عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" قال الامام عليه السلام: قال علي بن الحيسن عليهما السلام:(ليس البر أن تولوا) الآية قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما فضل عليا عليه السلام وأخبر عن جلالته عند ربه عزوجل، وأبان عن فضائل شيعته وأنصار دعوته، ووبخ اليهود والنصارى على كفرهم، وكتمانهم لذكر محمد وعلي وآلهما عليهمالسلام في كتبهم بفضائلهم ومحاسنهم، فخرت اليهود والنصارى عليهم. فقالت اليهود "": قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة موسى التي أمرنا بها. وقالت النصارى: قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة عيسى التي أمرنا بها. وقال كل واحد من الفريقين: أترى ربنا يبطل أعمالنا هذه الكثيرة، وصلواتنا إلى قبلتنا لانا لانتبع محمدا على هواه في نفسه وأخيه؟ ! فأنزل الله تعالى: قل يا محمد صلى الله عليه وآله(ليس البر) الطاعة التي تنالون بها الجنان وتستحقون بها الغفران والرضوان. (أن تولوا وجوهكم) بصلاتكم(قبل المشرق) أيها النصارى،(و) قبل(المغرب) أيها اليهود، وأنتم لامر الله مخالفون وعلى ولي الله مغتاظون. (ولكن البر من آمن بالله) بأنه الواحد الاحد، الفرد الصمد، يعظم من يشاء ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء ويذله، لا راد لامره، ولا معقب لحكمه وآمن ب(اليوم الآخر) يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمد سيد المرسلين وبعده علي أخوه ووصيه سيد الوصيين، والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره، فسار فيها إلى جنات النعيم، هو وإخوانه وأزواجه وذرياته والمحسنون إليه، والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيته ظلماتها فيسير فيها إلى العذاب الاليم هو وشركاؤه في عقده ودينه ومذهبه، والمتقربون كانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم منه. والتي تنادي الجنان فيها: إلينا، إلينا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وعنا عنا أعداء محمد وعلي وأهل مخالفتهما. وتنادي النيران: عنا عنا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وإلينا إلينا أعداء محمد وعلي وشيتهما. يوم تقول الجنان: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما، وأن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه، فاملا انا بشيعتكما، مرحبا بهم وأهلا وسهلا. وتقول النيران: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما، وأن يحرق بنا من تأمراننا بحرقه، فاملا انا بأعدائكما. (والملائكة) ومن آمن بالملائكة بأنهم عباد معصومون، لا يعصون الله عزوجل ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وإن أشرف أعمالهم في مراتبهم التي قد رتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد وآله الطيبين، واستدعاء رحمة الله ورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لاعدائهم المجاهرين والمنافقين. (والكتاب) ويؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله، مشتملا على ذكر فضل محمد وعلي عليهما السلام سيد(المسلمين والوصيين) والمخصوصين بمالم يخص به أحدا من العالمين، وعلى ذكر فضل من تبعهما وأطاعهما من المؤمنين، وبغض من خالفهما من المعاندين والمنافقين. (والنبيين) ومن آمن بالنبيين أنهم أفضل خلق الله أجمعين، وأنهم كلهم دلوا على فضل محمد سيد المرسلين، وفضل علي سيد الوصيين، وفضل شيعتهما على سائر المؤمنين بالنبيين؟ وبأنهم كانوا بفضل محمد وعلي معترفين ولهما بما خصهما الله به مسلمين، وإن الله تعالى أعطى محمدا صلى الله عليه وآله من الشرف والفضل مالم تسم إليه نفس أحد من النبيين إلا نهاه الله تعالى عن ذلك وزجره وأمره أن يسلم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين فضلهم، وأن الله قد فضل محمدا بفاتحة الكتاب على جميع النبيين، وما أعطاها أحدا قبله إلا ما أعطى سليمان بن داود عليه السلام منها "" بسم الله الرحمن الرحيم "" فرآها أشرف من جميع ممالكه التي أعطيها. فقال: يارب ما أشرفها من كلمات إنها لآثر عندي من جميع ممالكي التي وهبتها لي. قال الله تعالى: يا سليمان وكيف لا يكون كذلك وما من عبد ولا أمة سماني بها إلا أوجبت له من الثواب ألف ضعف ما أوجب لمن تصدق بألف ضعف ممالكك. يا سليمان، هذه سبع ما أهبه لمحمد سيد النبيين، تمام فاتحة الكتاب إلى آخرها. فقال: يا رب أتأذن لي أن أسألك تمامها؟ قال الله تعالى: يا سليمان اقنع بما أعطيتك، فلن تبلغ شرف محمد، وإياك أن تقترح علي درجة محمد وفضله وجلاله، فاخرجك عن ملكك كما أخرجت آدم عن تلك الجنان لما اقترح درجة محمد في الشجرة التي أمرته أن لا يقربها، يروم أن يكون له فضلهما، وهي شجرة أصلها محمد، وأكبر أغصانها علي، وسائر أغصانها آل محمد على قدر مراتبهم، وقضبانها شيعته وأمته على قدر مراتبهم وأحوالهم، إنه ليس لاحد(يا سليمان من درجات الفضائل عندي ما لمحمد). فعند ذلك قال سليمان: يا رب قنعني بما رزقتني.فأقنعه. فقال: يا رب سلمت ورضيت، وقنعت وعلمت أن ليس لاحد مثل درجات محمد. (وآتى المال على حبه) أعطى في الله المستحقين من المؤمنين على حبه للمال وشدة حاجته إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لانه صحيح شحيح. (ذوي القربى) أعطى لقرابة النبي الفقراء هدية أوبرا لا صدقة، فان الله عزوجل قد أجلهم عن الصدقة، وآتى قرابة نفسه صدقة وبرا وعلى أي سبيل أراد. (واليتامى) وآتى اليتامى من بني هاشم الفقراء برا، لا صدقة، وآتى يتامى غيرهم صدقة وصلة. (والمساكين) مساكين الناس. (وابن السبيل) المجتاز المنقطع به لا نفقة معه. (والسائلين) الذين يتكففون ويسألون الصدقات. (وفى الرقاب) المكاتبين يعينهم ليؤدوا فيعتقوا. قال: فان لم يكن له مال يحتمل المواساة، فليجدد الاقرار بتوحيد الله، ونبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، وليجهر بتفضيلنا، والاعتراف بواجب حقوقنا أهل البيت وبتفضيلنا على سائر آل النبيين وتفضيل محمد على سائر النبيين، وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا، والبراءة منهم كائنا من كان، آباءهم وأمهاتهم وذوي قراباتهم وموداتهم، فان ولاية الله لا تنال إلا بولاية أوليائه ومعاداة أعدائه. (وأقام الصلوة) قال: والبر، بر من أقام الصلاة بحدودها، وعلم أن أكبر حدودها الدخول فيها، والخروج منها معترفا بفضل محمد صلى الله عليه وآله سيد عبيده وإمائه والموالاة لسيد الاوصياء وأفضل الاتقياء علي سيد الابرار، وقائد الاخيار، وأفضل أهل دار القرار بعد النبي الزكي المختار. (وآتى الزكوة) الواجبة عليه لا خوانه المؤمنين، فان لم يكن له مال يزكيه فزكاة بدنه وعقله، وهو أن يجهر بفضل علي والطيبين من آله إذا قدر، ويستعمل التقية عند البلايا إذا عمت، والمحن إذا نزلت، والاعداء إذا غلبوا، ويعاشر عباد الله بما لا يثلم دينه، ولا يقدح في عرضه. وبما يسلم معه دينه ودنياه، فهو باستعمال التقية يوفر نفسه على طاعة مولاه، ويصون عرضه الذي فرض الله عليه صيانته، ويحفظ على نفسه أمواله التي قد جعلها الله له قياما، ولدينه وعرضه وبدنه قواما، ولعن المغضوب عليهم الآخذين من الخصال بأرذلها، ومن الخلال بأسخطها لدفعهم الحقوق عن أهلها وتسليمهم الولايات إلى غير مستحقها. ثم قال:(والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) قال: ومن أعظم عهودهم أن لا يستروا ما يعلمون من شرف من شرفه الله، وفضل من فضله الله، وأن لا يضعوا الاسماء الشريفة على من لا يستحقها من المقصرين والمسرفين الضالين الذين ضلوا عمن دل الله عليه بدلالته واختصه بكراماته، الواصفين له بخلاف صفاته، والمنكرين لما عرفوا من دلالاته وعلاماته، الذين سموا بأسمائهم من ليسوا بأكفائهم من المقصرين المتمردين. ثم قال:(والصابرين في البأساء) يعني في محاربة الاعداء، ولا عدو يحاربه أعدى من إبليس ومردته، يهتف به، ويدفعه وإياهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين عليهمالسلام. (والضراء) الفقر والشدة، ولا فقر أشد من فقر المؤمن، يلجأ إلى التكفف من أعداء آل محمد، يصبر على ذلك، ويرى ما يأخذه من ماله مغنما يلعنهم به، ويستعين بما يأخذه على تجدد ذكر ولاية الطيبين الطاهرين. (وحين البأس) عند شدة القتال يذكر الله، ويصلى على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي ولي الله، ويوالي بقلبه ولسانه أولياء الله، ويعادي كذلك أعداء الله. قال الله عزوجل:(اولئك) أهل هذه الصفات التي ذكرها، والموصوفون بها الذين صدقوا) في إيمانهم فصدقوا أقاويلهم بأفاعيلهم. (وأولئك هم المتقون) لما أمروا باتقائه من عذاب النار، ولما أمروا باتقائه من شرور النواصب الكفار. قوله عزوجل: "" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حيوة يا اولى الالباب لعلكم تتقون "": 179 "