندبته إليه فيها مسرعا، لقد صام ببطنه، وفرجه، وسمعه، وبصره، وسائر جوارحه ويرجو درجة ولقد ظلمأ في نهارها، ونصب في ليلها، وكثرت نفقاته فيها على الفقراء والمساكين، وعظمت أياديه وإحسانه إلى عبادك، صحبها أكرم صحبة، وودعها أحسن توديع، أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك، ولم يهتك عند إدبارها ستور حرماتك، فنعم العبد هذا. فعند ذلك يأمر الله تعالى بهذا العبد إلى الجنة، فتلقاه الملائكة بالحباء والكرامات ويحملونه على نجب النور، وخيول البراق ويصير إلى نعيم لا ينفد، ودار لا تبيد ولا يخرج سكانها، ولا يهرم شبانها، ولا يشيب ولدانها، ولا ينفد سرورها وحبورها ولا يبلى جديدها، ولا يتحول إلى الغموم سرورها، لا يمسهم فيها نصب، ولا يمسهم فيها لغوب، قد أمنوا العذاب، وكفوا سوء الحساب، كرم منقلبهم ومثواهم. "


   Back to List